اقتصادصحيفة البعث

(العقار يمرض ولا يموت) وهيئة التمويل تركز على التشبيك بين مانحي الأموال وطالبيها

لا استثمار يعادل الاستثمار في العقار، الذي يصفه المتحمّسون بأنه من أقوى وأضمن أنواع الاستثمار، عملاً بقاعدتهم الذهبية (العقار يمرض ولا يموت)، ففي أصعب الظروف والأزمات، التي يمكن أن تعصف بالاقتصادات المختلفة، ومن بعدها الاستثمارات، تحتفظ الأصول العقارية حول العالم بأهميتها ومكاسبها لاعتبارات عدة، ولكن يبقى التمويل هو (كلمة السر) في إنجاح وتنشيط هذا النوع من الاستثمار، ولاسيما لسوق كسوقنا التمويلية، التي تحتاج التنظيم، كما المال، وكشرط رئيسي ومحوري للمساهمة في إعادة الإعمار.. كيف؟.

تعمل هيئة الإشراف على التمويل العقاري، حاليا،ً على تشجيع الترخيص لشركات تمويل عقاري عبر إعادة دراسة القوانين والقرارات التنظيمية المتعلقة بهذا الترخيص، في خطوة يراد منها تلافي المشكلات والمعوقات، التي حالت دون تأسيس هذا النوع من الشركات المهمّة بالمعنيين التمويلي والاستثماري للكلمة، كذلك دراسة إمكانية مساهمة المصارف العاملة في السوق المصرفية المحلية في إحداث مثل هذه الشركات، وفق القوانين والأنظمة ذات العلاقة، إضافة للبحث في إمكانية استثمار فائض السيولة لدى بعض الجهات العامة، وتوظيفه في هذه الشركات، والتوسع بإقامة مشاريع سكنية جديدة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

ولكن، هل هناك تحديد وحصر، ولو تقريبي، لاحتياجات التمويل وفي أي القطاعات؟. سؤال تجيب عنه المدير العام للهيئة انتصار ياسين بأن العمل جارٍ على دراسة وتأمين الإحصائيات المتعلقة بذلك، وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة جميعاً، بالرغم من وجود صعوبات عدة تحول دون ذلك، مشيرة إلى أن الهيئة تستهدف توفير التمويل لمختلف فئات وشرائح المجتمع، وفق احتياجاتها وإمكاناتها المالية، مع مراعاة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، سواء بالعمل على تخفيض تكلفة الإقراض أم توفيره عبر قنوات الادخار والاستثمار، ولتحقيق هذه الأهداف، تتابع الهيئة الحالة العامة لسوق العقارات، بما يساعد على تنظيم وتوجيه النشاط التمويلي.

ولما كان من ضمن مهام الهيئة الإشراف على التمويل الممنوح من قبل المصارف العاملة في هذا النشاط، وبالتنسيق مع مجلس النقد والتسليف، فإنها تعمل مع المجلس على تنظيم العلاقة بين هذه المصارف المانحة للتمويل والجهات الطالبة له، من خلال إعداد نموذج اتفاق تمويل يضمن حقوق جميع الأطراف والتزاماتها، كما تشير ياسين، التي تؤكد وجود مساعٍ لاستقطاب جهات تمويل ومستثمرين، سواء سوريين أم أجانب، حيث تراعي جميع التعليمات والقرارات التنفيذية لترخيص شركات التمويل إمكانية وجود مستثمر خارجي وتشجع على ذلك، ما يسهم في تمويل بناء وتأهيل ضواحٍ سكنية ومناطق تضررت بفعل الإرهاب، فضلاً عن  إقامة أخرى جديدة بالتنسيق مع الجهات المستفيدة والمالكة لمثل هذه المشاريع.

وترى ياسين أنه من الطبيعي أن يتكامل عمل الهيئة مع شريكتها في القطاع العقاري (هيئة التطوير والاستثمار العقاري)، إذ لا يمكن للثانية أن تقوم بعملها دون تأمين التمويل اللازم، وهنا يأتي دور شركات التمويل، التي تعدّ أحد مصادر تمويل مشاريع التطوير العقاري، كما ترى أن إحداث مؤسّسة ضمان مخاطر القروض، يشكل إضافة جديدة لسوق التمويل المحلية، وعاملاً مهماً جداً في إكمال وإنجاح عملية التمويل، ولكن أولوية عمل هذه المؤسسة تكون، عادة، للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال تأمين كفالة الحصول على تمويل لها، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة التمويل العقاري، الذي يكون بضمانة العقار نفسه، كما هو معروف.

وأصدرت الهيئة، منذ تأسيسها، القانون رقم (15) لعام 2012 وتعليماته التنفيذية والذي ينظم ترخيص شركات التمويل العقاري ويحدّد أسس إشراف الهيئة على المصارف العاملة في مجال التمويل العقاري، كما أصدرت القانون  الخاص بتنظيم مهنة التقييم العقاري، الذي نظم آلية منح رخصة مزاولة مهنة التقييم  للأشخاص الطبيعيين، وحدّد عملهم وفق أسس وضوابط معتمدة، حيث لا يجوز لأية جهة تكليف شخص للقيام بأعمال التقييم أو التخمين العقاري من غير خبراء التقييم العقاريين المدرجين في الجدول المعتمد من الهيئة، والذي يصدر سنوياً.

وأحدثت الهيئة بموجب القانون رقم (39) لعام 2009، حيث تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويتمحور نشاطها حول تأسيس شركات التمويل العقاري والإشراف على عملها، وذلك لتأمين التمويل اللازم للشخصية الطبيعية أو الاعتبارية (شراء، ترميم، إكساء، إيجار..) وذلك بالصيغ التقليدية أو الإسلامية.

أحمد العمار

ournamar@yahoo.com