دراساتصحيفة البعث

الصين وروسيا في مواجهة القطب الواحد

تقرير إخباري

لم يعد هناك أي شك في صعود الصين وروسيا على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، وبروزهما كمنافس للقطب الأوحد الولايات المتحدة الأمريكية، وتفوقهما بشكل كبير في المجال السيبراني.

هذا الصعود لاشك أنه يقلق الولايات المتحدة، ويدفعها لوضع الخطط والبرامج لتحافظ على دورها في الهيمنة على العالم، وقد تجلت الإستراتيجية الأمريكية في هذا الشأن بوضع العراقيل والمعيقات وزرع الخلاف وتعميقه على نحو يمنح الولايات المتحدة الأمريكية حرية الحركة في إدارة الملفات الدولية، والقضايا العالمية الهامة العالقة، وبؤر التوتر والصراعات المتفجرة. ولهذا نجد واشنطن تسعى لاحتواء الصين على حساب روسيا من خلال فتح الأسواق الأمريكية، وغض النظر عن الكثير من القضايا الخلافية غير الجوهرية وغيرها، على أمل إبقائها بعيدة نوعاً ما عن روسيا  التي ترى فيها المنافس الأشد تأثيراً ، والأكثر خطورة وجدية لها، منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سدة الحكم.

المفارقة أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعر، في البداية، أهمية كبيرة لتنامي وتطور قدرات الصين، لتستفيق، في ظل أزمة جائحة كوفيد 19 (كورونا)، على واقع مذهل وغير معهود يشير إلى تفوق الصين في الشق الاقتصادي وحتى في بعض الجوانب العسكرية، وهو ما دفع الرئيس السابق دونالد ترامب إلى فرض عقوبات جائرة على الصين، وخوض حرب اقتصادية وتجارية معها. أما إدارة الرئيس جو بايدن بدت أكثر هدءاً في ردود أفعالها، وركزت على احتواء الصين وليس خوض الحروب من دون أن تتخلى عن خططها وإستراتيجيتها في التحرك نحو بحر الصين الجنوبي، ومحاصرة حركة تجارتها البحرية، ومراقبة تحركات قطعها البحرية من خلال منصاتها قواعدها العسكرية في اليابان، وتايوان، والفلبين، وأستراليا.

يدرك الجميع أن التعاون بين روسيا والصين لم يصل إلى مرحلة التحالف العسكري، ولكن هذا التحالف وهذا التنسيق، لم يعد غريباً مع وصول الطرفين الصيني والروسي حدّ النضج في التعامل مع التحديات والقضايا الدولية الكبرى، وقدرتهما على التعامل بأريحية أكثر من الولايات المتحدة مع هذه القضايا، لأنهما غير متورطتين في الكثير من  النزاعات والصراعات والمشاكل والتوترات في العالم. ومما لا شك فيه أن إدارة الرئيس جو بايدن  تفحص بعمق شديد جميع المقدمات والطرق والأساليب التي تعرقل قيام تحالف عسكري صيني روسي.

ريا خوري