تحقيقاتصحيفة البعث

الواقع يدحض تأكيدات “النقل الداخلي”.. عدم الالتزام وتقاضي أجور مضاعفة يقضّان مضاجع الركاب

في الوقت الذي تصر فيه كل من محافظة ريف دمشق، والشركة العامة للنقل الداخلي في دمشق وريفها، على التذكير دائماً بأنهما تمكنتا من تغطية أغلب مناطق الريف بالباصات، سرعان ما يلحظ المراقب على الأرض عدم وجود أثر لذلك، وفي وقت يكون الناس بأمس الحاجة لها لكسر عمليات الابتزاز التي يمارسها سائقو التكسي بحقهم، لا يجدون هذه الباصات، وعند التحدث مع مراقبي الخطوط عن هذه الظاهرة يؤكدون أن جميعها تعمل على الخط!.

بأم العين

وقد وقفت “البعث” على خلاف هذا الأمر في أحد الخطوط التي يفترض أن أربعة باصات تعمل عليها، حيث يؤدي تغيب هذه الباصات أو أحدها عن الخط إلى إفساح المجال للشركات الخاصة لتغطية النقص، وهذه الشركات تغطي الخط على طريقتها، وتنهيه بخلاف نهايته المعروفة، وحتى خط السير تخالفه، فبعد نحو ساعة كاملة من الانتظار في موقف ما لم يحضر سوى باصين معاً، الأول تجاوز إشارة المرور الحمراء، والآخر كان مليئاً بالركاب، وتم الانتظار نحو نصف ساعة إضافية ولم يحضر الباص، ليتبيّن فيما بعد أن الخط تمت تغطيته بباصات شركة خاصة!

فإذا كان عدد الباصات يغطي بالفعل عدد الركاب على الخط، فإن الازدحام الرهيب للركاب في نهاية الخط، وعدم التمكن من تغطيته إلا من خلال الشركات الخاصة، يشيان بنوع آخر من التجاوزات التي ربما تصل إلى بيع الخط إلى الأخيرة، إما بعلم الشركة العامة للنقل الداخلي، أو من خلال السائقين، خاصة أن اللعب الآن يتم للحصول على المازوت المدعوم، وبيعه في السوق السوداء، وهذا يفترض أن تتم تغطيته كيلومترياً، فما الذي يحصل على وجه الحقيقة؟.

أزمة خانقة

للوقوف على حقيقة الأمر تحدثت “البعث” إلى عامر خلف عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق لشؤون النقل الذي قال: إن هناك أزمة محروقات خانقة، وقد تم تخفيض مخصصات المازوت والبنزين إلى النصف تقريباً للتمكن من إدارة المخزون، خاصة أن أزمة جنوح السفينة في قناة السويس ألقت بظلالها على إمدادات النفط في العالم كله، وليس فقط في سورية، مشيراً إلى أن المحافظة قامت مؤخراً بمعاقبة عدد كبير من أصحاب السرافيس الذين يحصلون على المازوت المدعوم ويبيعونه في السوق السوداء لإلزامهم بالعمل على خطوطهم وعدم تغييرها.

بدوره عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق لشؤون المحروقات والتموين ريدان الشيخ أكد الكلام السابق، وأشار إلى أن شركة النقل الداخلي تعاني كغيرها من نقص مادة المازوت، وأنه تم تخفيض الطلبات إلى النصف تقريباً لإدارة المخزون المتوفر من المحروقات، وأن فرضية قيام شركة النقل الداخلي ببيع الخطوط إلى الخاص غير واردة.

تهرّب

وفيما يخص قيام شركات النقل الخاصة بتغطية النقص الحاصل على بعض الخطوط نتيجة غياب الشركة العامة للنقل الداخلي عن التغطية، حاولنا التحدث هاتفياً مع مازن الدباس عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق لشؤون النقل، غير أننا لم نتمكن من ذلك رغم التزامنا بما طلبته منا العاملات في مكتبه من الاتصال لاحقاً!.

وهنا عدنا بالسؤال إلى خلف الذي أبدى استغرابه من إرسال باصات إحدى شركات النقل الخاص إلى جديدة عرطوز لأنها تخدم منطقة صحنايا بواقع 20 باصاً، وأشار إلى أنه سيتحدث مع الدباس حول طلب المؤازرة من هذه الشركة على خط عرطوز.

مخالفة صريحة

وعندما قلنا له إننا وقفنا على قيام أحد سائقي الشركة الموما إليها آنفاً بتقاضي أجور مضاعفة من الركاب على خط عرطوز الذي أنهاه على مفرق الجديدة ليقوم بفتح رحلة جديدة إلى قطنا بأجر 300 ليرة للراكب، طلب منا تقديم شكوى خطية بهذا الشأن لمتابعتها!.

هذه المخالفة الصريحة التي شاهدناها على خط جديدة عرطوز تشي بارتكاب من نوع خاص، حيث تم إنهاء الخط عند مفرق جديدة عرطوز بضعف الأجرة، ثم إتمام الخط من هناك إلى قطنا بمبلغ ثلاثمئة ليرة للراكب الذي لا حول له ولا قوة!.

وما يثير الريبة في هذا الأمر أنه لدى التوجه بالشكوى إلى دورية المرور الموجودة على أحد مفارق الريف حول عدم إكمال باصات النقل الخاصة الخطوط إلى نهايتها، أكدت الدورية أن الباصات أنهت الخط حسب المهمة الممنوحة لها، وأنها تقوم بتغطية الخطوط التي تخلت عن خدمتها شركة النقل الداخلي منذ الظهيرة، الأمر الذي اضطر عمليات المرور إلى طلب مؤازرة الشركات الخاصة، حسب الدورية!.

مراقب الخط في الشركة بدوره أنكر غياب باصات النقل الداخلي العاملة على الخط، وقال إنه سيتأكد بنفسه من صحة الأمر، وأثناء تحدثنا معه كان سائق الباص يقول للركاب إنه لن يعود ثانية إلى جديدة عرطوز، علماً أنها الرحلة الأولى للباص في الواردية المسائية!.

سؤال عريض

في المحصلة، هناك سؤال لابد منه: إذا كانت شركة النقل الداخلي الحكومية لا تستطيع تغطية الخطوط بسبب أزمة المازوت، فكيف تستطيع الشركات الخاصة تأمين المازوت لتغطية النقص، ألا يدفع كل ذلك إلى تثبيت فرضية إخلاء الخطوط للشركات الخاصة لفرض أسعارها على المواطنين، وبالتالي الانتقال إلى الخصخصة تدريجياً؟! وهل هناك من يسعى فعلاً من داخل الشركة للدفع بهذا الاتجاه؟!.

طلال ياسر الزعبي