مجلة البعث الأسبوعية

من التعثر إلى النهوض.. مشاريع استراتيجية وحيوية تضع حلب في قائمة المدن الأكثر حداثة خلال 2021

“البعث الأسبوعية” ــ معن الغادري

ملامح جديدة ترتسم معالمها وفق خطوات ودراسات وخطط طموحة ومتأنية في مسعى جاد ومخلص لإعادة الألق والوهج لمدينة حلب بعد سنوات عجاف عاث خلالها الارهاب الأعمى والحاقد فساداً وقتلاً وتدميراً وخراباً، إلا أنه لم ينل من إرادة وعزيمة أبنائها الشرفاء الذين صمدوا وتحدوا الغزاة الأشرار ودحروهم إلى غير رجعة. وعلى الرغم من فداحة الأضرار وحجم الخسائر المادية التي لحقت بالبنية التحتية، نجحت حلب في تخطي الكثير من الصعوبات والمعوقات وخطت خطوات مهمة على صعيد الاعمار والبناء، وخاصة في القطاعين الخدمي والاقتصادي، ما عجّل في عودة دورة الحياة الطبيعية إلى المدينة والتي تسارعت فيها معدلات النمو والتطور والحداثة من خلال إنجاز والاستمرار بتنفيذ العديد من المشاريع الحيوية والاستراتيجية التي ينتظر أن تحدث فارقاً حقيقياً وملموساً في المشهد العام للمدينة خلال العام الحالي، خاصة على مستوى النهوض بالواقع الخدمي وإيجاد الحلول للكثير من القضايا والملفات العالقة والشائكة التي تحول دون الانتقال إلى مرحلة البناء الاستراتيجي، وهو ما يدفعنا إلى الحديث مجدداً عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بآليات العمل الخططي والتنفيذي، والوقوف على واقع العمل ومراحل ونسب الانجاز في المشاريع ذات الصبغة الحيوية والاستراتيجية، وما أنجز على مستوى تحسين الوسط التجاري للمدينة، وغيرها من المشاريع والمهام المطلوب تنفيذها من قبل الجيش الخدمي في مجلس مدينة حلب .

 

نقاط ارتكاز

الدكتور المهندس معد المدلجي، رئيس مجلس المدينة، أبدى تفاؤله وثقته بعودة حلب السريعة الى واجهة المدن المتطورة والحديثة، مشيراً إلى أن العمل الخدمي على وجه التحديد يرتكز على نقاط ارتكاز قوية وثابتة ووفق خطط وبرامج علمية وممنهجة غير متسرعة، تتماهى مع ضروريات ومستلزمات عملية النهوض الحقيقية، بعيداًعن الارتجال وسياسة الترقيع؛ وبمعنى أدق نحاول، بالرغم من كل الظروف والصعوبات والآثار السلبية الناتجة عن العقوبات الاقتصادية، أن نوظف ما هو متاح من إمكانات وطاقات في خلق بيئة خدمية ناضجة ومثالية تسهم في حلحلة الكثير من العقد والمشكلات على المديين القريب والبعيد؛ ويمكن القول أن حلب خطت خطوات واثقة وجريئة على صعيد الانتقال من مرحلة التعثر إلى مرحلة النهوض الحقيقي، من خلال مصفوفة من المشاريع الحيوية والاستراتيجية التي نفذت، والجاري تنفيذها على مراحل، سواء ما يتعلق بالمخطط التنظيمي ومشروع التطوير العقاري وحسم ملف العشوائيات، أو مشروع تحسين وسط المدينة التجاري، وما يتم عمله على مستوى حماية المدينة القديمة وتطوير أدوات وتقنيات العمل وتبسيط وتسهيل الاجراءات، وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، وهو الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه من خلال رسم خريطة عمل خدمية مستقبلية مستوفية لكل شروط التطور والحداثة التي تستحقها هذه المدينة .

 

تحسين مدخل حلب الغربي

ويبين الدكتور مدلجي أنه تم إنجاز تأهيل مدخل حلب الغربي على طريق حلب – دمشق الدولي، وشملت الأعمال استبدال الأردفة وبلاط الأرصفة ابتداءً من دوار أبي فراس الحمداني حتى “العقدة صفر” عند جسر خان العسل، إضافة إلى تركيب رديف حجري للجزيرة الوسطية بطول ٣،٤ كم، وإعادة تأهيل الجزيرة الوسطية بشكل كامل ابتداءً من جسر خان العسل حتى الحدود الإدارية لمدينة حلب. وقد أضيف لهذا المشروع ملحق آخر يتضمن زراعة الجزيرة الوسطية للمحور وتنفيذ شبكة ري بالتنقيط للمحافظة على ديمومة المزروعات ضمن الجزيرة؛ وبموازاة ذلك، بدء العمل بإعادة تأهيل نفق الكرة الأرضية ابتداءً من مشفى الحياة حتى دوار أبي فراس الحمداني، وذلك فور الانتهاء من تصنيع الأجزاء المخربة من الصادم المعدني لمحور النفق.

وبما يخص مشروع تحسين مركز المدينة “سوق الهال سابقاً”، أوضح رئيس مجلس المدينة أنه تم وضع الدراسات المطلوبة، ومعاينة نماذج الواجهات المقترحة لعرضها على اللجنة الاستشارية لاعتماد أنموذج موحد للواجهات والمباشرة بتنفيذها، مشيراً إلى أنه بوشر بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع والمتضمنة تنفيذ أعمال البنية التحتية والموقع العام لكامل البقعة، وتأهيل الواجهات للمحلات التجارية القائمة، والمتابعة على التوازي بالإعداد للبدء بالمرحلتين الثانية والثالثة للمشروع، واللتين تتضمنان إشادة كتل المطاعم والكافيتريات وفعاليات تجارية واستثمارية ومنشآت سياحية خدمية ومتحف وفندق وساحات وأكشاك، بالإضافة إلى مناطق خضراء تسمح بمنتزهات سياحية وشعبية، مع مراعاة تحقيق الانسجام مع النسيج العمراني للمدينة القديمة.

