دراساتصحيفة البعث

مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات

أعلنت وزارة الخارجية الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية في الاجتماع الافتراضي بشأن أمن البيانات يوم 29 آذار عن إصدار “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات”، مما جعل الدول العربية أول منطقة في العالم أصدرت مع الصين مبادرة في مجال أمن البيانات.

وأعرب الجانبان عن تقديرهما العالي لهذه المبادرة باعتبارها تجسيدا للتوافق الهام بين الصين والدول العربية في مجال الحوكمة الرقمية، وخطوة تسهم في وضع القواعد الدولية في مجال أمن البيانات، وتقدما كبيرا لجهود الدول النامية المشتركة في تعزيز الحوكمة الرقمية العالمية.

وأشار الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى أن “من أجل إضفاء قوة دافعة جديدة على نمو الاقتصاد العالمي، نحتاج بشكل ملح إلى تسريع وتيرة نمو الاقتصاد الرقمي، والدفع بتقدم منظومة الحوكمة العالمية للإنترنت نحو اتجاه أكثر عدلا وإنصافا.”

في سبتمبر عام 2020، أطلقت الصين “مبادرة أمن البيانات العالمية” التي قدمت حلا صينيا لوضع القواعد للحوكمة الرقمية العالمية، الأمر الذي لاقى تقديرا إيجابيا واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي. وعلى أساس هذه المبادرة، أصدرت الصين والدول العربية “مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات”، الأمر الذي يعكس بجلاء أن الحل الصيني يتماشى مع تيار العصر، ويستجيب احتياجات المجتمع الدولي، ويدل مرة أخرى على أن “من يتمسك بقضية عادلة يتلقى دعما أكثر”.

وتعتبر الحوكمة الرقمية مجالا جديدا في الحوكمة العالمية، بينما تمثل المخاطر في أمن البيانات تحديا مشتركا لجميع الدول، فإزالة هذه المخاطر تتطلب بناء الثقة المتبادلة وتعميق التعاون بين جميع الدول. ولكن منذ فترة من الزمن، تتبع بعض الدول نزعة الأحادية والهيمنة، وقامت بتسييس قضية أمن البيانات، مما شكل تشويشا خطيرا للجهود الدولية الرامية إلى تعزيز التعاون الرقمي. لأسباب تاريخية، كانت الصين والدول العربية مفعولا بها للقواعد الدولية المختلفة منذ زمان طويل، أما الآن، فأدرك الجانبان ضرورة لعب دور فاعل في الحوكمة العالمية وأخذ زمام المبادرة في وضع القواعد الدولية. في هذا السياق، أسهمت هذه المبادرة في بناء فضاء سيبراني سلمي وآمن ومنفتح وتعاوني على أساس تعددية الأطراف، وقدمت مثالا لمشاركة الدول النامية في الحوكمة العالمية، وساهمت بالحكمة والقوة في إيجاد “القاسم المشترك الأكبر” بين دول العالم في مجال الحوكمة الرقمية العالمية.

في السنوات الأخيرة، حقق التعاون الرقمي المتعمق بين الصين والدول العربية نتائج مثمرة. في عام 2017، أطلقت الصين ومصر والسعودية والإمارات وغيرها “مبادرة التعاون الدولي للاقتصاد الرقمي في إطار الحزام والطريق”. وفي يوليو عام 2020، دعا الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي إلى تعزيز التعاون والاستفادة المتبادلة بين الجانبين في مجال الإنترنت وتنمية الاقتصاد الرقمي. وخلال جائحة فيروس كورونا، تقاسمت شركات التجارة الإلكترونية الصينية التقنيات والخبرات في بناء المنصات وإدارة اللوجستيات بشكل نشط، مما قدم مساهمة إيجابية في مساعدة الدول العربية على استئناف الأعمال والإنتاج. وفقا للإحصاءات، تشمل المنصات الصينية للتجارة الإلكترونية 80% من مستخدمي الإنترنت في الدول الخليجية الست. فبلا شك أن هذه المبادرة ستدفع العلاقات الصينية العربية، وتحقق نتائج أكثر للتعاون الرقمي المتنامي بين الجانبين.

كما يقول مثل صيني، “مواكبة العصر الصراط المستقيم.” قد أثبت وسيثبت التاريخ أن تعددية الأطراف ستنتصر حتما على أحادية الطرف، والتعاون المتبادل المنفعة سيحل حتما محل اللعبة الصفرية. في وجه التحديات المشتركة لحماية أمن البيانات، ستشجع هذه المبادرة التي تجسد روح التعاون والانفتاح والتسامح بكل التأكيد المزيد من أعضاء المجتمع الدولي على المشاركة في هذا التعاون، وتساهم في توحيد الجهود الدولية في الحوكمة الرقمية، وتفتح صفحة جديدة للحوكمة الرقمية العالمية، بما يقدم مساهمة أكبر لإقامة مجتمع المستقبل المشترك للفضاء السيبراني.

