اقتصادصحيفة البعث

رأس المال ليس شيئاً؟!

قسيم دحدل

في المجلد الأول من كتابه “رأس المال”، روى كارل ماركس قصة مفادها أن “رأس المال ليس شيئاً، بل علاقة اجتماعية بين أشخاص”.

كتب: في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، قرر توماس بيل الهجرة من انكلترا إلى سوان ريفر في استراليا الغربية. كان بيل رجلاً ثرياً، فاصطحب معه إلى جانب أسرته 300 شخص من الطبقة العاملة، من الرجال والنساء والأطفال، بالإضافة إلى سبل العيش والإنتاج، بما يعادل مبلغ 50 ألف جنيه استرليني، ولكن بعد وصوله بفترة وجيزة كان مآل خطط بيل إلى الدمار والخراب.

لم يكن السبب مرضاً أو كارثة أو تربة رديئة، بل كان هجرة قوة العمل التي اصطحبها معه، بعد أن حصل كل منهم على رقعة أرض في البرية المحيطة، وشرع في ممارسة “أعمال تجارية” خاصة به.

وعلى الرغم من أن بيل جلب معه العمالة والمال ورأس المال المادي، فإن قدرة العمال على الوصول إلى بدائل كانت تعني أنه لا يستطيع جلب الرأسمالية.

هذا المثال الرمزي الذي لم يفقد صلاحيته إلى يومنا يفيد في أمرين: إلقاء الضوء ليس فقط على الفارق بين المال ورأس المال، بل أيضاً على السبب وراء استمرار فكرة التقشف، والعودة إليها مراراً وتكراراً، على الرغم من افتقارها إلى المنطق.

سنترك قضية التقشف لنتوقف عند قضية الفارق بين المال ورأس المال، رغم ارتباطهما، حيث “رأس المال عمالة وقوة عمل وأرض وآلات.. إلخ”، في جزئية واحدة هامة جداً من جزئياته المتشعبة، وهو (رأس المال)، بالعودة على ما بدأنا، “ليس شيئاً، بل علاقة اجتماعية بين أشخاص”، إن لم يكن فيها الحفاظ على مصالح الكل من جميع النواحي المالية والمادية والمعنوية، وتكافؤ الفرص، بعيداً عن مفهوم الاستخدام والوسيلة والغاية، والربوبية في العمل والإدارة، للعمالة وقوة العمل التي تتخذ من السلطوية أسلوباً للوصول إلى الغايات “الإثرائية” لأرباب العمل، فلن يكتب لأي مشروع النجاح والتطور.

ولأننا محكومون بالأمل، فلا شك أن نكون محكومين بالعمل، وعلى قدر الآمال يجب أن تكون الأعمال كي يسير بأمان وثقة وحيوية واطمئنان قطار صناعة المستقبل الذي يريده الكل ولأجل الكل، وباعتقادنا أن أس هذا ومدى نجاعته ونجاحه هو الاحتكام لتشريعات عمل وقوة عمل (عامة وخاصة)، حان وقت إنجازها وإصدارها دون إبطاء مطلقاً.

بما سلف فقط، نكون فعلاً قادرين على ترجمة التوجيهات العليا، ومخلصين لها إن أردنا خوض غمار العمل وجبهاته الواسعة التي ستقدم سورية والشعب السوري بما يستحقانه من مكانة ودور، وبقدر من الصمود والتضحية منقطعي النظير، باعتراف من شاء ولم يشأ.

Qassim1965@gmail.com