دراساتصحيفة البعث

عواقب كورونا

ترجمة وإعداد: هناء شروف

 

كشف تقرير صدر قبل أيام عن منظمة العفو الدولية أن العواقب الوخيمة لجائحة الفيروس التاجي من جهة إساءة استخدام السلطة، والأزمة الصحية العالمية التي كان من الممكن أن تجمع البشرية بروح من التضامن، استغلها بعض الحكام المستبدين والطغاة لقمع المعارضين السلميين، ودحر المكاسب الديمقراطية، وتكثيف جهود المراقبة، فعلى سبيل المثال استغل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وباء كوفيد-19 لتقوية نظامه الاستبدادي، بإصدار قوانين تقييدية جديدة من أجل إسكات معارضيه ومنتقديه، واستخدم الوباء ذريعة لحظر تظاهرات المعارضة واستهدافها.

لقد استخدمت الحكومات التي تهيمن عليها أنظمة استبدادية قمعية وفاسدة هذه الجائحة لإسكات ومضايقة واعتقال وحتى قتل المواطنين، بما في ذلك العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية الذين أشادوا بهم علناً على أنهم أبطال الوباء، فقد حددت “حالة حقوق الإنسان في العالم”، الصادرة عن منظمة العفو الدولية، والمكوّنة من 408 صفحات، اتجاهات عدم المساواة والتمييز التي تقول إنه من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوباء الذي يستمر في إحداث الفوضى في جميع أنحاء الكوكب.

جاء في مذكرة تمهيدية بقلم أغنيس كالامارد، المديرة العامة الجديدة لمنظمة العفو الدولية، أن “الأوقات الوبائية كشفت العواقب المدمرة لإساءة استخدام السلطة من الناحية الهيكلية والتاريخية، قد لا تحدد الجائحة من نحن، لكنها بالتأكيد قد أدت إلى تضخيم ما لا ينبغي أن نكون عليه.”

يذكر التقرير كيف استغلت الحكومات بلا رحمة الوباء لتعميق الهجمات على حقوق الإنسان وحرية التعبير، فقد استخدمت السلطات القانونية الوباء كذريعة لمنع المظاهرات ضد عنف الدولة، أو القمع السياسي، أو حتى إجراءات كوفيد التي أسيء التعامل معها تحت ستار تطبيق قواعد الإغلاق، على سبيل المثال تم القبض على الممرضات في زيمبابوي لاحتجاجهن على تحسين رواتبهن وظروف عملهن، فيما استبعد النظام التركي عمداً آلاف السجناء من برنامج للإفراج المبكر عن النزلاء بسبب انتشار الوباء واكتظاظ السجون.

تهدف الإجراءات الأمنية إلى فرض قيود على الصحة العامة، لكنها خلقت في كثير من الأحيان مخاطر أكثر بكثير، ففي ألبانيا، قتلت الشرطة بالرصاص رجلاً يبلغ من العمر 25 عاماً أثناء تطبيق إجراءات الحجر الصحي، ما أدى إلى أيام من الاحتجاجات وأعمال الشغب، حيث تعرّض المزيد من الأشخاص للاعتداء والاعتقال من قبل قوات الأمن، وفي أنغولا، أوقفت الشرطة شاباً يبلغ من العمر 20 عاماً وأزاحته لعدم ارتدائه قناعاً  وهددته بمسدس بالقرب من أذنه تسبب في النهاية في وفاته بسبب قصور في القلب.

أصدرت السلطات في عدد كبير من الدول قوانين تجرم انتقاد الحكومات لكيفية التعاطي مع الوباء، فقد تعرّض الصحفيون في هذه الدول للمضايقة أو الاعتقال لانتقادهم أو حتى كتابة تقارير عن تعامل الحكومة مع الأزمة الصحية.

وأضاف التقرير: “في غضون أيام من ظهور أخبار تفشي كورونا، حاولت السلطات في العديد من البلدان قمع المعلومات المتعلقة به، ومعاقبة أولئك الذين ينتقدون الإجراءات الحكومية، فيما استخدمت الحكومات اليمينية الأخرى الوباء كذريعة للضغط على التدابير الاجتماعية التي طال انتظارها  مثل تقييد الوصول إلى الإجهاض والخدمات الصحية للمرأة، أو رفض العلاج الهرموني للأشخاص المتحولين جنسياً.

استخدم الكيان الإسرائيلي الوباء لتوسيع استخدام قدرات المراقبة الالكترونية التي تستهدف الفلسطينيين، وعدلت ليتوانيا قانوناً بشأن المراقبة الالكترونية للسماح للحكومة بتتبع تحركات الأشخاص دون موافقة قضائية من أجل قمع انتشار الفيروس.

وكان اللاجئون والمهاجرون عرضة للخطر بشكل خاص في الدول التي أُجبروا فيها على مواصلة العمل، أو حُشروا في المعسكرات ومراكز الاحتجاز دون حماية مناسبة، وعلى الرغم من إجراءات الإغلاق، واصلت الشرطة في فرنسا إجلاء اللاجئين والمهاجرين قسراً من المخيمات غير الرسمية، ما جعلهم فعلياً ناشرين محتملين لفيروس كورونا.

وذكر التقرير أنه في حين اتخذت بعض الحكومات خطوات للإفراج عن المعتقلين للحد من انتشار كوفيد -19، فإن الاكتظاظ، والظروف غير الصحية في أماكن الاحتجاز، يعرّضان السجناء للخطر، حيث أدى استمرار عمليات الإخلاء القسري إلى زيادة تعرّض الناس للفيروس من خلال جعلهم بلا مأوى.