الاجتماع ومخرجاته

في يوم 29 شهر آذار عام 2021، ترأست وزارة الخارجية الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية بشكل مشترك الاجتماع المرئي بين الجانبين في مجال أمن البيانات، وحضر الاجتماع المسؤولون عن شؤون الإنترنت والأرقام من الجانبين والدول الأعضاء للجامعة. ترحب جامعة الدول العربية بـ”مبادرة أمن البيانات العالمية” التي طرحها الجانب الصيني، وتدعم مواجهة التحديات والمخاطر في مجال أمن البيانات بشكل مشترك، التزاما بمبادئ تعددية الأطراف والتوفيق بين الأمن والتنمية وضمان العدالة والإنصاف. واتفق الجانبان على ما يلي:

شهدت الثورة التكنولوجية والمعلوماتية والاقتصاد الرقمي تطورا هائلا، مما غيّر نمط الإنتاج والحياة للبشرية وترك تأثيرات عميقة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول العالم ومنظومة الحوكمة العالمية والحضارة البشرية.

إن البيانات باعتبارها عنصرا جوهريا للتكنولوجيا الرقمية تتزايد وتحتشد بشكل هائل في العالم، وتلعب دورا مهما في تحقيق التنمية المبتكرة وإعادة تشكيل حياة الإنسان، وتتعلق بالأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع الدول.

على خلفية التعاون الدولي الأوثق والتطور الجديد للتقسيم الدولي للعمل، إن ضمان الإمداد الآمن للمنتجات والخدمات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو أمر يكتسب أهمية كبرى بالنسبة لتعزيز ثقة المستخدمين وحماية أمن البيانات وتعزيز تنمية الاقتصاد الرقمي.

ندعو جميع الدول إلى إيلاء نفس الاهتمام بالتنمية والأمن، وتبني مقاربة متوازنة للتعامل مع العلاقات بين التقدم التكنولوجي والتنمية الاقتصادية وصيانة الأمن القومي والمصالح العامة الاجتماعية.

نؤكد مجددا على ضرورة حفاظ دول العالم على بيئة تجارية منفتحة وعادلة وغير تمييزية لتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك والتنمية المشتركة. في الوقت نفسه، لدى دول العالم المسؤولية والحق في ضمان أمن البيانات المهمة والمعلومات الشخصية المتعلقة بأمنها القومي والأمن العام والأمن الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

نرحب بالحكومات والمنظمات الدولية والشركات المختصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والجمعيات التكنولوجية والمنظمات المدنية والأفراد وغيرها من الجهات الفاعلة لبذل جهود مشتركة لتعزيز أمن البيانات مع التمسك بمبدأ التشاور والتعاون والكسب للجميع.

نؤكد على ضرورة تعزيز التواصل وتعميق الحوار والتعاون على أساس الاحترام المتبادل، والعمل سويا على إقامة مجتمع ذي مستقبل مشترك للفضاء السيبراني يسوده السلام والأمن والانفتاح والتعاون والانتظام.

عليه، يدعو الجانبان إلى ما يلي:

* يجب على دول العالم النظر إلى مسألة أمن البيانات بنظرة شاملة وموضوعية تستند إلى الحقائق، والعمل على ضمان الإمداد الآمن والمنفتح والمستقر للمنتجات والخدمات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم.

* يجب على دول العالم رفض تخريب أو سرق البيانات المهمة للبنية التحتية الحيوية للدول الأخرى باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ورفض الأنشطة التي تمس بالأمن القومي والمصالح الاجتماعية العامة للدول الأخرى باستخدام تلك التكنولوجيا.

* يجب على دول العالم اتخاذ خطوات لمنع ووقف التصرفات التي تعرّض المعلومات الشخصية للخطر باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ورفض جمع المعلومات الشخصية لمواطني الدول الأخرى بشكل غير شرعي باستخدام هذه التكنولوجيا كأداة.

* يجب على دول العالم تشجيع الشركات على الالتزام الصارم بالقوانين واللوائح للدول التي تشتغل فيها. ويجب على دول العالم احترام السيادة والاختصاص القضائي وصلاحية إدارة البيانات للدول الأخرى، ومنع الحصول على البيانات الموجودة في الدول الأخرى عبر الشركات أو الأفراد بدون إذن الدول الأخرى.

* إذا احتاجت الدول إلى الحصول على البيانات من الدول الأخرى من أجل إنفاذ القانون مثل مكافحة الجرائم، يجب أن يتم ذلك عبر قناة المساعدة القضائية أو بموجب الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف ذات الصلة. ولا يجوز لأي اتفاقية ثنائية تبرمها دولتان بشأن نقل البيانات عبر الحدود أن تنتهك السيادة القضائية وأمن البيانات لدولة ثالثة.

* لا يجوز للشركات التي تقدم المنتجات والخدمات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تقوم من خلال منتجاتها وخدماتها بالحصول على بيانات المستخدمين والتحكم في الأنظمة والأجهزة لهم والتلاعب بها بشكل غير قانوني.

* لا يجوز للشركات المختصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات السعي وراء مصالح غير مشروعة من خلال الاستفادة من اعتماد المستخدمين على منتجاتها، أو إجبار المستخدمين على تحديث الأنظمة أو الأجهزة. يجب على موردي المنتجات التعهد بإخطار شركاء التعاون والمستخدمين بالخلل أو الثغرات الأمنية لمنتجاتهم وتقديم حلول لها في وقت مبكر.

*-يدعو الجانبان جميع الدول إلى دعم هذه المبادرة، والتأكد من الالتزامات المذكورة أعلاه عن طريق الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية، ونرحب بدعم الشركات المختصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم لهذه المبادرة.