مجلة البعث الأسبوعية

حماة.. الأندية الريفية بين مطرقة انعدام البنى التحتية وسندان الضائقة المادية!!

“البعث الأسبوعية” ــ منير الأحمد

تعد الأندية الريفية في محافظة حماة خزانا للمواهب الواعدة بمختلف الألعاب الرياضية، حيث ساهمت كثيرا بدعم الأندية الكبيرة المتمركزة في المدينة بلاعبين ولاعبات تركوا بصماتهم في البطولات المحلية والخارجية، ولكن ظروف الأزمة تركت أثرا سلبيا على أندية الريف حيث تعرضت مقراتها ومنشآتها للتخريب والتدمير بفعل الإرهاب لتدخل في دوامة كبيرة.

 

واقع سيء

واقع هذه الأندية والصعوبات التي تعترضها لخصها لـ “البعث الأسبوعية” رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي في حماة، عبد الرزاق زيتون، الذي أوضح أن الأندية الريفية في المحافظة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أندية تمتلك المنشأة والألعاب، وأندية تمتلك المنشأة ولكن لديها ترهل بالألعاب، وأندية أخرى لا تملك منشآت – وخاصة في الريف الشمالي الذي عانى كثيرا من الإرهاب – وبالأساس لا تمتلك صالات رياضية، وجاءت الأزمة لتزيد الطين بلة، حيث تدمرت مقراتها بشكل جزئي أو كامل، ما أعاق عودتها لممارسة النشاطات الرياضية، وخاصة في بلدات صوران ومورك واللطامنة وكفرزيتا ومعردس.

وأشار زيتون إلى أن أولوية عمل اللجنة في الوقت الحاضر تتركز على إعادة تجهيز البنية التحتية لمقرات الأندية المتضررة، سيما وأنه كان لديها أبطال بمختلف الألعاب، فنادي طيبة الإمام كان بطل سورية في كرة الطائرة لعدة سنوات بفئتي الأشبال والناشئين، كما تميز ناديا صوران ومعردس بألعاب القوى، ومورك بلعبة كرة القدم، وقدم الكثير من اللاعبين للمنتخب الوطني، أمثال يامن عبود وعبد الملك عنيزان ومروان الصلال وهادي المصري.

 

خزان بشري

ولفت رئيس اللجنة التنفيذية في حماة إلى أن منطقة سلمية تتميز بغناها بالكوادر الرياضية بمختلف الألعاب، كما أنها تحوي الكثير من المراكز التدريبية التابعة لمديرية التربية، والتي يشرف عليها لاعبون ولاعبات على مستوى عال، وقادرون على النهوض وتطوير أي لعبة رياضية؛ كما أن هناك أندية تفتقر للموارد وللقاعدة السكانية الواسعة لكنها برزت بشكل لافت، مثل نادي قرية تلدرة – التي لا يتجاوز سكانها نحو 7000 نسمة – بطل الدوري بكرة الطائرة لفئتي الناشئات والسيدات، والذي قدم الكثير من اللاعبات للمنتخبات الوطنية. وبالمقابل، فإن نادي سلمية الرياضي يمارس 13 لعبة، وينافس على لقب بطولات الجمهورية بمعظمها، وخاصة في كرتي السلة والطائرة والشطرنج وألعاب القوى والجمباز، رغم خروج الصالة الرياضية الوحيدة في النادي عن الخدمة منذ أكثر من سبع سنوات، ومع ذلك لاعبوه يتدربون في صالة مكشوفة صيفا وشتاء. وأما باقي الأندية الموجودة في منطقة سلمية، مثل تلتوت والصبورة وعقارب وبري شرقي، فتملك منشآت رياضية ومقرات لكنها غير مفعلة، لذا نحاول تفعيلها وإحياءها من جديد من خلال كوادرنا الرياضية المتواجدة في المدارس، رغم أن الأزمة أثرت على هذه الكوادر نتيجة تسربها لأسباب مختلفة؛ وفي العام الماضي، تم دخول ناد جديد، وهو مرج مطر، الذي يمارس لعبة كرة القدم، ومؤخرا تأهل إلى دوري الدرجة الثانية ويمارس أيضا ألعاب القوى والمبارزة.

ويضيف زيتون: في منطقة محردة، لا يوجد سوى نادي محردة الذي يمارس عدة ألعاب رياضية، ولم يتوقف رغم ظروف الحرب، وأما باقي الأندية الموجودة في المنطقة فقد خرجت عن الخدمة، كنوادي كرناز والتريمسة واللطامنة وكفرزيتا.. قسم منها ما زال يمتلك المنشآت، وقسم آخر تعرض للتخريب الجزئي، ونعمل حاليا على صيانة وترميم مقراتها المتضررة ضمن خطة إعادة الإعمار في الاتحاد الرياضي العام.

 

بلا منشآت!!

