ثقافةصحيفة البعث

الجلاء في الفن التشكيلي

سطرت بطولات شعبنا مفخرة الجلاء المجيد ونالت سورية استقلالها بعد تضحيات ونضال مشرف لأبنائها الذين سجلوا في صفحات التاريخ أروع المآثر، وقد تناول الأدب والفن هذا اليوم المجيد وتغنى الشعراء به كما رسم الفنانون أبهى اللوحات وشيد النحاتون والبناؤون أقواس النصر والنصب التذكارية التي تنتصب في الساحات والحدائق مجسدة لقامات زعماء الثورة السورية على امتداد رقعة الوطن ولا تزال شاهدة حتى يومنا هذا، ففي دمشق ومن ساحة الأشمر حيث ينتصب العمل المعماري التذكاري تكريماً لشهداء الثورة السورية في وسط ساحة تحمل اسم البطل الأشمر وتمثال وزير الحربية يوسف العظمة الذي نفذ بالتعاون مع الجالية السورية في المهجر، كما تحمل العديد من الأماكن العامة والحدائق اسم الجلاء.

من السويداء حيث البيان الأول لقائد الثورة سلطان باشا الأطرش التي ينتصب فيها عدد من التماثيل المنفذة من البازلت القاسي بيد نحاتين من أبناء المحافظة “معروف شقير” و”حكمت خريس” وغيرهم من الفنانين، وفي القنيطرة النصب التذكاري لقائد ثورتها الشهيد أحمد مريود المنفذ من قبل النحات إياد بلال ابن مدينة حمص والذي نفذ أيضاً تمثال للشيخ صالح العلي على صهوة حصانه في إحدى ساحات محافظة طرطوس.

نصب تذكارية كثيرة تخلد هذا اليوم موزعة في حلب وحمص وباقي المحافظات السورية والقاسم المشترك بينها هو تجسيد الشخصيات الوطنية القائدة والمؤثرة في صنع استقلال سورية، ولم تختلف اللوحة التشكيلية بأهميتها التوثيقية والإبداعية عن المنحوتة بل أكثر من ذلك كانت المبكرة في التعبير عن ذلك، فمن بداية الاستقلال نتلمس اللوحة التي تناولت الهاجس الوطني مثل أعمال سعيد تحسين وأدهم اسماعيل وتبعهم جيل الستينيات الذي أسس للحداثة التشكيلية السورية ومنح الموجود التشكيلي صفة الخصوصية في اللوحة السورية التي ميزتها المواضيع الوطنية والإنسانية بتعبيرية خاصة، كما استرجع البعض منهم بلغة تصويرية واقعية مآثر الثورة السورية وصوروا معارك الشرف التي خاضها الثوار في الغوطة مثل أعمال الفنان عاصم زكريا وممتاز البحرة الذي رسم لوحة معركة ميسلون العظيمة والمحفوظة في متحف الجندي المجهول، وفي السويداء رسم العديد من الفنانون معركة المزرعة التي حقق فيها الثوار النصر وهزموا الحملة الفرنسية .

في هذه المناسبة لا بد من ذكر العمل النصبي للفنان النحات مجيد جمول في الجولان السوري المحتل –مجدل شمس– الذي يستلهم من الجلاء معاني البطولة المتجددة وصولاً إلى تحرير الجولان وطرد المحتل الإسرائيلي الغاصب، هكذا هو الفن معين شعبه وسجل بطولاته وأداة تحرر ومرآة التاريخ النظيفة.

أكسم طلاع