مجلة البعث الأسبوعية

ثاني رمضان في عصر كورونا.. كيف تغيرت عادات الصائمين بسبب الجائحة!! 

للعام الثاني على التوالي يحتفل المسلمون حول العالم بحلول شهر رمضان المبارك في خضم جائحة مخيفة لم تتوقف حتى الآن، رغم التوصل لعدد من اللقاحات.، فكيف سيختلف رمضان هذا العام؟

ورغم أن العديد من المتاجر قد خلت من البضائع خلال العام الماضي، وقسّم أصحاب البقاليات والمتاجر البضائع بأنفسهم بين الزبائن، صار الناس حالياً أكثر اعتياداً على الجائحة، ولم يعودوا يشترون البضائع بدافع الذعر، وهو ما يعني أن الوصول إلى المستلزمات سيكون أسهل مما كان عليه العام الماضي.

مع ذلك، فإن شهر رمضان ليس متعلقاً بالطعام فحسب، بل هو شهر للتواصل الاجتماعي أيضاً، إذ تجتمع خلاله العائلة والأصدقاء. وجرت العادة أن يسافر البعض إلى أحبائهم أو لأداء مناسك العمرة، لكن بالنظر إلى ارتفاع أعداد حالات الإصابة بعدوى كوفيد-19 في معظم البلدان، واستمرار القيود المفروضة على السفر، فمن غير المرجّح أن يتمكن كثيرون من القيام بذلك هذا العام أيضاً.

فقد فرضت المملكة المتحدة غرامات تصل إلى 5000 جنيه إسترليني (ما يعادل نحو 6900 دولار أمريكي) على من يسافر دون سبب وجيه. وفي بعض مناطق الشرق الأوسط، يرجح أن تؤثّر مثل هذه القيود على خطط السفر.

 

هل سيؤثر اللقاح على الصيام؟

صوم رمضان فريضة على المسلمين، ويستثنى من ذلك الأطفال، والنساء الحوامل، والحائض، والمرضعات، والمرضى، والمسافرون. وأولئك الذين يعانون من أعراض عدوى كوفيد-19 لا يتعين عليهم الصيام خلال شهر رمضان، إذا لم يكونوا قادرين جسدياً على الصيام.

وهذا العام، ستقدم بعض الدول للصائمين اللقاحات في ساعات الليل، بعد انقضاء الصيام. وعلى الرغم من أن غالبية العلماء قالوا إن الحصول على لقاح كوفيد-19 لن يبطل صيام الأشخاص، فإن حكومات عديدة تخشى انخفاضاً محتملاً في معدلات الحصول على اللقاح بين الصائمين خلال شهر رمضان، وتعمل على تبديد الخرافات والمعلومات الخاطئة المحيطة بحقن اللقاح.

وقد استُخدمت المساجد كمراكز تطعيم في العديد من البلدان، لكن لعدم المساواة في اللقاحات فإن الكثيرين سيضطرون إلى تبني إجراءات التباعد الاجتماعي الأكثر صرامة، أو إغلاق المساجد بسبب بطء طرح اللقاحات.

 

هل ستختلف طقوس الإفطار؟

بالنسبة لأولئك الذين يخوضون تجربة صيام شهر رمضان خلال تدابير الإغلاق للسنة الثانية، قد يكون الإفطار مكللاً بالشعور بالوحدة. ومن المحتمل أن يلجأ الكثيرون إلى المنصات الإلكترونية للتحدث إلى أولئك الذين لا يمكنهم الالتقاء بهم وجهاً لوجه، لاسيما أثناء تناول الإفطار.

وقبل الجائحة كانت المساجد، والجمعيات الخيرية، والأفراد يقيمون “الخيام الرمضانية” التي يجتمع الصائمون فيها ويتناولون الإفطار معاً. وكانت تلك الفعاليات تعني أيضاً أن أولئك الأقل حظاً يمكنهم تناول الطعام دون مقابل على “موائد الرحمن”. أما في هذا العام، 2021، فقد ألغيت تلك الفعاليات مرة أخرى، ما قد يؤثر على أولئك الذين يجدون صعوبة في توفير وجبة الإفطار.

