ثقافةصحيفة البعث

“العرس الحلبي” مازال على تقاليده وطقوسه!!

رغم مرور الزمن ما زال العرس الحلبي محافظاً على كثير من طقوسه وتقاليده، ومساء يوم العرس، يحضر أصدقاء العريس إلى داره ليصحبوه إلى الحمام، يرافقهم الحلاق، ويستحم الجميع مهلّلين مغنين بهجة وفرحاً، وأحياناً يقلدون النساء بالزغاريد، وبعدها يذهبون إلى التلبيسة التي تكون معقودة قبل أكثر من ساعة، وحين دخول العريس، يصيح الجميع (صلَوا على محمد، زين زين مكحول العين واللي يعادينا الله عليه) فإذا انتهت الجملة صاح آخر (صلوا) فيكملوا الجملة حتى يهدأ الجميع، يتقدّم العريس من والده ويقبّل يده، أو من ينوب عنه من عمّ أو خال أو أخ أكبر.

يتقاطر الشبان من أصدقاء ورفاق وجوار إلى مكان الحفل ويخصّص الصدر للفرقة الموسيقية، ثم تبدأ الفرقة بعزف (دولاب) وبعد ذلك تبدأ وصلة موشحات التي تستغرق نصف ساعة، يشترك في غنائها المطرب والموسيقيون القادرون (العوّاد وعازف القانون وعازف الرق) والمردّدون، ثم يغني المطرب دوراً مدته ساعة، يتخلّل ذلك غناء قصائد مرتجلة، ومواليات مختلفة، ثم تبدأ رقصة العربي على لحن قديم ويكون بطيئاً جداً في بدايته، يرقصون على اللحن فرادى أو مثنى أو أكثر، وهو من مقام (الهزام) ثم ينتقلون إلى لحن آخر من مقام (الحجاز) أكثر سرعة، وتسمّى الرقصة الغزاوية.

يحلّ أذان الفجر فيتوقف المطرب عن الغناء، ثم يبدأ من جديد، وهنا يأخذ الأصدقاء العريس إلى غرفة مع ترديدهم أهزوجة العرس، وهي (صلوا على محمد) ويلبسونه الثياب التي سيدخل بها على عروسه، ويجري الخلع والارتداء أمامهم، وهم في كل مرحلة يهزجون (عريسنا لبس قميصو.. الله يساور دوس ودوس وجيه) إلى أن يتمّ العريس خلع ولبس كل ملابسه دون استثناء، وهذه الجملة (الله يساور) قيل إنها مأخوذة عن السريانية، وتعني (جمع الله الاثنين معاً) ثم يخرج العريس إلى المحتفلين وهم يهرجون ويمرجون فيقبل يد والده أو من ينوب عنه، ويجلس بالقرب منه حيث يقدم له فنجان من القهوة المرة، وبعد أن يشربه يكسره ساقي القهوة، ومعنى ذلك (إنه لا يجوز أن يشرب فيه أحد بعده) وبعد الانتهاء من الحفل ينشد المطرب موَالين اثنين، الأول ومطلعه:

ياأهل السخا تكرمون الضيف برضاكم

وتعاملونا بطيب العــــــــــيش برضاكم

حيث المروة لكم والحق برضاكـــــــــم… إلى آخره

والثاني ويسمّونه موَال الفاتحة ومطلعه:

حسن يلاقي لحسن إينا حسن أحســــــن

قمر يلاقــــــــــــي لقمر إينا قمر أحسن

ويخرج الجميع في موكب العراضة إلى مكان عرس النساء، بعدها ينادي أحدهم (بسم الله ياشباب).

ولا تختلف حفلة عرس النساء عن مثيلاتها عند الرجال، فقبل يوم العرس تأتي الماشطة لوضع الحناء في أكف العروس ونساء عائلتها وصديقاتها، وقد تنقش لها يديها ورجليها برسوم مجهزة على قماش خاص، وتذهب النساء جماعة إلى الحمام، وعند المساء تنقل العروس وأهلها إلى مكان الحفل.

في الحفلة هناك المطربة، وغالباً ماتكون يهودية، وتغني الطقاطيق والقدود وأغاني الوقت الشائعة، ثم تغني المواليات والنايل والميجنا، وحين يعلنون عن وصول العريس إلى مكان الاحتفال، تسارع من تريد أن تتستر فتضع الغطاء على رأسها، ثم يدخل العريس برفقة أبيه ليقوم (بمسك إيد بإيد) أي أن يسلّم له العروس بيده، وقد يدخل معه أيضاً إخوته وأبناء عمه، إذا سمحت لهم أم العروس، وتقوم بعدها (الخوجة) المطربة بغناء طقطوقة، تسمّى أغنية الزفة، وينتهي العرس بأن يأخذ العريس زوجته إلى بيت الزوجية، وغالباً ما يكون هو بيت أبيه، فلم يكن من العادات أن يسكن الابن بعيداً عن أبيه وأمه، بل كنت تجد الأب وخمسة من أولاده المتزوجين ولكل منهم غرفة في الدار تضمّه مع زوجته وأولاده.

فيصل خرتش