ثقافةصحيفة البعث

مسلسل دنيا في جزئه الثاني.. أفكار مكررة دون إضافة أو تجديد

من المتعارف عليه أن الفن المرئي يختلف عن أي فنّ إبداعي آخر، لأنه من أكثر الفنون تواصلاً مع مختلف شرائح المجتمع، ولاسيما بعد أن حلّت الشاشة الصغيرة ضيفاً إجبارياً على معظم بيوت الناس، ونجحت في أخذ الكبير قبل الصغير من الكتاب والمجلة ودور السينما وشدته إلى بريقها الأخاذ من خلال ما تقدمه من برامج متنوعة وأعمال درامية مختلفة غالباً ما تجد شهر رمضان المبارك الفرصة الأهم في عرض وتقديم ما تراكم من أعمال فنية قديمة وجديدة، يزخر الشهر المبارك بها من الأعمال المختلفة مما يحيّر المشاهد الذي لم يعد يعرف على أي قناة تقف يده التي لا تترك جهاز التحكم لحظة واحدة، ومع ذلك فقد استطاعت القنوات الوطنية أن تقدّم لمشاهديها وجبة دسمة من الأعمال الفنية، كان منها الدراما التاريخية والاجتماعية والفكاهية التي وصل بعضها حدّ التهريج السطحي الذي لم يقدم للمشاهد غير النرفزة والضرب على أعصابه، ولم تسفر في النهاية سوى عن معيار واضح وصريح لتراجع فن الكوميديا وسقوطها في مطب الأداء المفتعل والحركة المصطنعة والحوار الممل.

لقد عشنا في المرحلة السابقة مع مسلسلات على أساس أنها كوميدية، غير أنها لم تقترب من الكوميديا بصلة، بل على العكس زادت من هموم المشاهد، ففي مسلسل دنيا بجزئه الثاني الذي عُرض مؤخراً على إحدى شاشاتنا الوطنية، أخفقت الفنانة أمل عرفة كاتبة وبطلة العمل في تقديم نفسها بكل أناقة، وبدلاً من تطوير أدائها وشخصيتها التي نالت محبة وإعجاب الكثيرين في الجزء الأول من العمل، بدت في الجزء الثاني تكراراً لشخصيتها الأولى دون أي تجديد وحافظت على جملتها الشهيرة (لا بشوف ولا بسمع ولا بحكي) التي باتت مستهلكة وغير مناسبة، وكنّا نتوقع من العمل في جزئه الثاني أن يقدم أفكاراً جديدة بعيدة عن التهريج، لكن غالبية حلقات العمل جاءت فارغة المضمون، وبدا المسلسل برمته يعتمد على شخصية دنيا، فيما كان الممثلون الآخرون مجرد كومبارس لا أكثر، ولم يقدّم المسلسل أي أفكار جديدة في حلقاته التي امتدت على ثلاثين حلقة عجاف جاءت غالبيتها بعيدة عن الكوميدية العفوية والحركات البريئة التي لمسناها في الجزء الأول من المسلسل، ولم يوفق مخرج العمل باختياره لشخوص العمل، فلم يكن حضور الفنان أيمن رضا مقنعاً بل كان عبئاً على العمل لكونه لم ينجح في أداء دوره بتلك العفوية التي نريدها ونتمناها منه كفنان قدّم لنا العديد من الأعمال الكوميدية، وكانت لهجته التي أتحفنا بها في المسلسل غير محبّبة وجاء وقعها على مسامع المشاهدين ممجوجاً، وبالمجمل كان أداؤه سطحياً وتهريجياً وغير ملبٍ للعمل، ولم يقدم أي شيء جديد يقنعنا فيه، فيما أداء غالبية الممثلين لم يكن ناجحاً وبدت كاميرا مخرج العمل متواضعة في ضبط إدارة مقدرات أبطاله الذين لم يوفقوا على الإطلاق في أداء أدوارهم، فجاءت دون حرفية أو حرارة مشخصين وليس مجسدين رغم أن أغلبهم يعتبر من نجوم الدراما السورية، ولعلي أحمّل المخرج جزءاً من المسؤولية عن هذا الضعف لعدم توفيقه بوضع الممثل المناسب في المكان المناسب، ولا نريد هنا أن ندخل في الهفوات الإخراجية التي كانت واضحة للجميع.

عموماً فكرة الأجزاء والفاصل الزمني بينها أثبتت فشلها، وإن كانت فكرة الأجزاء رائجة ومربحة، فالأفضل أن تكون مدروسة بشكل يتناسب مع نمو ذائقة المتابع الذي بات يميّز ما بين الغث والسمين.

مهند الحسني