تحقيقاتصحيفة البعث

“ألغام موقوتة” في عقود بيع السيارات المستعملة.. ومطالبات بعقود موحدة عادلة

لاشك أن الأصوات التي تطالب الجهات المعنية بتنظيم عمليات بيع السيارات المستعملة، في المحافظة، أوفي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، على صواب، ولاسيما لجهة فرض عقود موحدة لبيع السيارات المستعملة، تكفل مصالح الطرفين، خصوصاً في حال وجود عيب أساسي أو مكلف في السيارة، وتعمّد تغطيته من قبل صاحب السيارة، أو مكاتب السيارات الوسيطة، وذلك بشكل مؤقت، وغير مهني، ما يعتبر نوعاً من الغش والتغرير بالمستهلكين، وفق تعبير بعضهم، حيث يشيرون إلى أنهم تعرّضوا للغش من قبل أصحاب مكاتب سيارات، ليكتشفوا بعدها (ألغاماً موقوتة) في عقود الشراء الجاهزة بعد توقيعها في مكاتب السيارات، كونهم لم يتنبهوا إلى جملة مكتوبة في العقد مفادها أنه (تمّت معاينة السيارة من قبل المشتري معاينة نافية للجهالة)، والتي لم يتوقفوا عندها وقت توقيع عقد الشراء، ليكتشفوا أن وجودها أفقدهم حق مراجعة البائع لوجود عطل أساسي في السيارة، على مبدأ أنهم اطلعوا على كامل تفاصيل السيارة سابقاً وفقاً لمعنى النص السابق، وتمّت عملية البيع على بيّنة، وعلى مبدأ العقد شريعة المتعاقدين!.

ومن جانبه دعا عضو المكتب التنفيذي لقطاع الثقافة والسياحة في محافظة دمشق المحامي فيصل سرور، والمعنيّ بملف مكاتب السيارات في دمشق، المتعاملين إلى التنبّه لشروط العقد عند الشراء، وإتمام عملية فحص المركبة بشكل كامل، لافتاً إلى أن غالبية تلك المشكلات تقع عند لجوء المتعاملين إلى ما يُسمّى بـ(الشقيعة) في السوق، والذين يقومون بممارسات خارج العرف المرعي في سوق السيارات، بتغطية العيوب، والتلاعب على المشتري.. وغيرها.

وبالنسبة للعقود، أشار سرور، إلى أن وضع جملة (لا تحمل أي غش أو تدليس)، في وصف السيارة يكفي لحماية المشتري، غير أن مكاتب السيارات ترفض كتابة عقد خاص للزبون، وغالباً ما تكون عقود بيع السيارات جاهزة بانتظار التوقيع.

وقال سرور: إنه من الممكن طرح مطالبات المواطنين باعتماد عقود ثابتة لبيع السيارات المستعملة، على الجهات المعنية، ودراسة البعد القانوني، والجدوى من تطبيقها، فضلاً عن دراسة تقنين العملية بشكل عام، وحماية المتعاملين، والحفاظ على مصالح التّجار في الوقت نفسه.

ولفت سرور، إلى أن مكاتب السيارات الحالية في غالبيتها تعمل بوصفها وسطاء، يؤمنون فرصة بيع السيارة لصاحبها، ولا يملك غالبيتهم رأسمال لشراء سيارات وعرضها، وبالتالي تصليح عيوبها في حال وجودها، مشيراً إلى أن غالبيتهم لا يملكون حق تحديد السعر أو التدخل به، والذي يتمّ تحديده من قبل صاحب السيارة، مقابل نسبة للمكتب الوسيط.

وفي الوقت الذي أشار مواطنون، إلى أنهم لم يقرؤوا عقد شراء السيارة الخاصة بهم، إنما اعتمدوا على إتمام عملية الفراغ للتأكد من عدم وجود ما يمنع من تسجيل السيارة، لفتوا إلى أن أصحاب المكاتب سيرفضون تغيير شروط العقد، خصوصاً وأن السيارات مستعملة ومتهالكة في بعض الأحيان، كما أنها لا تخصّهم، بل تخصّ أصحابها، وهم يقومون بدور الوسطاء فقط، ومن الصعب للغاية إقناعهم بتغيير شروط العقد.

واعتبر المتعاملون، أن سوق السيارات اليوم، يعتمد على الشطارة والخبرة، ولا يمكن التعامل فيه بوصفه سوقاً لنوع من السلع الثمينة والمرتفعة الثمن، ولا يشمله أية معايير تجارية، وأن على المشتري تفقد السيارة وفحصها بدقة من خلال خبراء في المجال ومعرفة عيوبها، ومطابقة سعرها مع المواصفات الموجودة ومثيلاتها في السوق لإتمام عملية الشراء.

وفي المقابل، قالت المحامية نيرزا عنقة: إنه في جميع المعاملات التجارية، على الطرفين التنبّه لشروط العقد، وما يمكن أن تحمله من مفردات تؤثر على حقوق الطرفين، مبيّنة أنه في عقود السيارات، فإن ما يلغي عقد البيع عادة هو عدم قابلية السيارة للتسجيل، بمعنى عدم إتمام نقل الملكية، بخلاف الأسباب، وخصوصاً في حال العيب الدائم وتشوّه هيكل السيارة (الشاسي).

وأكدت عنقة أنه في حال تمت الإشارة في العقد إلى عدم وجود أعطال في السيارة، وأنها لم تتعرض لحوادث، أو تغيير في أي جزء من أجزائها، يمكن مراجعة البائع، وفق الحق القانوني، ويكون النص القانوني هو اكتمال جميع مواصفات السيارة، وأن الوصف لا يشوبه أي نوع من أنواع الغش والتدليس.

وتابعت عنقة، أنه في واقع الحال، فإن المشتري غالباً ما يوقع على عقود جاهزة غير قابلة للتغيير، واصفة مطالبة المواطنين بعقود موحدة ملزمة لأصحاب السيارات بالمحقة، وأنه من الممكن توافق عدد من القانونيين على عقود موحّدة للسيارات، تضمن حقوق مختلف الأطراف، وفي حال رغب المشتري في إتمام عملية الشراء على سيارة فيها عيوب واضحة، يمكن ذكر ذلك في نصّ إضافي خاص.

ولفتت عنقة إلى أن وجود عقد موحد سيمنح مزيداً من الحماية للمتعاملين، والثقة بالسوق، ما سيرفع من الإقبال على الشراء، بفعل الحاجة، أو التجديد، كون العملية آمنة، ما سيعزّز مبيعات وفائدة العاملين في السوق، ويزيد من دخل الجهات الحكومية المسؤولية عن عمليات التسجيل بفعل زيادة مداخيل رسوم التسجيل وغيرها، لتعمّ الفائدة جميع الأطراف.

رامي سلوم