دراساتصحيفة البعث

بايدن بعد 100 يوم.. عموميات حول الشرق الأوسط!!  

تقرير إخباري

كشف خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن أمام الكونغرس مساء الأربعاء الماضي بمناسبة مرور 100 يوم دخوله البيت الأبيض عما يمكن وصفه بالتحول الواضح في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وكذلك فيما يخص روسيا والصين.

وقال بايدن: “بعد مئة يوم، يمكنني أن أقولها للبلاد: أمريكا تمضي قدماً مرة جديدة”، مضيفاً: “أمريكا مستعدّة للانطلاق. نحن نعمل مرّةً جديدة، نحلم مرّة جديدة، نكتشف مرّة جديدة، نقود العالم مرّة جديدة. لقد أظهرنا لبعضنا البعض وللعالم (أنّه) لا يوجد استسلام في أمريكا”.

والنقطة التي تستحق التوقف عندها في الخطاب هي التركيز الواضح على الملفات الداخلية مقارنة بملفات السياسة الخارجية بشكل عام، فقد استفاض بايدن في الحديث عن خطته الاقتصادية وحزم المساعدات للمتضررين من وباء كورونا وحملة التطعيم في البلاد وملف الانقسام الداخلي وقانون إصلاح الشرطة، بينما جاء حديثه عن الصين وروسيا والشرق الأوسط مقتضباً دون تفاصيل. ويبدو أن انشغال بايدن داخلياً سيكون السيناريو الأكثر احتمالاً لرئاسته رغم قوله بمجرد تنصيبه إن “أمريكا قد عادت” لقيادة العالم.

ولم يتطرق بايدن للشرق الأوسط وقضاياه بشكل لافت، بل جاء ذكر المنطقة فقط في سياق حديثه عما وصفه بـ “الإرهاب”، وإشارة أخرى إلى الملفات النووية، وقال: إن تنظيمَي القاعدة و”داعش” موجودان في كل من اليمن وسورية والصومال، بالإضافة إلى مناطق أخرى بإفريقيا والشرق الأوسط.

ولم يذكر بايدن الاتفاق النووي مع إيران ولا المفاوضات الهادفة إلى إعادة إحيائه، بل تطرق لملفات البرامج النووية، حيث قال: “بالنسبة للبرنامج النووي بإيران وكوريا الديموقراطية يفرض تهديداً حقيقياً على الأمن القومي الأمريكي والأمن العالمي، سنعمل على مقربة من حلفائنا للتعامل مع التهديدات التي تشكلها الدولتان عبر الدبلوماسية والردع الصارم”، حسب قوله.

أكد بايدن أن إدارته لا تسعى إلى “نزاع مع الصين”، لكنه عبّر عن “الاستعداد للدّفاع عن المصالح الأمريكيّة في المجالات كافّة”، وقال: “خلال مناقشاتي مع الرئيس شي (جين بينغ)، أخبرته بأنّنا نؤيّد المنافسة”، ولكن في المقابل “سنحارب الممارسات التجاريّة غير العادلة” و”سنحافظ على وجود عسكريّ قوي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ” و”لن نتخلّى عن الدفاع عن حقوق الإنسان”.

وفيما يخص روسيا، شدد بايدن أيضاً على أنه لا يسعى إلى تصعيد التوتّرات مع نظيره الروسي بوتين بعد أن فرض عقوباتٍ على موسكو بسبب مجموعة من المخاوف، وقال أمام الكونغرس: “أوضحتُ لبوتين أننا لا نسعى إلى التصعيد، لكن أفعالهم لها عواقب”.

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن قامت بنشر تقرير استخباراتي سري بشأن مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في تشرين الأول 2018 يحمل ولي العهد محمد بن سلمان المسؤولية المباشرة عن تلك الجريمة، إلا أن بايدن رفض اتخاذ أي إجراءات بحق بن سلمان وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات داخل أروقة السياسة الأمريكية وخارجها.

ويرى كثير من المحللين أن ترامب قد جعل من عودة بايدن للاتفاق النووي مع إيران مهمة شبه مستحيلة، ليس فقط عبر الانسحاب الأحادي منه وفرض عقوبات خانقة على طهران، بل أيضاً من خلال تشجيع “إسرائيل” على تكثيف أعمالها التخريبية، كاغتيال العالم النووي محسن فخري زاده لجرّ طهران إلى الحرب ومؤخراً الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز النووية، لكن يبدو أن سياسة النفس الطويل التي تتبعها إدارة بايدن في هذا الملف تسير في الاتجاه الصحيح حتى الآن، وأبرز دليل على ذلك هو قبول إيران المشاركة في مفاوضات فيينا بعد أن كانت ترفض تماماً التفاوض قبل رفع العقوبات الأمريكية أولاً.