واعترف زيتون أن هناك منطقتان مظلومتان رياضيا في المحافظة، هما مصياف والغاب، نتيجة وجود إشكالية ما بين الاتحاد الرياضي ومجالس المدن فيهما، لأن الأخيرة لم تخصص قطع أرض لبناء منشآت عليها. فمنطقة مصياف، ونظرا لكبر مساحتها وكثرة عدد سكانها، تحتاج إلى منشآت رياضية ليمارس رياضيوها الألعاب، حيث لا يوجد أي صالة رياضية في كامل المنطقة، كما أن الطقس له دور سلبي بسبب كثرة الأمطار والرياح، مع العلم أن لديها لاعبين ولاعبات بارزين في كرتي السلة والطاولة، وكذلك الكاراتيه والجمباز وألعاب القوى والقوة، وهذه الألعاب بحاجة إلى صالة رياضية لممارسة النشاط بشكل طبيعي. والأمر نفسه ينطبق أيضا على منطقة الغاب التي لا يوجد فيها صالة رغم وجود أبطال على مستوى عالمي، وخاصة في لعبتي رفع الأثقال والملاكمة في نادي سلحب. وأما باقي الألعاب فلا وجود لها مع العلم أن التمويل اللازم لإقامة هذه الصالات موجود ولكن ينقصنا الأراضي وهذه مسؤولية مجالس المدن، ونحن كلجنة تنفيذية قدمنا مقترحا لرئاسة الحكومة بضرورة تخصيص الأندية الرياضية بمقرات بموجب القانون رقم 8 للعام 2014، خاصة وأن المواد 44 و45 و46 من هذا القانون فيها شبه إلزام لمجالس المدن والبلديات بتخصيص قطع أراض للملاعب والمنشآت.

 

مستقبل مشرق

وكشف زيتون أنه رغم كل الصعوبات فإن الأندية الريفية في حماة معطاءة في مختلف الألعاب سواء كانت فردية أو جماعية، وهي قادرة على رفد منتخباتنا الوطنية بلاعبين متميزين والوصول إلى منصات التتويج القاري وحتى العالمي، وخاصة في الألعاب الفردية والقوة، وأكبر دليل على ذلك نادي سلحب الذي يقدم معظم لاعبي ولاعبات المنتخب الوطني برفع الأثقال، والكثير منهم نال بطولات العرب وأسيا والمتوسط وتأهل كثيرون منهم إلى الأولمبياد.

وأشار زيتون إلى أن إيجاد كادر إداري وتدريبي في أندية الريف سهل ومتوفر بفضل وجود مدرسي التربية الرياضية في مختلف مناطق المحافظة، وهذا الأمر يسهم في تحسين الواقع الرياضي في أندية الريف، ولكن ما ينقصها بشكل عام المنشآت التي تؤرق عمل اللجنة التنفيذية، مشيدا بالتشاركية مع مديرية التربية عبر مراكزها التدريبية المنتشرة بكافة مناطق المحافظة وفي مختلف الألعاب الرياضية.

وأعرب زيتون عن تفاؤله بمستقبل أفضل لرياضة حماة في السنوات المقبلة بسبب تطور الواقع الرياضي في أندية الريف وتكاملها مع أندية المدينة.

 

بصمات واضحة

من جهته، رئيس نادي سلمية، صفوان سيفو، أشار إلى أن نادي سلمية يعد من أكثر أندية الريف ممارسة للألعاب الرياضية سواء الفردية أو الجماعية، وبصماته واضحة في البطولات المحلية، كما أنه قدم الكثير من اللاعبين واللاعبات للمنتخبات الوطنية التي بصمت خارجيا رغم إمكانياته المادية المتواضعة، وعدم وجود صالة رياضية مغلقة، علما أن نفقات ألعابه يتم دفعها من قبل المتبرعين والمحبين، سيما أن الأموال التي تصله من الاتحاد الرياضي خجولة ولا تكفي للعبة واحدة، مؤكدا أن قوة النادي تكمن في اعتماده على الفئات العمرية الصغيرة وإقامته للكثير من الدورات والمدارس الصيفية لتعليم الأطفال الصغار مبادئ وفنون معظم الألعاب التي يمارسها، إضافة إلى وجود كوادر إدارية وتدريبية تعمل دون مقابل، وذلك بدافع محبتها للرياضة ورغبتها بانتشارها وتطويرها نحو الأفضل.

 

مقومات معدومة

أما رئيس نادي مصياف، نافع وسوف، فشدد على وجود مواهب عديدة في الكثير من الألعاب الرياضية ولكن مقومات ممارسة الرياضة غير متوفرة حيث لا يوجد صالة لممارسة النشاطات الرياضية، فضلا عن عدم وجود دعم مادي للألعاب التي تعتمد على المتبرعين، وهذا الأمر انعكس سلبا على الرياضة خاصة مع غياب استثمارات خاصة بالأندية وهي كفيلة بتطوير أي لعبة رياضية.

من جهته، أشار رئيس نادي براق، جهاد الأسعد، إلى أن أندية الريف تعاني من عدة صعوبات تعوق تطورها وتقدمها، أبرزها عدم وجود مقرات للأندية وغياب الدعم المادي اللازم لممارسة النشاطات الرياضية، وعدم امتلاك الأندية للصالات الرياضية التدريبية، ما يدفعها للذهاب إلى مركز المدينة للتدريب، وهذا الأمر يكلفها جهدا كبيرا إضافة إلى العبء المادي الذي تعجز عن تأمينه معظم الأندية الريفية.

مدرب منتخبنا الوطني برفع الأثقال، محمد رشا، بيّن أن ناديه سلحب قدم الكثير من اللاعبين واللاعبات للمنتخبات الوطنية، وحقق نتائج متميزة في جميع البطولات العربية والقارية والعالمية وبإمكانيات مادية وفنية بسيطة، ولكن محبة اللاعبين للرياضة كانت الدافع الوحيد لتحقيق هذه الإنجازات، مشيرا إلى عدم وجود صالة رياضية أو مركز تدريبي لممارسة هذه الرياضة في النادي، وإنما يقتصر التدريب على مركز خاص تم تقديمه للنادي من أجل تطوير المواهب الواعدة، وهذا هو هدفنا الوحيد من ممارسة هذه الرياضة.