زواياصحيفة البعث

الانتخابات الرئاسية.. عنوان لمرحلة جديدة

 الدراسات

في مشهد لا لبس فيه، تجاوزت سورية التهويل الغربي، وقررت مواجهة التحديات الميدانية والسياسية والخارجية بقرارها تحديد موعد الانتخابات الرئاسية. ومما لا شك فيه أن تحديد موعد الاستحقاق الرئاسي يحمل رمزية كبيرة، خاصةً أنه يأتي بعد عشر سنوات من الحرب الإرهابية التي فرضت على سورية، وهو ما يعتبر تجسيداً واضحاً لاستمرار المؤسسات الدستورية، وقدرتها على الاستمرار في الحياة الطبيعية، بما فيها تنظيم الانتخابات الرئاسية.

وبالرغم من الحصار الاقتصادي والحرب الهمجية، فإن رسالة الاستحقاق الرئاسي واضحة لا تحتاج إلى جهد التفسير، وهي أن ما بعد الاستحقاق يحمل أملاً بمستقبل جديد وهو مرحلة إعادة اعمار سورية والتي بدأت بخطواتها الأولى على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وما زيارة الرئيس بشار الأسد لواحدة من أهم المناطق الصناعية- حسياء- قبل أيام إلا دليل ساطع على أن المرحلة المقبلة هي للإعمار.

وهو بالتالي ما يقود إلى أن رسائل الاستحقاق الرئاسي موجّهة بشكل مباشر إلى دوائر القرار السياسي الإقليمي والدولي، التي كان لها اليد الطولى في الحرب الإرهابية على سورية، وهي أن الإرهاب المصدر إليها غير قادر على هزيمة المؤسسات السياسية والإدارية السورية، أي أنه بعلم السياسة يعد نجاحاً سورياً آخر بعد الإنجازات العسكرية والأمنية، وبالتالي يمكن تسميته “المعركة الصامتة” ضد محاولات الدول الداعمة للإرهاب التي أرادت تعميم الفوضى، وتدمير بنية الدولة السورية.

على مدى عشر سنوات من الحرب الكونية على سورية، مع كافة التحالفات والاصطفافات الإقليمية، ومحاولة القوى الغربية مصادرة القرار السياسي للدولة السورية، وما تم حياكته من مؤامرات داخل الدوائر المغلقة في غرف الاستخبارات الغربية وحلفائها، وإنتاج هيئات وائتلافات لا تقدّم ولا تؤخر وليس لها أي وجود حقيقي على الأرض السورية، ها هي الدولة السورية تعود لتؤكد أن لا شرعية سوى للشعب السوري، الذي حاول الغرب كثيراً  مصادرة رأيه وقراره عبر إغراقه بأزمات كثيرة. وترسل أيضاً رسالة مهمة للدول مسلوبة الإرادة أنها النموذج الحقيقي في ممارسة حقها السيادي بكامل إرادتها، بعيداً عن الإملاءات الخارجية والتوافقات الدولية، والأهم أنه لا عودة للوصاية الغربية بكافة أشكالها.

صحيح أن الكثير من الدول الغربية شكّكت في هذه الانتخابات مقدّماً، والتهديد بعدم الاعتراف بها، إلا أن هذا الاستحقاق يعد الخطوة الأهم في المرحلة الحالية والمستقبلية، كونها تعكس الديمقراطية الحقيقية بعيداً عن التدخلات الخارجية التي تخل بمبدأ السيادة. لذلك فإن الانتخابات هي باب من أبواب حماية الاستقلال، وهو جزء لا يتجزأ  من الانتصار على الإرهابيين ومشغليهم.

من هنا تأتي الانتخابات الرئاسية كعنوان لمرحلة مهمة تكمل انتصار سورية على مفاعيل الحرب، ولترمي الكرة في ملعب القوى التي تتاجر بمفاهيم الحقوق والحريات والديمقراطية، معتمدة على ما نصت عليه المواثيق الدولية أنه “وفق مبدأ السيادات المتساوية وميثاق الأمم المتحدة ومعايير القانون الدولي لا يحق لأي دولة أن تنتهك سيادة دولة أخرى، أو أن تتدخل في شؤونها السيادية والسياسية الداخلية”. وعليه فإن الشرعية للاستحقاقات الدستورية تُمنح حصراً من الشعب السوري وليس من سواه، وهذه الشرعية يحددها مدى انسجام هذه الانتخابات مع المعيار القانوني والدستوري السوري، وليس انسجامها مع المصالح والرؤى الغربية.