صحيفة البعثمحليات

لا إنجاز كاملاً لأحياء حلب القديمة.. وأولوية الترميم للضرر الأكبر في المنشأة

حلب – محمد ديب بظت

تملأ الحجارة المتهاوية تجاويف الأبنية المدمرة، وأينما وليت الوجهة في حلب القديمة فإنك سترى الحجارة المرصوفة على جنبات الطريق تبحث عمن يعيدها إلى مكانها الماضي، أو القبب الموشاة بالفسيفساء التي شطرتها القذائف إلى نصفين، أحدهما معلّق مكانه، والآخر ضائع وسط الركام، كما تنتظر غرف الخانات الأثرية من يعيد لها رونقها الضائع وشبابها القديم.

“البعث” التقت مع مدير آثار المدينة صخر العلبي للاطلاع على واقع إعادة تأهيل وترميم المدينة القديمة، إذ أكد على وجود جانبين من عمل المديرية: الأول هو ترميم المباني التابعة ملكيتها لمديرية الآثار كالقلعة والبيمارستان، بالإضافة إلى منزلين في حي الجديدة، ومخفر باب الحديد، وهم المعنيون بإعداد الدراسات اللازمة، وتأمين السيولة المالية بغية الترميم.

وتحدث العلبي بأنه منذ العام الماضي وإلى الآن يجري ترميم الأعمال نفسها، وبحسب تعبيره يمكن وصف تلك الأعمال بالكبيرة، كالقلعة، حيث جرى تأهيل الأسوار العلوية التي تعرّضت للهدم جراء الحرب، وتعمل الورشات حالياً على إصلاح قاعة العرش وبقية الأسوار، منوّهاً في الوقت ذاته إلى أنه لا يمكن تخصيص كل المورد المالي للقلعة، وإهمال المواضع الأخرى.

وأشار مدير الآثار إلى انتهاء الدراسة المتعلقة بتأهيل مخفر باب الحديد، وأخرى للبيمارستان، والبدء بالأعمال اللازمة، ذاكراً بأن الميزانية التي يتحصل عليها قليلة نوعاً ما، ولذلك لا يصرف المبلغ على كافة أعمال الصيانة، وإنما للأولويات ذات الضرر الكبير، مؤكداً بأنه لا يوجد مبنى جهز بشكل كامل، وعن مشاريع العام الحالي أوضح العلبي أن المديرية أعدت دراسة وحصلت على الدعم لترميم منزلين أثريين تابعين للمديرية في حي “الجديدة”، أحدهما كان متحفاً للتقاليد الشعبية وتعرّض للدمار الكبير.

وبخصوص الجانب الثاني من عمل المديرية قال العلبي: إن الآثار تشرف على أعمال مديريات أخرى في حلب القديمة، كالإشراف على أعمال مديرية الأوقاف في ترميم الجوامع الأثرية، وكذلك على أعمال السياحة، ليكون عملها بذلك إشرافياً أكثر منه تنفيذاً، والتنسيق مع شركات القطاع الخاص التي أنجزت تأهيل سوقي الساقطية والخابية.

وعن مسألة ترحيل الأنقاض في أحياء حلب القديمة، بيّن العلبي أن مسؤولية الترحيل هي مسؤولية الجهة التي تنفذ إعادة التأهيل أو الترميم في منطقة محددة ومكان معين، بيد أن الأنقاض الناجمة عن أضرار الأملاك الشخصية من مهام البلديات.

مشاكل عديدة يعاني منها عموم أهالي المدينة القديمة المتمثّلة في المقام الأول بتأهيل وتمديد التيار الكهربائي، فضلاً عن تردي الشبكة الطرقية، وعدم تزفيتها، حيث تكثر في شوارع الأصيلة والمعادي وما حولهما التعرجات والكتل الترابية والحفر، ما سبب تجمع الوحل، وصعوبة سير العربات طيلة فترة الشتاء.

وتتمثّل المشكلة الثانية بإهمال ترحيل الأنقاض، خاصة في مناطق المغاير وتل أسود والشارع الممتد من ساحة السبع بحرات إلى باب الحديد، إضافة إلى المعاناة من القمامة وما فرضتها من تجمع القوارض، وفي الجانب الآخر ظهرت الحشرات المسببة لحبة السنة أو اللاشمانيا، وطالب الأهالي بضرورة الإسراع برش المبيدات الحشرية حتى لا يتفاقم الوضع أكثر من ذلك.

وفي نهاية جولة “البعث” ضمن حلب القديمة أوضح العديد من أصحاب المحلات أن العملية التجارية تراجعت بشكل كبير، خاصة بعد فقدان المدينة القديمة صفة المركزية، لاسيما أنها كانت مقصد الحلبيين، والسوريين عموماً، والسياح، وهي الآن مركز ثانوي لكثرة عدد المحلات المقفلة، وخروج غالبية الأسواق عن الخدمة، وتحول المركز التجاري إلى أحياء أخرى كالجميلية والفرقان.