 

سوق الهال الجديد

وحول مشروع “سوق الهال الجديد”، في منطقة العامرية، المجاور لعقدة الراموسة، أوضح الدكتور مدلجي أن المشروع نفذ بالكامل على مساحة 5.2 هكتار تقريباً، وعلى مرحلتين، بسعة 300 محل تقريباً؛ وتم نقل سوق الهال القديم المؤقت في حي الحمدانية، وإجراء أعمال الصيانة والتأهيل للموقع، كاشفاً أن سوق الهال الجديد حقق إيرادات كبيرة لميزانية مجلس المدينة من خلال طرح المحال التجارية للاستثمار وفق الأسعار الرائجة .

وفيما يخص مشروع إقامة المتنزهات الشعبية، بين المهندس المدلجي أنه تمت المباشرة بهذا المشروع كمرحلة أولى في منطقة الحرش الواقعة على امتداد سوق طريق الحرير في جمعية المهندسين، ويستمر العمل حالياً على تجهيزه كمتنزه شعبي بالحد الأدنى من الخدمة، لتكون أجور بدل الخدمة بالحد الأدنى أيضاً، وعدم تكليف المواطنين بأجور عالية، أي تخديم المتنزه بمواصفات تتناسب مع مستوى دخل المواطن كمتنزه شعبي، وسيوضع في الخدمة والاستثمار خلال الموسم الصيفي القادم، وفي حال نجاح التجربة سيتم تعميمها في مواقع أخرى.

 

واقع النظافة يتحسن

وفيما يخص واقع النظافة، أوضح المهندس المدلجي أن مجلس المدينة يبذل جهوداً مضاعفة لتحسين واقع النظافة ضمن ما هو متاح من إمكانيات وآليات متوفرة، والتي تعمل على فترتين: صباحية ومسائية، وهناك صعوبات كبيرة، نحاول تجاوزها بالتعاون مع الوزارة لتدعيم المجلس بآليات جديدة تغطي حاجة حلب .

أما بالنسبة للإشغالات العشوائية، في وسط المدينة، من قبل أصحاب البسطات والباعة المتجولين، فنعمل على إنهاء هذه الظاهرة المزعجة من خلال إجراءات صارمة تهدف إلى الحفاظ على جمالية المدينة، وإنسيابية حركة السيارات والمارة على السواء؛ وبالتوازي، تم إنشاء أسواق في عدد من البقع والمواقع داخل المدينة بصورة لائقة، لتنظيم حركة الأسواق، وإعطاء التسهيلات المطلوبة للمواطنين لاقتناء حاجاتهم دون عناء .

وختم الدكتور مدلجي حديثه بالإشارة إلى خطة مجلس المدينة في مواصلة لقاءاته المباشرة مع أهالي الأحياء للوقوف على متطلباتهم واحتياجاتهم، مؤكداً أن هذه اللقاءات تشكل حالة تفاعلية مطلوبة مع المواطنين خلال هذه المرحلة، وتعطي دافعاً إضافياً للعمل، وهو ما نسعى إلى تحقيقه من خلال هذه التشاركية والشفافية في الطروحات والنقاشات، بالإضافة إلى إمكانية البحث عن حلول، سواء كانت إسعافية أو دائمة لبعض المشكلات الخدمية العالقة، والأهم من كل ذلك هو إشراك الأهالي في عملية البناء والنهوض واطلاعهم على الواقع وحجم الإمكانات المتاحة وما يعترض العمل من صعوبات ومعوقات نتيجة الظروف الراهنة .

وبين مدلجي أن اللقاءات ستستمر وستشمل كافة الأحياء والمناطق ضمن الحيز الجغرافي للمديريات الخدمية كافة، للخروج بصيغة عمل واضحة وخطط آنية ومستقبلية للنهوض بالواقع الخدمي والتنموي، موضحاً أن هناك أولويات للعمل سيتم تحديدها والتنسيق المباشر مع كافة الجهات لإنجاز المشاريع وبما يسهم في دفع عجلة التنمية في حلب .

 

أخيرا

لا شك أن العمل الخدمي في حلب يواجه الكثير من الصعوبات الناتجة عن ضعف الإمكانات المادية، وقلة الكوادر العاملة، والنقص الكبير بعدد الآليات؛ ومع ذلك، فإن ما لمسناه من جدية ورغبة صادقة للنهوض بالواقع الخدمي، وما تابعناه عن كثب لمجمل الخطط والمشاريع الجاري تنفيذها، والموضوعة ضمن خطط العام الحالي، يكشف عن جهود كبيرة تبذل تفوق بكثير ما هو متاح من إمكانات فنية وبشرية وتقنية، وهو ما يدفعنا إلى التفاؤل بأن حلب مقبلة على مرحلة جديدة من النهوض والحداثة والتطور، خاصة بما يتعلق بمشروع التطوير العقاري في منطقة الحيدرية، ولاحقاً في منطقة تل الزرازير، وما تم إنجازه على الأرض من مراحل عمل في الحيدرية من شق طرق وتهيئة البنية التحتية للموقع تمهيداً للشروع بعملية البناء السكني وفق أفضل معايير الحداثة، ولعل الأهم أن ما أنجز ويتم إنجازه يحمل بصمة أهل الدار، وهو المنتظر من أبناء هذه المدينة وخبراتها وكفاءاتها لنقل مدينتهم من مرحلة التعثر إلى مرحلة النهوض الحقيقي وفي مختلف المجالات .