اقتصادصحيفة البعث

“رمضان”.. دعوة للأخلاق والضمير قبل القوانين؟

قسيم دحدل

 من وحي رمضان المبارك الذي بدأنا أول أيامه  أمس، نجد أنفسنا مستذكرين للأية الكريمة: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”؛ والتغيير المنطقي والعلمي والاقتصادي والأخلاقي يكون نحو الأفضل في كل شيء، وليس العكس، لكن الملاحظ أن هناك العديد من النماذج المحسوبة على (البشرية) في مجتمعنا لا ترفض التغيير فقط، بل وتكرهه، ويصر هؤلاء على بقاء الحال على ما هو عليه، رغم المسلمة التي تقول: إن بقاء الحال من المُحال.

جلّ أولئك غير القادرين على فعل التغيير ويُعدّونه قاهراً لطبيعتهم وتكوينهم الشخصي هم من الأنموذج المُتنفّع والمُستغل والمُقتنص لـ “الفرص” ذات العائدية الفردية الأنانية بمختلف أنواعها المادية والمعنوية، حتى ولو كان ذلك على حساب الصالح والصلاح العام للمجتمع، والعلاقات التي تحكم أوجه نشاطاته.

ولعل العديد من التشريعات والقوانين المتطورة التي تصدر بهدف تمكين المجتمعات والدول من عوامل توازنها واستقرارها وتطورها وازدهاره، تكون موجهة في حقيقتها ومفاعيلها لتلك النماذج المُعندة على التغيير.

الغريب المُستهجن المُدان أن كل ما تتضمنه التشريعات الخاصة بإحداث التغيير الإيجابي “رقياً وسمواً”، من عقوبات قاسية وغرامات باهظة، لم تستطع لغاية الآن أن تكون رادعة للمشين من أفعال وارتكابات يصل قسم منها لحد الجريمة بكل معنى الكلمة، وخير مثال على ذلك قانون حماية المستهلك الذي صدر أخيراً بصفة مرسوم، ما يدلل على الضرورة القصوى في ذلك.

مع ذلك، ورغم مبادرات العديد منا، كمواطنين، والنابعة من منطلق إنساني وأخلاقي أولاً، وتوعوي إرشادي ثانياً، والتحذير من عدم التغيير في السلوك والطبيعة السلبيين ثالثاً، ومن مغبة وقوع من يرتكب المخالفة والجرم بشر أعماله، إلا أنه لا آذان تُصغي، ولا عقل يُدرك، ولا عبرة تُعتبر عند من استمرأ الفساد والغش والتدليس، واستغلال حاجات الناس، واقتناص الفرص بغاية جمع المال ولو كان حراماً!.

ولو أردنا على المستوى الشخصي، كمستهلك للخدمة والمنتجات والسلع، تعداد ما ارتكب بحقنا من مخالفات، وتعرّضنا له من غش وتدليس وزيادة في الأسعار، وغير ذلك من معاملة نربأ بأنفسنا عن ذكرها، لكنا شغّلنا الضابطة المرورية والضابطة التموينية، وربما احتجنا لأقسام شرطة، وهذا خلال بضعة أيام، ومعنا فقط، ولا نبالغ، ولكان هناك عدد من القضايا المرورية  والقضايا التموينية، لا يقل عن 30 قضية أمام القضاء، هذا على المستوى الفردي، فكيف نقتنع بنسبة الـ 15٪ من “الدعاوى المتعلقة بالإتجار بالمواد المدعومة والمشتقات النفطية المتورط بها أشخاص من كبار التجار، والتي كشف عنها قاضي التحقيق المالي بدمشق، وأن “33 دعوى وردت هذا العام إلى دائرة التحقيق المالي خاصة بالإخلال قصداً بتوزيع سلعة مدعومة من الدولة، فصل منها 30، بينما في العام الماضي بلغ عدد الدعاوى 27 دعوى”؟.

السؤال الذي لايزال يُوجع قلب وعقل الوطن والمواطن هو: هل يكون رمضان الحالي بداية للتطهير الذاتي، وصولاً للقبول بالتغيير طوعاً وتسليماً بالصحيح خلقاً وأخلاقاً ومعاملة، بدل الخضوع رغماً للقوانين والمراسيم الضابطة المُلزمة بالعقوبة المادية والجرمية؟

Qassim1965@gmail.com