وكانت مصر قد أعلنت بالفعل عن حظر موائد الرحمن هذا العام، من أجل وقف انتشار الفيروس.

 

كيف ستتأثر الصلوات في شهر رمضان؟

عادة ما تمتلئ المساجد بالمصلين مساءً لأداء صلاة التراويح، ولكن هذا العام لا تزال بعض المساجد مغلقة، خاصة في الشرق الأوسط، بينما يفتح بعضها أبوابه مع الالتزام بالقيود والإرشادات المعمول بها للسيطرة على انتشار العدوى.

وقد أعلنت سلطات المسجد النبوي في السعودية أن العدد الإجمالي للمصلين في رمضان بالمسجد لن يتخطى 60 ألفاً في وقت واحد، مع الالتزام الإجباري بالتباعد الجسدي. وجدير بالذكر أن سعة المسجد قبل الجائحة كانت تبلغ 350 ألف مصلٍّ.

وفي العام الماضي، علّقت السعودية صلاة التراويح في المسجد الحرام بمكة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، في محاولة للحد من انتشار الفيروس.

وفي الإمارات العربية المتحدة سمحت السلطات باستئناف صلاة التراويح بعد حظرها العام الماضي. ومع ذلك منعت البلاد تنظيم الخيام الرمضانية وتجمعات الإفطار منعاً باتاً، كما مُنعت المطاعم من توزيع وجبات الإفطار داخل أو أمام مبانيها.

أما في مصر، فقد بدأت المساجد الاستعدادات قبل أسابيع من بدء شهر رمضان. وسيسمح بإجراء صلاة التراويح في بعض المساجد مع تطبيق تدابير التباعد الاجتماعي. وقد قدمت وزارة الأوقاف إرشادات للمسؤولين لضمان أداء الصلاة بأمان، وسيتم بث الصلاة من بعض المساجد على الهواء مباشرة، كي يتمكن الناس من متابعتها في المنزل. وستُبث كذلك المحاضرات والخطب الدينية عبر الإنترنت ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي.

 

كيف ستتأثر أشكال العبادات الأخرى؟

تحظى الأيام العشرة الأخيرة من رمضان بشكل خاص بالتبجيل، إذ يركز فيها الصائمون على تكثيف العبادات لالتماس ليلة القدر. ويختار البعض الاعتكاف بالمساجد خلال هذه الفترة كي ينصبّ تركيزهم فقط على العبادات. هذا العام لن تسمح مساجد عديدة بالاعتكاف، ما سيؤثر بشكل كبير على طقوس العبادة. كما منعت وزارات الأوقاف المساجد من استضافة الدروس والندوات.

 

كيف ستتغير طقوس الصدقات والزكاة

نظراً لتسبب الوباء في فقدان الوظائف والتأثير على الأعمال التجارية على مستوى العالم، شعر الكثيرون بالعبء الاقتصادي، لكن على عكس التوقعات قد يشهد الإنفاق الخيري من زكاة وصدقات زيادة كبيرة هذا العام، حيث يشعر المسلمون بالحافز لمساعدة الآخرين من حولهم في الأوقات الصعبة.

وفي العام الماضي، تحدثت بعض المؤسسات الخيرية عن زيادة حجم التبرعات، رغم المخاوف من انخفاض التبرعات أثناء الجائحة.

وطوال شهر رمضان، يشارك الكثيرون في العمل التطوعي كوسيلة للمساعدة في التخفيف من حدة الفقر في المجتمعات، وتمتد تلك الجهود من جمع سلال الطعام إلى تقديم المساعدات لأولئك الذين يعيشون في مناطق الصراعات والكوارث، لكن هذا العام قد تؤثر القيود المفروضة على السفر، والتنقل، وتقديم المساعدات على العائلات التي تعتمد على الجهود الخيرية.

