أخبارسلايد الجريدةصحيفة البعث

أردوغان ماض في سياساته القمعية.. والاتحاد الأوربي يغضّ الطرف

تقرير إخباري

يتعرّض حزب الشعوب الديموقراطي- المعترف به رسمياً داخل تركيا ولديه قاعدة برلمانية وشعبية واسعة- إلى ما يمكن تسميته “مذبحة سياسية” من أردوغان شخصياً؛ إذ إن الآلاف من قيادات وقواعد الحزب ومؤيديه، أو المحسوبين عليه، كان مصيرهم قاتماً، فإما الطرد من الوظيفة، أو الملاحقة والسجن، حيت تمّ، خلال خمسة أعوام، اعتقال 16 ألفاً و490 من أعضائه، بينهم رؤساء الحزب، و18 برلمانياً وقيادات بارزة فيه، بحجة أن هذا الحزب متهم بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني ومدافع عن سياساته، كما تزعم أوساط “العدالة والتنمية” وأردوغان شخصياً.

وفي هذا السياق، بدأت محكمة تابعة للنظام التركي، اليوم الاثنين، محاكمة العشرات من أعضاء الحزب، بينهم الرئيس المشترك السابق للحزب صلاح الدين دميرطاش، بسبب الاحتجاجات التي تفجّرت ضد دعم أردوغان لـ “داعش” عام 2014، وذلك في أحدث خطوة على مسار تقويض الحزب، بهدف إخلاء أردوغان من العقبات ومحو المعارضة قبل الانتخابات القادمة، فيما تغضّ المؤسسات الأوروبية الطرف عن المظالم، التي تقع في  تركيا، وتكتفي بإصدار بيانات الاحتجاج والتصريحات الصحافية والتهديد بعقوبات في الهواء، لكن لا شيء أكثر من ذلك.

ويؤكّد حزب الشعوب الديمقراطي أن قضية هذا الأسبوع خطوة أخرى من نظام أردوغان لتقويض الحزب، بعد أن قدّم ممثل ادعاء تركي دعوى قضائية لحظر الحزب الشهر الماضي.

ووجّهت للمتهمين، وعددهم 108 ومن بينهم صلاح الدين دمرداش أحد أبرز السياسيين في تركيا، 37 تهمة بـ “القتل وزعزعة وحدة وسلامة أراضي الدولة”، وتضم لائحة الاتهام أيضاً تهماً بـ “التحريض على الاحتجاجات”، وهو ما ينفيه “الشعوب الديمقراطي”.

وقال مدحت سنجار الزعيم المشارك للحزب أمام المحكمة في مجمع سجن سنجان بأنقرة: “سندحض هذ المؤامرة ونوسّع النضال من أجل الديمقراطية، ونفسد حسابات السلطة السياسية، وسننقذ معاً بكل تأكيد هذا البلد من تلك الهجمة الاستبدادية”.

ويتعرّض حزب الشعوب الديمقراطي، ثالث أكبر حزب في تركيا، لحملة قمع متصاعدة من “العدالة والتنمية”، الذي يتزعمه أردوغان، وحلفائه في حزب “الحركة القومية” المتشدّد؛ والتي بلغت ذروتها آذار الماضي عندما تحرّك المدعي العام لإغلاقه بسبب اتهامات بـ “الإرهاب”، وهي اتهامات ينفيها حزب الشعوب الديمقراطي ويصفها بأنها “انقلاب سياسي”.

وقدّم مدع عام تركي الشهر الماضي التماساً إلى المحكمة الدستورية للمطالبة بحظر الحزب، فيما جرّد البرلمان النائب جرجرلي أوغلو، الناشط في مجال حقوق الإنسان، من عضويته والحصانة المرتبطة بها بسبب إدانته من قبل بنشر دعاية إرهابية من خلال مشاركة رابط موضوع إخباري على تويتر.

وندد حلفاء تركيا الغربيون بخطوة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، في حين دافع “العدالة والتنمية” مع القوميين عن هذه الخطوة، فيما احتشد آلاف الأتراك في إسطنبول دعماً لحزب الشعوب الديمقراطي، وعبّروا عن غضبهم من محاولة قضاء أردوغان حظر الحزب، مما حوّل احتفالاتهم بعيد النوروز في آذار بأنحاء البلاد إلى استعراض للتحدي.

وأثارت المطالبة بإغلاق الحزب مخاوف الدول الغربية بشأن سيادة القانون في تركيا، وحذّرت الولايات المتحدة من أن الجهود التي تبذل لحظر الحزب ستشكّل تقويضاً للديمقراطية.

ولطالما انتقدت الدول الأوروبية سلوك أردوغان وممارسات القمع المجحفة بحق المعارضة، لكن نظام أردوغان تجاهل الانتقادات الغربية والأوربية، وكثّف في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب، واستبدل الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين بأزلام منه.

وينفي الحزب بشدة الاتهامات الموجّهة له بممارسة “أنشطة إرهابية”، ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد بسبب معارضته لأردوغان.

ويشهد أردوغان وحزبه تآكلاً في الخزان الانتخابي، وتراجع القاعدة الجماهيرية والمناصرين، بسبب سياساته المدمّرة داخلياً وخارجياً. وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب إلى تغيّر كبير في المشهد السياسي، قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لأردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة.