تحقيقاتصحيفة البعث

رفاق السوء.. انحراف عن سكة التربية القويمة وانحدار إلى المجهول

منعت أم سامي رفيق ابنها من الدخول إلى منزلها بعد أن قدّمت له حجة “أنه نائم”، وذلك إثر اكتشافها تأثير رفيق ابنها عليه بشكل سلبي شيئاً فشيئاً، فتارة يعلمه التدخين، وأخرى يساعده في الدخول إلى مواقع إباحية من خلال شبكة الانترنت، ومرات عديدة يحاول إرغامه على ارتياد الكافي نت لشرب النرجيلة، وأحياناً في وقت متأخر من الليل، لتغدو الدراسة آخر ما يفكر به، متحدياً أهله ونظام البيت وقوانينه وضارباً عرض الحائط بالمبادئ والقيم والأخلاق التي تربى عليها.

انحدار إلى المجهول
أغلب الأمهات عبّرن عن قلقهن على أبنائهن وبناتهن من رفاق السوء وغدر الصحبة والأيام، حيث أكدن أن المجتمع ينحدر بأبنائه إلى المجهول نتيجة انتشار التدخين والنرجيلة بشكل كبير بين الفتيان والفتيات وبعمر صغير، وتعاطي المخدرات وانتشار شبكة الانترنت والاستخدام المفرط لها من قبل الشباب بطيش بعيداً عن الوعي وتحكيم العقل، الأمر الذي يفرض على الأهل مسؤوليات جمّة بمراقبة أبنائهم بشكل دائم وآنيّ لإنقاذهم من الوقوع في مغبة الجهل والجرائم والضياع.

السعي للمصلحة الشخصية
واعتبرت ميساء دكدوك المرشدة النفسية أن رفاق السوء هم الأشخاص الذين لا يتمنون الخير لأصدقائهم ويدلونهم على أفعال الشرور وارتكاب الأخطاء، ويفكرون بمصالحهم الشخصية ويسعون إلى تحقيقها على حساب مصلحة الآخرين، ولو تسبّب ذلك بالأذى المادي والنفسي والمعنوي للغير، مبينة أن صفاتهم تكون واضحة لأغلب الناس المحيطين بهم، كالخيانة وعدم الوفاء، والاستغناء عن الصديق في أي وقت ينهي صحبتهم بانتهاء مصلحتهم، لافتة إلى أن رفقاء السوء كاذبون والكاذب سيئ وأفعاله كلها تحمل صفاته.

إشارات دالة
وأوضحت دكدوك أن الإشارات التي تدلّ على وجود رفقة السوء في حياة الأبناء، حبهم للعزلة وعدم اختلاطهم بالعائلة وتدني تحصيلهم الدراسي، مشيرة إلى أن رفاق السوء هم سبب فساد أخلاق الإنسان، فعندما يحاط برفقة سوء يتأثر بهم بشكل كبير بسبب حثهم المستمر له على ارتكاب الأخطاء والمعاصي، لأن النفس الإنسانية بطبعها تتأثر بشكل كبير بما يطرق مسامعها ويداعب تطلعاتها وشهواتها من الكلام الذي يزين الباطل والعبارات المنمّقة التي تؤثر فيها “فالنفس أمارة بالسوء”!.

تخريب المستقبل
وأضافت: إن رفقة السوء تؤدي بالإنسان إلى الهلاك والضياع، فكثير من رفقاء السوء يجعلون الإنسان يرتكب أموراً قد تنعكس آثارها سلباً عليه في حياته، كالتدخين والمخدرات والسرقة ولعب القمار وشرب الخمر، ما يؤدي إلى تخريب مستقبل الإنسان ولزوم الصفة السيئة به طوال الحياة، كما تؤدي إلى تدمير الحياة الشخصية والاجتماعية له ما يؤدي إلى عزلته في المجتمع.

بصمات إيجابية شاملة
إن لمصاحبة الرفاق الأخيار ومجالستهم أهمية عظيمة لما فيها من تعزيز حب الخير للغير والتطلع إلى الجمال، وتعزيز الرغبة في الوصول إلى النهايات الحسنة في كل عمل، وهنا توضح المرشدة أن صحبة الأخيار تحثّ دوماً على الصدق في القول والعمل وتساعد على تقوية الهمة والعزيمة على مساعدة الغير معنوياً ومادياً، كما أن صحبتهم تجعل الإنسان ينظر إلى نفسه بالنقص وتحثه على تحسين سلوكه، مشيرة إلى أن صحبة الأخيار تحثّ على تحصيل العلم النافع وتدعو إلى الأخلاق الفاضلة، يكفينا لصحبتهم ما نقرأ عن الشخصيات الإيجابية الخيّرة في صفحات التاريخ لنبحث عن الرفاق الأخيار، وأن وجود الأخيار في المجتمع وصحبتهم يؤدي إلى تقلص المشكلات والجرائم وإلى سيادة العدالة والتطلّع إلى الحق والخير والجمال، كما تؤثر إيجابياً في نفوس الأفراد وتترك بصماتها الطيبة على المجتمع بشكل عام وعلى الأسرة بشكل خاص.

التحلي بصفات كريمة
وهناك صفات ظاهرة تميّز الأخيار عن غيرهم، وأهمها برأي المرشدة الصدق والأمانة والوفاء والبذل والعطاء والدافعية لمساعدة الآخرين، كما أنهم يدركون قيمة الوقت وإدارته والحرص على تذكير الأصحاب لعمل الخير كمبدأ أخلاقي قبل أن يكون لوجه الله تعالى.

التربية الأخلاقية وغرس القيم الإيجابية
يتأثر الطفل أو الشاب بمن يرافق، لأن الإنسان بطبعه يتأثر بالبيئة التي يسكنها وبالناس المحيطين، وبذلك يستطيع الأهل إبعاد أبنائهم عن رفقاء السوء، وذلك يكون حسب دكدوك بالتربية الأخلاقية أولاً، وغرس القيم الإيجابية بفكرهم، والتربية الدينية الحقة الصحيحة بعيداً عن التطرف والتشويه، كذلك ملء وقت الفراغ بهواية يحبها الأبناء عن طريق قراءة سيرة الأشخاص الأخيار من العلماء والأدباء، ولا بد من التعرف إلى أسرة الرفيق الذي يختاره الابن ومراقبة سلوكه، وإعطاء الأبناء فرصة الاختيار مع ضرورة المتابعة والتوجيه واستمرار الحوار وإنشاء علاقة أخوية وصداقة وصراحة بينهما.

دارين حسن