اقتصادصحيفة البعث

أين أنتم يا سادة القطاع الخاص..؟

حسن النابلسي

لم تتبلور بعد المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص بأبعادها التنموية الحقيقية، سواء على مستوى الشركات المساهمة العامة أم الخاصة، أو على مستوى رجال الأعمال رغم ما تتمتّع به هذه المكوّنات من ملاءة المالية تخوّلها المساهمة بدور لا يُستهان به في هذا السياق. وإذا ما قدّم أحدهم مبادرة بهذا الاتجاه فإنها لا تخرج عن الإطار الاستعراضي وإثبات الوجود بطريقة سطحية مستفزة!.

وضع تقرير الحوكمة السنوي الصادر عن هيئة الأوراق والأسواق المالية إصبعه على الجرح، مشخصاً حال تعاطي الشركات المساهمة العامة والمدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية مع الجانب الاجتماعي، ليبيّن أنه وعلى الرغم من وجود سياسات المسؤولية الاجتماعية لدى /24/ شركة من الشركات التي شملها التقرير، إلا أن تطبيقات هذه السياسات خلال العام اقتصرت على عدد ضئيل من الشركات، إذ توزعت ممارسات المسؤولية الاجتماعية على رعاية الأنشطة والأحداث الاجتماعية في 11 شركة والتبرعات والمنح في 12 شركة، إضافة إلى ممارسات مسؤولية اجتماعية بيئية في 20 شركة، تتمثل في استخدامات الطاقة البديلة وتحقيق شروط السلامة البيئية.

أما المساهمة الاجتماعية لرجال الأعمال فلم نلحظ لها ذلك الوجود الملموس، وإن كانت موجودة فهي ضمن إطار محدود جداً، ربما يتعلق بمن هم في الدائرة الضيّقة من أقارب وأصدقاء فقط، فلم نلحظ أن صناعياً أو تاجراً اضطلع بمسؤولية تأمين حيّ فقير غذائياً، أو تعهد بتحمّل تكاليف تعليم عدد من الذين يعانون ضائقة مالية، أو بتكاليف عمليات جراحية أو ما شابه!.

كما أن اتحادات غرف التجارة والصناعة لم تقدّم مبادرات اجتماعية تؤمّن فرص عمل للأسر المحتاجة، أو تخصيص اعتمادات سنوية للأخيرة بحيث تنشئ مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر وفق مبدأ “أعلمه الصيد أفضل من أن أطعمه السمك”.

يا سادة القطاع الخاص.. إن ما تعيشه البلاد من ظروف استثنائية تضعكم على محك الاضطلاع بمسؤولياتكم تجاه المجتمع الذي من المفترض ألا تنسلخوا عنه.. والمفترض أنكم منه وله.. ولعلها مفارقة عجيبة عندما نلحظ ذلك الانخراط الكبير لرجال الأعمال في المجتمعات الغربية في العمل الخيري والاجتماعي، وتدني مستوياته لدى رجال أعمالنا، علماً أن القيم الاجتماعية لدينا أعمق من تلك المجتمعات!!.

hasanla@yahoo.com