أخبارصحيفة البعث

هيمنة الحلف على القرار.. هاجس القمم الثلاث

تقرير إخباري

بات واضحاً الهدف من القمم الثلاث التي تُعقد في أوروبا منتصف الشهر الجاري، ابتداء من قمة حلف شمال الأطلسي “ناتو”، وقمة أمريكا والاتحاد الأوروبي، والقمة المنتظرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف، وذلك في 14 و15 و16 من حزيران الجاري على التوالي، حيث لا يتردّد أي طرف من الأطراف الغربية في الإعلان عن هواجسه من العلاقة مع روسيا، محاولاً التدخل في شؤونها وعلاقاتها الخارجية، ليتحوّل الرئيس الأمريكي تلقائياً بعد قمّتي الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي إلى سفير للجميع ينقل ما يعتقد أنه مَطالِب من الخصم الروسي، محاولاً قبل القمة ابتزازه لإيقاف تطوّره عبر التدخل المباشر في العلاقة بين روسيا والصين من جهة، وروسيا وبيلاروس من جهة أخرى، وقد بدا ذلك واضحاً من التناغم بين الأطراف الغربية على هذه المواقف.

وفي هذا السياق، قال بايدن: إن واشنطن تسعى إلى إقامة علاقات مستقرة مع موسكو بخصوص المسائل الرئيسية، مشيراً إلى أن لقاءه مع بوتين سيأتي بعد مشاورات رفيعة المستوى مع “الأصدقاء والشركاء والحلفاء” الذين يشاركون الولايات المتحدة رؤيتها إزاء العالم، وذلك “بعد تجديدهم روابطهم وهدفهم المشترك”، وذلك في إشارة واضحة إلى طلب الاتحاد الأوروبي منه بداية الشهر الحالي إعلان موقفه من الحوار مع روسيا، إضافة إلى نقل قلق “ناتو” من علاقة روسيا مع كل من الصين وبيلاروس.

وقال: “نحن موحّدون في مواجهة المخاطر التي تشكّلها روسيا على الأمن الأوروبي ابتداء من عدوانها على أوكرانيا، ولن يكون هناك أدنى شك في عزم الولايات المتحدة على الدفاع عن القيم الديمقراطية التي لا يمكن فصلها عن مصالحها”، مؤكداً أن الولايات المتحدة “لا تسعى إلى نزاع بل تريد أن تكون هناك علاقات مستقرة وقابلة للتنبّؤ مع روسيا بشأن مسائل مثل الاستقرار الاستراتيجي والرقابة على التسلّح”.

ولفت إلى أن هذا الموقف دفعه، عند توليه مقاليد الحكم، إلى التحرك فوراً لتمديد معاهدة “ستارت الجديدة” مع روسيا لمدة خمس سنوات بهدف “تعزيز أمن الشعب الأمريكي والعالم”، مكرراً مزاعم واشنطن حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وتحذيره من أنه لن يتردّد “في الردّ على أي أنشطة خبيثة مستقبلية” على حدّ قوله.

وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لحلف “ناتو” ينس ستولتنبرغ، في حديث لصحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية نشر اليوم: “تنفذ الدولتان (روسيا والصين) مناورات مشتركة وتحليقات بعيدة المدى للطائرات القتالية وعمليات بحرية، وتتشاركان بشكل مكثف خبرتهما في مجال الأسلحة والرقابة على الإنترنت”، وهذا ما يمثّل، حسب ستولتنبرغ، “بعداً جديداً وتحدّياً خطيراً”، معبّراً عن قلقه أيضاً من التعاون بين روسيا وبيلاروس، بقوله: “طبعاً، نحن مستعدون إذا لزم الأمر لحماية كل حليف والدفاع عنه ضد أي تهديد صادر عن مينسك وموسكو”.

وأكد الأمين العام أن الحلف يلتزم بـ”نهج مزدوج” تجاه روسيا يتكوّن من “الاحتواء والحوار”.

 وردّت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على تصريحات ستولتنبيرغ قائلة: “هاكم الجواب على سؤال: ما هو سبب الهجوم الشرس الذي شنّه الغرب ضد بيلاروس؟ ذلك أن أي تعامل طبيعي فعّال بين بلدينا لا يتفق مع خطط “ناتو”، بل المطلوب هو التدخل المستمر في شؤون أحدهما تارة وثانيهما تارة أخرى، أو في شؤون كليهما معاً، وذلك لغرض واحد ألا وهو عرقلة السير الطبيعي لعملية التكامل المتبادلة المنفعة بين روسيا وبيلاروس”.

وتمنّت المتحدثة باسم الوزارة “صحة جيدة” لحلف شمال الأطلسي وأمينه العام، مقترحة عليه تركيز جهوده على محاربة “الإرهاب الداخلي” في الولايات المتحدة.

وواضح من كل ذلك أن الولايات المتحدة من خلال هيمنتها على حلف شمال الأطلسي تحاول جاهدة تضخيم الخطر الروسي، أو لنقل صناعة الوحش الروسي، للقول للأوروبيين: إنه لا أمل لهم في البقاء ومواجهة التحديات التي يمثلها الدب الروسي إلا من خلال الالتزام بسياسة الحلف، وتجنّب أي محاولة لتشكيل جيش أوروبي مستقل، لأن الحلف هو الضامن الوحيد لأمن الدول الأوروبية وسلامتها، وبالتالي الإبقاء على هيمنة الحلف بقيادة واشنطن على القرار الأوروبي إلى إشعار آخر تحت هذا العنوان.

طلال ياسر الزعبي