مجلة البعث الأسبوعية

أوغلي الطاولة: كرتنا الصغيرة تمتلك تاريخاً بلا ألقاب والقدرة غائبة على المنافسة خارجياً

“البعث الأسبوعية” ــ عماد درويش

رغم دخولها في الرياضة السورية منذ زمن بعيد، إلا أن كرتنا الصغيرة (كرة الطاولة) لم تحقق أي لقب خارجي لها على صعيد الرجال، ولم تتجاوز المركز الثالث على مستوى السيدات إلا ما ندر؛ واللعبة عاشت أياما عصيبة بسبب سوء الاتحادات التي تعاقبت عليها، ما أوصلها إلى أدنى مستوى لها، خاصة خلال السنوات العشر الماضية، حيث لم تعرف سوى المشاكل والمنافسة على منصب كرسي الرئاسة، لكنها بالمقابل عرفت الكثير من الأبطال الذين تركوا بصمة، وما زالوا محبين لها، وأصبحوا مدربين لها، لهم وزنهم وقيمتهم وخرّجوا العديد من اللاعبين واللاعبات.

“البعث الأسبوعية” كان لها لقاء مع اللاعب والمدرب الوطني محمد أوغلي، الذي لعب للمنتخب الوطني مدة ثمانية عشر سنة، ونال لقب بطل العرب لعدة مرات، والذي احترف التدريب، وأسس لعبة كرة الطاولة في نادي مصفاة بانياس.. وكان هذا الحديث حول اللعبة وشجونها.

يقول أوغلي: بدأت ممارسة لعبة كرة الطاولة منذ كان عمري سبع سنوات في صالة الملعب البلدي بمدينة اللاذقية على يد المدرب غاندي نحلوس، كما مارست كرة القدم بنادي تشرين. لكن في عمر الـ 13، وبتشجيع من الأهل، تركت كرة القدم وتوجهت لكرة الطاولة. وفي الـ 15 من العمر، تم ضمي للمنتخب الوطني، وبفضل التدريب المتواصل والمستمر، ورغبتي بإنجاز شيء في هذه اللعبة أؤسس عليه مستقبلي الرياضي، اندفعت إلى تقديم كل ما أملك لها من مهارات وقدرات، ولا أنسى الأفكار والخبرة التي منحني إياها مدربي، والتي استفدت منها حتى كثيرا.. وهنا، حققت أول بطولة جمهورية للناشئين، عام 2000، وبعدها كنت ضمن الثمانية الأوائل على مستوى القطر، ما أهلني لأكون بالمنتخب الوطني. وبعد هذه المرحلة، حققت نحو 15 بطولة على مستوى الجمهورية بمختلف الفئات، إضافة إلى حصولي على لقب بطولة الدوري مع نادي جبلة، ومع نادي الاتحاد، وبطولة “كأس السيد الرئيس” مع نادي الشرطة، وغيرها من البطولات.

لعبت مع العديد من الأندية السورية، وهذا منحني خبرة كبيرة وقدرة على فهم مختلف الخصوم، ثم التفوق عليهم، وكان الفضل للمدربين والمختصين الذين أشرفوا علي ودعموني، ومنهم المدرب محمد شيخ يوسف، والمدربين الصيني والبلغاري للمنتخب الوطني. وخلال تلك الفترة وما بعدها، كانت لي مشاركاتي العربية الكثيرة، وأهمها التأهل إلى الدور 32 من بطولة العالم، التي جرت عام 2000، إضافة إلى بطولة “التضامن الإسلامي” التي أقيمت في “إيران”، عام 2001، بمشاركة نحو 64 دولة، وحصلت خلالها على المركز الثالث، كما حصلت على المركز الثاني على مستوى بطولة العرب لفئة الناشئين وذلك عام 2001.

مرحلة اللعب وتحقيق الإنجازات لم تنته – حسب كلام أوغلي – بل توازت مع مرحلة التدريب والتخصص، وبعد تحقيق الكثير من الإنجازات والبطولات والألقاب عرض عليّ التدريب، فدربت العديد من الأندية المحلية، ومنها المصفاة وجبلة وبلدية بانياس والجيش، كما دربت ناديي الهومنتمن اللبناني، والأرثوذكسي الأردني.

