الصفحة الاولىصحيفة البعث

إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة ينذر بحرب مائية

تتفاقم أزمة “سد النهضة” الإثيوبي بين السودان ومصر وإثيوبيا، مع تعثر المفاوضات الفنية بينهم والتي بدأت منذ نحو 10 سنوات، ويديرها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر. وتصر أديس أبابا على الملء الثاني للسد في تموز المقبل، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل‎، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب بالترتيب.

وفي هذا السياق، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت إنه تناول مع نظيره التونسى قيس سعيد قضية الأمن المائى المصرى كونه جزءا من الأمن القومى العربى، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على الحقوق المائية لمصر باعتبارها قضية مصيرية، وتعتبر مصر أمنها المائي خط أحمر لا يمكن تجازوه، في وقت حذر المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني الطاهر هاجة السبت من حرب مائية قادمة ما لم يضع العالم حدا لتمسك إثيوبيا بالمضي قدما في ملء سد النهضة قبل التوصل لاتفاق، وقال: إن “حرب المياه مع إثيوبيا قادمة، إذا لم يضع العالم حدا لاستهتار النظام الإثيوبي”.

جاء ذلك في تصريحات صحفية لأبو هاجة على خلفية استمرار خلاف بلاده ومصر مع إثيوبيا حول سد “النهضة”.

وأضاف “حرب المياه بدأت وهي قادمة بصورة أفظع مما يتم تخيله إذا لم يضع العالم حدا لاستهتار النظام الإثيوبي عبر مؤسساته العدلية ومنظماته الدولية”.

وأشار إلى أن “اتباع استراتيجية الصراع والتمسك بها كمنهج للنظام الإثيوبي تكشف أيضا أنه وضع الآخرين في خانة العدو منذ وقت مبكر وهو يتعامل على هذا الأساس”.

وأردف “بلا شك، لا يوجد سبب قوي لخلق العدو أكثر من الحرمان من المياه”، محذرا “سلوك النظام الإثيوبي المتمثل في اعتداءاته على جيرانه ورفضه لكافة المقترحات الدولية سيورده موارد غير محمودة وسيرمي به في دائرة العزلة الدولية والإقليمية”.

ووصف سلوك أديس أبابا بـ”النية المبيتة منذ بدء إنشاء السد (قبل 10 سنوات) باستبعاد استراتيجية التعاون بشأن المياه وتبني خط الصراع عبر مواقف رافضة لكل خيارات الحلول المطروحة”. واستطرد “ما ينبغي أن نؤسس عليه العلاقات، يتمثل في مشروعات التنمية المستدامة و تحقيق الرفاه لشعوب الدول الثلاث ورسم المستقبل الاستراتيجي الرامي للسلام والاستقرار”.

وتأتي تصريحات أبو هاجة عقب ساعات من دعوة إثيوبيا في وقت سابق السبت، مصر والسودان لترشيح شركات مشغلة للسدود بهدف تبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي.

ورفضت مصر عرض أديس أبابا بمشاركة معلومات حول الملء الثاني للسد، معتبرة أنه “غطاء” لتمرير قرار التعبئة في تموز المقبل، وقالت وزارة الري المصرية، إن “مصر رفضت مقترح إثيوبيا الذي تضمن العديد من الادعاءات والمغالطات”، مضيفة “المقترح الإثيوبي لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لاستخلاص إقرار مصري على المرحلة الثانية من الملء حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة”.

وأكدت الوزارة أن “مصر ترفض أي إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا ولن تقبل بالتوصل لتفاهمات أو صيغ توفر غطاء سياسيا وفنيا للمساعي الإثيوبية لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب (مصر والسودان)”.

من جانبها وصفت السودان دعوة إثيوبيا بأنها خطوة تنطوي على انتقائية مريبة، معلنة حجز المياه بخزان “جبل أولياء”، جنوبي العاصمة الخرطوم، تحسبا للملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي.

وجاء دعوة إثيوبيا بعد أيام من فشل جولة مفاوضات بالعاصمة الكونغولية كينشاسا بين الأطراف الثلاثة للتوصل لحل بشأن السد، ما دفع مصر والسودان إلى التأكيد أن جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع الأزمة.

وقال مدير إدارة الخزانات بوزارة الري والموارد المائية بالسودان معتصم العوض، إن “الإدارة ستبدأ في حجز حوالي 600 مليون متر مكعب بخزان جبل أولياء، عقب انتهاء فترة تفريغ الخزان، لضمان استمرار العمل بمحطات الطلمبات (ضخ المياه) على النيل الأبيض والنيل الرئيسي لتلبية احتياجات مياه الشرب والزراعة”. وأضاف أن ذلك يأتي “ضمن تحسبات الدولة لأي إجراء أحادي من قبل إثيوبيا بالبدء في الملء الثاني لسد النهضة في تموز المقبل”. وأوضح أن “وزارة الري عملت وفق دراسات فنية على تغيير سياسة تشغيل الخزانات، هذا العام لمقابلة تأثيرات سد النهضة المتوقعة”. وخزان جبل أولياء هو سد حجري على نهر النيل الأبيض بالسودان، يقع على بعد 44 كيلو مترا جنوب الخرطوم، وأنشئ عام 1937.