دراساتصحيفة البعث

مجرد حقيقة اقتصادية بسيطة

تقرير إخباري

يبدو أن حرب العقوبات سيرتفع منسوبها مع كل يوم عمل في مشروع خط الأنابيب “نورد ستريم 2″، حيث صعّدت الولايات المتحدة من معارضتها للمشروع، وزادت حدة التوترات عبر المحيط الأطلسي مع ألمانيا، لكن تواجه إدارة بايدن الكثير، مثل إدارتي أوباما وترامب اللتين عارضتا “نورد ستريم 2” وأدخلتا خطوات ملموسة لوقف تقدمه، الكثير من الضغوط من قبل أعضاء الكونغرس من أجل صدّ وإيقاف تقدم “نورد ستريم 2”. وهو، أي الرئيس الأمريكي بايدن، حتى الآن لم يقرّ وإدارته أي مشروع للعقوبات، لأن أولوياتها تكمن في إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا في حقبة ما بعد ترامب.

وليست أمريكا وحدها من تعارض المشروع، بل هناك العديد من دول أوروبا الشرقية تعارض المشروع نفسه، ومنها سلوفاكيا وأوكرانيا وبولندا، بحجة الخوف من انعدام الأمن الجغرافي والاقتصادي، إذ يُعتقد أن “نورد ستريم 2” سيكلف أوكرانيا نحو 2 إلى 3 مليارات دولار من الخسائر مع انتقال أجور العبور من أوكرانيا إلى مشغلي المشروع. والحجة الأخرى التي قدمتها المعارضة الأوروبية هي أن المشروع سيقوّض تضامن الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة أو حتى قيام “اتحاد طاقة” محتمل.

في المقابل فإن ألمانيا -المستهدفة بالضغط الأمريكي- ومؤيدي “نورد ستريم 2” غالباً ما يسلطون الضوء على أن الغاز الروسي المستورد لن يفيد ألمانيا فحسب، بل يفيد أوروبا كلها. وهي أي ألمانيا ستتخلى، مثل أي دولة أوروبية أخرى، عن الفحم والطاقة النووية في غضون العقود القليلة القادمة، وهو ما سيؤدي حتماً إلى زيادة طلب الاتحاد الأوروبي على الغاز. لذلك، في العقود القادمة، من الواضح أن الغاز الطبيعي الروسي سيظل الوقود الأكثر ملاءمة والأرخص. وفي الوقت نفسه، وبغضّ النظر عن مكان تشغيل خطوط الأنابيب، سيشكّل الغاز الطبيعي الروسي حصة كبيرة من الأسواق الأوروبية والعالمية، وهذا الأمر لا علاقة له بالسياسة بل مجرد حقيقة اقتصادية بسيطة. لهذا، فإن “نورد ستريم 2” يقدم نفسه كبديل جذاب للاتحاد الأوروبي كونه سيساعد في خفض أسعار الغاز، وأن روسيا ستكون قادرة على إمداد الاتحاد الأوروبي بكميات أكبر من الغاز، وبالتالي تقليل الطلب على الغاز الطبيعي المسال المستورد باهظ الثمن.

من المتوقع أن يتمكّن خط الأنابيب عند اكتماله من نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا وزبائن آخرين في أوروبا، وعلى الرغم من المعارضة والتهديدات بالعقوبات ووقف البناء المبكر في كانون الأول 2019، يبدو أن غازبروم- بايبلاين نورد ستريم 2 سيكتمل وسيبدأ العمل قريباً رغم استمرار إدارة بايدن بالتصعيد في فرض العقوبات.

عناية ناصر