دراساتصحيفة البعث

الهند.. أوضاع كارثية والخطر يهدد العالم

إعداد: هناء شروف

تعيش الهند أوضاعاً كارثية بسبب الارتفاع الحاد في عدد الإصابات والوفيات جراء كورونا. هذه الأوضاع تعتبر من أسوأ الأوضاع التي شهدها العالم في ظل مشاهد وفاة الناس في الشوارع ونفاد الأكسجين من المستشفيات، والسؤال لماذا ضُربت الهند الآن بالوباء؟ وهل ستتبعها دول أخرى؟.

بالعودة إلى بدايات انتشار الوباء في الهند العام الماضي، بدت الهند وكأنها ستعبر الوباء نسبياً دون أضرار من خلال الإغلاق الصارم الذي فرضته في الفترة من 25 آذار إلى 31 أيار 2020، وهو ما أنقذها من الموجة الأولى من الفيروس. وبعد رفع الإغلاق، ضربت البلاد موجة من حالات الإصابة، لكن المستشفيات ظلت قادرة على استيعاب المرضى. لكن ما الذي حدث حتى ضرب الوباء الهند بهذه القسوة الآن؟.

يقول الطبيب شاهد جميل، وهو أحد أبرز علماء الفيروسات في الهند: “لقد تخلينا عن حذرنا. كان الأمر عبارة عن حالة من الرضا عن النفس والتراخي”. الإغلاق الأول أوقف الفيروس لكنه تسبب في انهيار اقتصادي ومعاناة إنسانية لا توصف. وبالتوازي مع ذلك، يتهم المنتقدون الحكومة بالتخلي عن مسؤولياتها، ففي أوائل آذار من هذا العام، زعم وزير الصحة هارش فاردان أن الهند تعيش “نهاية” الوباء، وأقيمت مباريات الكريكيت والمهرجانات الدينية الضخمة دون أن يلتزم الحضور بارتداء أقنعة الوجه، ويقول جميل إن تلك المناسبات كانت الناشر الأكبر المحتمل للفيروس.

ويضيف، تعتبر الهند “صيدلية العالم” من حيث قدرتها على إنتاج اللقاحات، فقد نجحت في إعطاء 139 مليون جرعة من اللقاح، بما يفوق ما قدمته أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة والصين. كما تحتل الهند المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة من حيث عدد الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح. لكنه يؤكد على أن هذه الأرقام لا تمثل سوى 10 في المئة و 1.6 في المئة على التوالي من عدد السكان الهائل، وهي نسبة لا تكفي لوقف الموجة الحالية.

وأضاف: “لقد احتفلنا مبكرا جداً. تنبأت بحدوث موجة ثانية. فمن الناحية التاريخية، إذا ما نظرت إلى الأمراض التنفسية، ستجد أنها تعود للظهور. لكن لم يتوقع أحد أن تكون العودة بهذا الحجم الكبير. لقد فوجئنا بالأمر الذي اجتاح النظام بالكامل”.

ويضيف بعد مقارنة الوضع في الهند والوضع في بريطانيا من حيث معدلات الإصابة بالمرض وطرق الاستجابة له، قال أطباء بريطانيون إن معظم الناس لا يدركون كم كان الوضع قريباً من حافة الانهيار في بريطانيا تماماً كما يحصل في الهند عندما ضربت السلالة البريطانية من الفيروس البلاد قبيل عيد الميلاد. ويقول جوليان تانغ، وهو أستاذ مشارك في علوم الأمراض التنفسية بجامعة ليستر، إن معدل الارتفاع في أعداد حالات الإصابة بكوفيد-19 في الهند لا يختلف عن نظيره في بريطانيا، لكن نظام الرعاية الصحية في المملكة المتحدة كان أكثر استعداداً للتعامل مع الوضع، كما أن موارد الرعاية الصحية المتوفرة للفرد في بريطانيا أعلى بكثير مما هو متوفر في الهند.

إن الخطر لا ينحصر بالهند فقد يتعداها إلى البلدان المجاورة كنيبال وسريلانكا مع تصاعد أعداد حالات الإصابة في البلدين. بل إن الخطر يهدد العالم بأسره، لأن أزمة الهند تثبت أنه لا يوجد مكان في العالم آمن وأن الكل معرض للخطر إلى أن يتم تطعيم الجميع.