اقتصادصحيفة البعث

هناك حيث تكمن “الشياطين”؟!

قسيم دحدل

لا ننكر ونحن نشهد المحاولات الحكومية الجادة والحثيثة لتكريس شعار “صنع في سورية” أن هذا الملف الهام يدغدغ وجداننا الجمعي قبل جيوبنا كسوريين، خاصة حين نستذكر ما وصلت إليه الصناعة السورية من مكانة وسمعة وثقة تنافسية سوقية إقليمياً وحتى دولياً قبل الأزمة.

ومع أمنياتنا أن تتكلل تلك الجهود باستعادة تلك المكانة، والوصول إلى ما كانت عليه وأحسن وأفضل، منافسة وحضوراً على الأقل، في السوق السورية نفسها، حيث خسرت عدداً هاماً من أجود صناعاتها، إما دماراً وتخريباً، أو سرقة وهجرة إلى الخارج القريب والبعيد.

أمنياتنا لصناعاتنا، مردها أوجه وأهداف عدة، منها بداية: تنشيط الحركة الإنتاجية، وفتح جبهات عمل وفرص عمل جديدة، واستعادة صناعات نالت سابقاً حظوة ومكانة وإقبالاً عند المستهلك داخلياً وخارجياً، وجعلها بديلاً حقيقياً لصناعات خارجية، وليس انتهاء بتحقيق التحسن المنشود، بالنسبة المقبولة مرحلياً، للقوة الشرائية للعملة الوطنية.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بعد أن أصدرت قراراً بتحديد الحد الأقصى للأرباح لعدد من الصناعات: الألبسة والأقمشة والأحذية والجلديات والكهربائيات والأدوات المنزلية والدهانات والكرتون وغيرها، بنسب أرباح ما بين ١٠ – 20%  للمستورد، و٧ – 30% للمنتج المحلي، نجد أن هناك من امتعض من هذا القرار، معتبراً أن تلك النسب لا تشجع على نمو وتطور الأعمال بشكل عام، وغير عادلة لاسيما حين المقارنة ما بين النسب المحددة للمستورد، والمحددة للمنتج المحلي بشكل خاص.

قد نتفهم مبررات المنتجين المحليين لناحية المقارنة بين الجاهز المستورد والمُصنع المحلي، ولكن كيف نفهم ذلك الامتعاض، وقد أشركت الحكومة ممثّلي القطاع الخاص في قرارها، أو على الأقل في دراسته وحيثياته؟!.

وإذا كنا نتفهم، إلا أننا لا نوافق المُمتعضين على امتعاضهم، ولو قارنا النسب الممنوحة لهم بالنسب المحددة للفلاح والمزارع، فماذا يمكنهم أن يقولوا عن النسب والاشتراطات التي تم تحديدها لمنتجات ممن لايزالون يشكّلون عماد أمننا الغذائي وصناعاتنا الغذائية، رغم ما يمكن أن يُحيق بهم في كل لحظة من مخاطرة “اكتوارية” مناخية وطبيعية، وغيرها من تكاليف قد تطيح في أية لحظة بتعب وكد وجهد عام كامل، وأرزاق عائلات ومناطق بأكملها؟!.

وبرأينا أن تقديرنا وتثميننا لما صدر، مع تحفظنا لصالح الفلاح، سيظل منقوصاً إن لم نصل لمرحلة بمستوى من الشفافية في حسابات التكاليف الحقيقية الدقيقة للمستورد والمنتج محلياً، حيث في تفاصيلهما تكمن الشياطين.

Qassim1965@gmail.com