أخبارسلايد الجريدةصحيفة البعث

رغم محاولات أردوغان.. المعارضة توسّع تحالفاتها لخوض انتخابات 2023

تقرير إخباري:

يبدو أن استراتيجية أردوغان لتقسيم المعارضة، التي كان يتبعها منذ صيف عام 2020، قد أتت بنتائج عكسية، إذ تتهيّأ المعارضة التركية لرصّ صفوفها وتوسيع دائرة تحالفاتها، من أجل مواجهة التحالف الحاكم الذي يضمّ حزب العدالة والتنمية وشريكه حزب الحركة القومية اليميني المتطّرف.

وفي هذا السياق، سجّل “تحالف الأمة”- وهو كتلة معارضة تأسست لتحدي حكم أردوغان الذي دام 19 عاماً- نقطة مهمة، حيث أكد أحد قادته، ميرال أكشنر، أن حزب “الديمقراطية والتقدّم” وحزب “المستقبل” سينضمان إليها.

يذكر أن تحالف الأمة يضم حزب الشعب الجمهوري، المعارض الرئيسي، وحزب الصالح وحزب السعادة. وكان للتحالف تنسيق مع حزب الشعوب الديمقراطي، ما يعطيه قوة كبيرة.

وأعلنت أكشنر، زعيمة الحزب الصالح، أنهم يخططون للتعاون خلال الانتخابات القادمة مع الحزبين، اللذان تأسسا في السنوات الأخيرة من قبل علي باباجان وأحمد داوود أوغلو، على التوالي؛ وهما من ذوي الوزن الثقيل السابقين في حزب العدالة والتنمية الذين انفصلوا عن أردوغان بعد أن خدموا في مناصب مختلفة رفيعة المستوى في حكومته.

ويحتل حزبا “الديموقراطية والتقدّم” و”المستقبل” موقعاً استراتيجياً حاسماً نظراً لقدرتهما على انتزاع الأصوات مباشرة من حزب العدالة والتنمية، إذ إنه المتوقّع أن يكون لديهما مستوى اقتراع مشترك يبلغ 4 بالمائة من نسبة الأصوات. ولذلك تحاول وسائل الإعلام، المقرّبة من تحالف الأمة، تشجيع الانفصال عن الحزب الحاكم من خلال جلب باباجان وداود أوغلو إلى الواجهة.

وفي إشارة إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أظهرت أن حزب العدالة والتنمية الحاكم عند أدنى مستوى من الدعم منذ إنشائه، قالت أكشنر: “حزب العدالة والتنمية يحقق نسبة 25 بالمائة. جنباً إلى جنب مع حزب الحركة القومية لديهم حوالي 42 في المئة. من ناحية أخرى، فإن تحالف الأمة ينمو. إن الحزب الصالح  ينمو، وحزب الشعب الجمهوري لا يخسر الأصوات، والحزب الاشتراكي لا يعمل بشكل سيئ”، وأضافت: “يبدو أنه سيكون هناك تعاون. أنا أتحدّث عن حزبي “المستقبل” و”الديمقراطية والتقدّم””، وتابعت: “ونتيجة لهذه التحالفات الجديدة، لا يبدو أنه من الممكن بقاء تحالف السلطة السابق ما بين العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وليس هنالك احتمال باحتفاظهما بمواقعهما السابقة”.

وتعزو استطلاعات الرأي الانخفاض الحاد في دعم الكتلة الحاكمة بشكل أساسي إلى تدهور الاقتصاد وسوء إدارة جائحة كوفيد 19. ففي كلا الموضوعين، كانت المعارضة تتمتع منذ فترة بالسيطرة الخطابية.

مبادرات أردوغانية لتفكيك تحالف الأمة

وفي إطار محاولات أردوغان وزعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي منذ الصيف الماضي لوقف تراجع شعبيتيهما، اتخذا عدة مبادرات تهدف إلى تفكيك تحالف الأمة. ففي البداية دعوا أكشنر، التي كان حزبها تتصاعد شعبيته في استطلاعات الرأي، للانضمام إلى تحالفهم الخاص. وبعد رفض أكشنر، اتخذ أردوغان خطوة بشأن تحالف أصغر مع شريك في التحالف، وهو الحزب الاشتراكي.