 

هل سيتأثر المعتمرون؟

في العام الماضي، علقت السعودية مؤقتاً السفر إلى الأراضي المقدسة التي يرتادها المعتمرون وسط مخاوف من أن تلك التجمعات قد تؤجج انتشار فيروس كورونا، ما أربك وكالات السفر ودفعهم لإعادة ترتيب الحجوزات. وببساطة ألغى العديد من المعتمرين ببساطة رحلاتهم.

وأعلنت السعودية هذا العام أنه يلزم تحصين جميع المعتمرين الراغبين في أداء مناسك العمرة ضد فيروس كوفيد-19، بدءاً من شهر رمضان.

ولن تتوفر مبردات مياه زمزم في مكة، بل ستتوفر مياه زمزم المعبأة كبديل، كما يُحظر مشاركة وتوزيع الطعام داخل المسجد.

 

كيف تأثرت عادات رمضان؟

ثمة عادة شهيرة في شهر رمضان بأنحاء الشرق الأوسط تتمثل في قرع الطبول في الشوارع والأزقة في بعض الأحياء قبل بزوغ الفجر، إذ يتجول “المسحراتي” الذي يوقظ الناس لتناول وجبة السحور ويقرع الطبول لتذكير الناس بالاستيقاظ وتناول الطعام.

في بعض الأحياء التي تشهد علاقات وطيدة بين السكان، ينادي المسحراتي الأطفال بأسمائهم. إلا أن أصوات المسحراتية قد خفتت كثيراً خلال العام الماضي، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة خلال الجائحة. ومع استمرار حظر التجول في بعض بلدان المنطقة وحول العالم قد يتأثر هذا التقليد مرة أخرى.

ورغم أن شهر رمضان هو وقت الروحانية والتأمل، فإنه يمثل كذلك الوقت الذي تنطلق فيه المسلسلات التلفزيونية المنتظرة على مدار العام.

وتحظى المسلسلات التلفزيونية – التي تمتد على 30 حلقة لكل يوم من أيام الشهر- بشعبية كبيرة ويظهر بها أشهر الممثلين.

في العام الماضي، تأثرت خطط صناعة الدراما والأفلام إثر الجائحة، لكن تدابير التباعد الجسدي قد سمحت بمواصلة الإنتاج الدرامي منذ فرضها.

 

هل سيقابل العيد باحتفال غير معهود؟

تقام صلاة العيد في صباح اليوم الأول من أيام العيد، وعادة ما تتناول الأسر وجبة الغداء معاً أثناء النهار.

ويعد العيد عطلة رسمية، ويكون بمثابة وقت مخصص للطعام والاحتفالات، حيث يرتدي الأطفال ملابس جديدة، ويتلقون النقود أو الهدايا ويتناولون الحلوى. وعادة ما تخطط الأسر للتنزّه خارج المنزل، وتمتلئ النزهات بالأنشطة المخصصة للأطفال، ويجتمع خلالها الكبار، وتزيّن المنازل بالأضواء واللافتات التي تقول “فطر سعيد”

 

عيد الفطر

وعادة ما تزدحم الطرقات السريعة بين المدن بالسيارات و تخلو الكثير من المناطق تقريباً من سكانها حين يتَّجه الناس إلى مسقط رأسهم للاحتفال بعيد الفطر القادم، لكن من المرجح بسبب جائحة كورونا أن يتأثر عيد الفطر هذه السنة بأجواء الجائحة وبنقص المحروقات اللازمة للسفر. وبينما يمكن ممارسة عادات رمضان الأساسية في المنازل، بما في ذلك صلاة الجماعة عبر متابعة بثّها، عادة ما يكون العيد وقتاً يخرج خلاله المسلمون للاحتفال، لكن في ظل استمرار حالات إغلاق السينمات والمتنزهات والمقاهي، هذا العام، ستقتصر طقوس الاحتفالات على المنازل.

ولكن.. نظراً لأن السلطات الدينية والحكومات ستحظر على الأرجح التجمعات الكبيرة، يمكننا انتظار عيد أكثر هدوءاً هذا العام.