وأردف أوغلي: لم أنقطع عن المشاركة في بطولات الجمهورية واستطعت الحصول على اللقب عدة مرات خلال السنوات الخمس الماضية. وفي بطولة عام 2015، نلت اللقب دون أن أتلقى أي خسارة، أو تعادل، وكانت المنافسات قوية جداً، نتيجة مشاركة اللاعبين القدامى من ذوي الخبرة والكفاءة، وهذه البطولة تعدّ إنجازاً رياضياً، لأنها أقيمت بعد ثلاث سنوات من الانقطاع، بمشاركة 13 محافظة.

وحول الخصائص التي تميز كرة الطاولة، أكد أوغلي أنها لعبة حماسية جداً، وتحتاج إلى تركيز يفوق التركيز الذي تحتاج إليه أي رياضة أخرى، فالمساحة المتنافس فيها صغيرة، والكرة أيضاً صغيرة، وهذا يعني أن حرية الحركة محدودة، ويجب توظيف هذه المساحة للسيطرة على اللعبة والخصم، وهذا أمر وضع له قواعد خلال تدريبه للناشئين في نادي المصفاة الذي أوكل إليه تدريبه منذ عام 2001، وأسس فريقاً وصل لاعبوه إلى بطولات منها الجمهورية .

أما بالنسبة لواقع اللعبة حالياً، فكشف أوغلي أنه فيما مضى كان أفضل من الراهن، فعلى مستوى الرجال ليست النتائج ملبية للطموح، ولم نحقق أي مركز متقدم عربياً إلا ما ندر، أما على مستوى السيدات فكانت النتائج أفضل لكن في ظل مشاركة خجولة من الدول العربية؛ وأعتقد أن الفرصة سانحة لنا بعد شهرين من الآن، وخلال المشاركة بالدورة العربية، لمعرفة موقعنا الحقيقي بين الدول العربية بعد غياب قسري عن المشاركة ، مضيفاً: أعتقد شخصيا أننا لن نحقق أي مركز متقدم في ظل مشاركة أبطال اللعبة من مصر (أبطال أفريقيا)، والدول العربية التي تقدمت كثيرة، فيما لا زلنا نراوح مكاننا؛ وهنا لا بد لي من توضيح أن مشاركتنا في بطولات غرب آسيا لن تكون مقياسا لتطور اللعبة كون المشاركة فيها محدودة .

وبين أوغلي أن تطور اللعبة حالياً مرتبط بأمور كثيرة، منها – على سبيل المثال – الاهتمام بالقواعد، فهي الأساس لتطورها، وقد رأينا في البطولة الأخيرة أن الفائزين بالمراكز الأولى من الفئات العمرية الصغيرة وهذا دليل واضح على وجوب إيلاء هذه الفئات الوقت والجهد لتطويرها فهي الأساس للارتقاء باللعبة خاصة خارجياً. وتمنى أوغلي أن يقدم اتحاد اللعبة الدعم المادي وغيره لهؤلاء الصغار، ومثال على ذلك تأهل لاعبتنا الواعدة، هند ظاظا، إلى أولمبياد طوكيو المقبل عبر المشاركة المباشرة لأول مرة بتاريخ كرة الطاولة السورية، حيث سبق للاعبتنا هبة اللجي أن شاركت في أولمبياد ريو دي جانيرو، عام 2016.

وختم أوغلي بالتشديد على أن الاتحادات السابقة لم تول أهمية لكوادرها، وكانت تعتمد على مدرب أو مدربين لتأهيل اللاعبين واللاعبات، وهي حالة غير صحية؛ وما نراه حاليا أن الاتحاد يقوم بإشراك كافة المدربين بتدريب منتخباتنا الوطنية وفق خطة مدروسة، وهذا من شأنه أن يحسن ويطور المستوى الفني للاعبين واللاعبات؛ وكذلك الوضع بالنسبة للحكام، حيث كان الاعتماد على البعض، أما حاليا فيشارك قرابة 20 حكما في البطولة، والفكرة هي انتشار اللعبة وزيادة كوادرها، لكن المشكلة التي تعيق الأندية وكوادر اللعبة هي قلة الأدوات والمستلزمات بسبب التكلفة المادية الباهظة.