مجلة البعث الأسبوعية

استحقاق وطن

“البعث الأسبوعية” ــ سلوى عباس

اليوم يتأهب السوريون لرسم مستقبل أيامهم ويقولوا كلمتهم الفصل في وطنهم الذي يرغبون عبر استحقاق يلبي تطلعاتهم ويبلسم جراحهم، بتجربة ديمقراطية تساهم كثيراً في إنجاح الدور المقاوم لبلدنا، هذه التجربة التي أفرزتها المحنة تتطلب قائداً فهم شعبه، وشعبه فهمه؛ فالانتخاب هو تجسيد لحرية التعبير عن الرأي، والإيمان بحقّ المواطن في الانتخاب، والتعبير الحر عن رأيه مكوّن من مكوّنات النهضة الوطنية القادمة، فسورية اليوم بحاجة إلى المحبة التي يجب أن تكون في داخل وقلب رئيسها الذي يجب أن يمتلك قلباً واسعاً قادراً على استيعاب كل أطياف المجتمع لإيصال البلد إلى شطّ الأمان، وهي بحاجة كذلك إلى من يمتلك فكراً استراتيجياً قادراً من خلاله على الارتقاء بسورية ثقافياً واقتصادياً وسياسياً.

هذا الاستحقاق الذي يأتي في مرحلة تعيش فيها سورية أنواعاً متعددة من الحروب نحن جميعاً ننظر إليه كجزء من استحقاقات أخرى شاملة تعيد البوصلة إلى وضعها الطبيعي بهمة الوطنيين الشرفاء، فعلى مر التاريخ كله كان الشعب السوري صاحب القرار والرأي دائماً، وسنكون جميعاً بمستوى هذه الانتخابات ونختار رئيساً للبلاد بشكل موضوعي وحيادي، رئيساً يحمل آمالنا وأحلامنا ويرسم مستقبل وطننا بما يلبي طموحاتنا لمصلحة هذا البلد الذي تفوق مصلحته كل شيء.

تأتي أهمية الاستحقاق من الحاجة الجماهيرية الماسة لنوع من أنواع الرفض المطلق لتقسيم هذا الوطن، ومن مبدأ التشاركية في استمرار تضامن الشعب كله من أجل وطن يريده الجميع حراً مستقلاً قوياً، ويجد في قيادته صورة تعبر عن طموحه واجتهاده ومقاومته للخروج بسورية إلى بر الأمان وإلى شاطئ السلامة لينعم الشعب بوطن كان وسيبقى دوماً كبيراً وشامخاً بعزته وكرامته، والديمقراطية شكل من أشكال الرقي والحضارة، وتأتي أهميتها من حسن فهمها وإجادة التعامل معها للوصول إلى حالة صحية تنعكس على المجتمع، وتعكس مدى رجاحة تفكيره، واتساع نظرته للتعاطي مع الديمقراطية بشكل يعود على الجميع بالسلام المنشود بين النفوس والعقول.

إن إجراء الاستحقاق الوطني الرئاسي في موعده يؤكد على أن سورية لا تعبأ بالضغوط الخارجية وأنها دولة قوية قادرة على تحمّل أعباء المرحلة الديمقراطية رغم ضخامة العدوان الموجه ضد شعبها، وتثبت أنها أنموذج للدولة الحريصة على إنجاز التشريعات والقوانين التي تحقق الاستقرار والصمود وتماسك المؤسسات، كما يشكل يوم الاستحقاق حلقة هامة من حلقات الدفاع عن الذات والهوية والوجود والوطن وهو مبدأ أصيل وحقيقي من أجل رسم ملامح سورية المستقبل التي ستقضي على كل أشكال الهيمنة وعملائها في المنطقة، والاستحقاق يعني استمرار الدولة السورية في أداء مهماتها المنوطة بالأمل والعمل وإعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد الوطني، فهذا الاستحقاق يمثل مقدمة للعبور إلى المستقبل الذي يستند لبناء الدولة السورية الحديثة التي نريد ومن حقنا أن نختار من نريد دون توجيه من أحد وهو واجب وأمانة ومسؤولية في اختيار الأقدر.

هذا الاستحقاق في الظروف القاسية التي تعيشها بلدنا، يمثل نقلة في حياة سورية، وحالة من حالات الانتصار السوري على المشروع الخارجي الذي يستهدف سورية شعباً وثقافةً، فالشعب السوري هو صاحب السيادة والشرعية دافع عنهما في ظل ما تمر به البلاد من غدر وتآمر وخيانة وقتل وإرهاب والمشاركة في عملية الانتخاب واجب مقدس، وهو الأمر الذي يعتبر استمراراً في الصمود والتحدي والانتصار لسورية الأم والوطن.

إننا في بلد جدير أن يقول فيه المواطن كلمته، يعبّر فيه عن رأيه بمن رشّح نفسه ليقود هذه البلاد التي لا تستطيع أن تنهض إلا بشخص ذو خبرة، وهي دعوة موجهة لجميع السوريين للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثل مناسب لهذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها سورية لأن أصواتهم تعني بناء سورية، ورداً على كل المحاولات لتدميرها، فليكن السوريون كما كانوا دائماً أصحاب القرار وليختاروا رئيسهم لأن اختيارهم يعني الوطن.

إن إتمام الاستحقاق الرئاسي اليوم يعطي رسالة للعالم أن السوريين لا يسيرون إلا وفق أجندتهم التشريعية مهما بلغت الضغوط، وأنه لا أحد غيرهم يستطيع أن يرسم مستقبلهم وأن يحدد من يحكمهم، وأن الرفيق بشار الأسد هو وحده معقد أملهم، والمرشح الذي سيجددون له الثقة ويستكملون مسيرة المقاومة خلف قيادته.