وفي حين أن الحزب الاشتراكي، الذي يستحوذ على حوالي 1.5 في المائة، لم ينفصل عن كتلة المعارضة، كان أردوغان يدق إسفينا بين زعيمه الرسمي تميل كارامولا أوغلو، وزعيمه الروحي أوجان أصيلتورك، الذي التقى به مرتين هذا العام.

في المقابل، كثّفت أكشنر اتصالاتها مع كارامولا أوغلو. والحاصل أن موقف هذا الحزب في الانتخابات لا يزال غير مؤكّد.

ويؤكّد مراقبون أن بقاء أردوغان مع دولت بهجلي وحيدين في “تحالف الشعب” لا يتوقّع أن يوفّر لهما أي انتصار كبير في الانتخابات المقبلة، ولذلك وفي محاولة واضحة لتحويل الانتباه إلى مكان آخر، فتحت الكتلة الحاكمة نقاشاً حول تغيير الدستور. إذ كشف “الحركة القومية” عن مسودة الدستور المكوّنة من 100 مادة، والتي سارع “العدالة والتنمية للتعبير” عن دعمها، في حين جعله المتحدّثون باسم النظام التركي، وكذلك وسائل الإعلام الرئيسية التي يسيطر عليها أردوغان، من أهم بنود الموضوعات التي يجري الحديث عنها.

ومع ذلك، تقول المعارضة إنها ستفكر فقط في المشاركة في إصلاح دستوري يتضمن العودة إلى نظام الحكم البرلماني، مع محاولة عدم فقدان التركيز على الاقتصاد والوباء.

انتخابات مبكرة للخروج من الفوضى

ويرصد حزب العدالة والتنمية الحاكم تحرّكات المعارضة التركية، وتسلط وسائل الإعلام التابعة للنظام الضوء على تلك التحرّكات، التي تعدها مناورات، بعدما سعت في البدء الى انتخابات مبكرة، ثم بدأت تثير قضية مرشّح رئاسي بديل، وهو ما صار يقلق أردوغان بشكل خاص من تبعات انتخابات 2023.

وفي هذا السياق، دعا حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض إلى إجراء انتخابات مبكرة في ظل عجز نظام أردوغان عن إدارة البلاد، وقال فائق أوزتراك، المتحدث باسم الحزب، “حزب العدالة والتنمية الحاكم سيلجأ مجبراً إلى إجراء انتخابات مبكرة خلال فترة قصيرة في ظل هذه الفوضى وهذه السلطة العاجزة عن ممارسة السياسة، والتي فقدت قدرتها على إدارة البلاد كلياً، ولم يعد بإمكانها إصلاح الأوضاع”، وأشار إلى أن الشعب التركي يرغب بإجراء انتخابات مبكرة، معرباً عن أمله في ألا تأخذ هذه المسألة وقتاً طويلاً وإلا فإن العبء الواقع على عاتق المواطنين سيتزايد بمرور الوقت، وتابع: إن الحزب على استعداد لخوض الانتخابات المبكرة ولإعادة تركيا إلى مستواها السابق وإلى الازدهار مرة أخرى.

ميرال أكشنر، التي تقود الحزب الصالح، بدورها، تتخذ خطوات أولية لوضع اسمها على التذكرة الرئاسية المشتركة للمعارضة أو لتشكيل تحالف انتخابي ثالث – أو ربما رباعي.

ويشمل الترقب حزب الشعب الجمهوري، بزعامة كمال كليجدار أوغلو، الذي يخشى الحزب الحاكم من أن يرشّح نفسه للرئاسة، خاصة مع الشعبية المتردية لأردوغان، بحسب استطلاعات الرأي. وفي الوقت نفسه، لا يزال زعيم المعارضة الرئيسي ملتزماً بإيجاد مرشّح واحد للمعارضة بأكملها. ومن المؤكد أن نتيجة الانتخابات البلدية لعام 2019 تشجّعه على التفكير بهذه الطريقة، حسبما يؤكد مراقبون.