صحيفة البعثمحليات

ما بعد الاستحقاق

أما وقد أنجز السوريون تحدي الاستحقاق الدستوري الرئاسي بنجاح منقطع النظير قلّ مثيله وسط ذهول الصديق قبل العدو المنسجم مع القواعد والمواعيد الدستورية المتبعة والمرسومة التي تماثل – إن لم نقل تضاهي – أرقى الديموقراطيات، رغم كل التحديات والعراقيل والإرهاب والحروب الإعلامية “الخشنة” والضخ الإعلامي الرهيب المضلّل المشكّك على مدار الساعة من دون توقف، وبكل لغات الأرض، الذي مورس على شعب ودولة في العالم..

ورغم ما تعرّض له السوريون المتوجهون إلى صناديق الانتخاب في السفارة السورية في لبنان “الشقيق” للحؤول دون ممارسة حقهم الدستوري، وهم في دول “اللجوء”، من اعتداءات جسدية وتنكيل وصل حدّ الموت من قبل بعض المنحرفين “الزعران” الذين يمثلون تابعاً معيناً، ولا نقول تياراً سياسياً، وفق المعنى الدارج للكلمة، لأن ما جرى لا يخرج عن تصرفات العصابات وقطاع الطرق، كما حصل لأحد أبنائنا السوريين المقيمين في لبنان، وبلسمة جراح ذويه من قبل صاحب القلب الكبير السيد الرئيس بشار الأسد بتكليفه وزير شؤون رئاسة الجمهورية للقيام بالواجبات الاجتماعية التي يقوم بها السوريون عادة تجاه بعضهم البعض.. ورغم ما قامت به تلك الدول الديموقراطية التي حالت بـ “ديموقراطية تامة” دون إجراء الانتخابات داخل مقرات السفارات السورية على أرضها، ونعني بها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وتركيا، خلافاً للأنظمة والأعراف والقوانين الدولية المرعية الإجراء في مثل هذه الحالات، فقد تمكن السوريون من إنجاز الاستحقاق الرئاسي للرعايا السوريين بالخارج على مرأى العالم وتحت أنظار شبكات الإعلام الدولية التي تابعت أدق التفاصيل دون أن تضع ملاحظة ولو صغيرة.

ولا شك أن ما جرى طيلة يوم السادس والعشرين من أيار، يوم الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، داخل أراضي الجمهورية العربية السورية، سيسجّل للسوريين عموماً وللدولة السورية بمؤسّساتها المعنية ذاك الأداء الراقي الديمقراطي المسؤول الذي سيحتلّ مساحات واسعة من التحليل والتفسير والمدلولات التي سيتوقف عندها المحلّلون السياسيون ومراكز وبيوتات الأبحاث كثيراً.

لكن الأكيد أن السوريين اجتازوا بنجاح مبهر امتحاناً سياسياً من أصعب ما يمكن لشعب أن يمرّ به تحت رقابة ومتابعة أنظار العالم أجمع، لأنهم تمكنوا من فكفكة وتفتيت كل ما كان يحاك ويخطّط لهم تحت عناوين براقة كاذبة، حتى عقدت الدهشة ألسنة المغرضين وفغرت أفواههم ولجموا الكلام في حلوقهم دون أن يسجّل ذلك اليوم المشهود اختراقاً أمنياً واحداً، أو حالة شغب واحدة، رغم حملات التحريض والتشويه التي لم تنقطع أو تتوقف، ورغم التزاحم الشديد على أبواب مراكز الانتخاب، ورغم عشرات آلاف الحشود والاحتفالات الجماهيرية التي غطّت كامل الجغرافيا السورية من شمالها إلى شرقها ومن جنوبها إلى غربها.

والأكيد أيضاً أن السوريين بدؤوا تسطير خطوط مرحلة تاريخية جديدة انطلقت من لحظة إعلان نتائج الفوز الساحق الكاسح الذي حقّقه مرشح الوطن، السيد الرئيس بشار الأسد، ليرسموا ويترجموا معه وبتوجيهاته  وقائع “الأمل بالعمل” على أرض الواقع التي يتوقع أن تشهد انطلاقة قوية وسريعة ستعجل بطيّ صفحات طالت من المعاناة والحصار والتجويع لترخي بظلال من الانفراجات الاقتصادية والمالية والنقدية والحياتية اليومية والاجتماعية والخدمية التي لطالما أرهقت العائلة والدولة السورية على حدّ سواء.

وائل علي 

ALFENEK1961@YAHOO.COM