مجلة البعث الأسبوعية

بعد ضياع المليارات في دهاليز الفراغات الاتحادية الخمسة.. هل حان موعد الحكم بحل القضية التاريخية؟

“البعث الأسبوعية” ــ محمود جنيد

لن نكون مغالين إذا ما اعتبرنا أن اليوم الذي سيعلن فيه حل قضية الفراغات الخمسة، التابعة لنادي الاتحاد، بشكل جذري حاسم يوما تاريخيا استثنائيا مباركا مجيدا، لأنها طالما كانت القضية الأكثر تعقيداً وجدلاً وتشعباً وتقلبات، وطالما فتحت الأنظار منذ ولادتها، في العام 2008، على واقع الاستثمارات الرياضية ومشاكلها في حلب وسورية بشكل عام.

وقد يكون اليوم الموعود قريباً، إذا ما علمنا أن البت بالقضية، والذي تأجل أربع مرات، سيكون في الجلسة المقبلة المقررة يوم الثلاثاء الثامن من حزيران الجاري، بعد تقديم الدفوع من قبل محامي المستثمر؛ وعلى أساس ذلك، تم تحديد موعد نهائي للنطق بالحكم في هذه القضية الشائكة التي تعتبر بالنسبة لمناصري نادي الاتحاد قضية مهمة طالبوا جميع الجهات الوصائية بالتدخل لحلها وإنصاف النادي.

 

حركة انقلابية

مجلس إدارة نادي الاتحاد الحالي، ومنذ استلامه مهامه، نهاية تموز ٢٠٢٠، أولى موضوع الفراغات الخمسة أولوية قصوى، نظراً للضرر المادي والمعنوي الكبيرين اللذين ألحقهما تعطل الموقع عن الاستثمار، خلال الأعوام الثلاثة عشر الماضية، بالنادي وعوائده الاستثمارية، إذ يقع مشروع الفراغات الخمسة في نادي الاتحاد الرياضي بحلب ضمن منشآت النادي، وله استطراق على الشارع العام في واحدة من أهم أحياء حلب الشهباء.

وبينت الإدارة الاتحادية في فترة سابقة أنه، وبعد فشل المحادثات مع المستثمر لتجاهله حقوق النادي، توجه الفريق القانوني إلى القضاء من خلال الطعن بصحة قرار التحكيم لعدم صحة التمثيل، وبالتنسيق الكامل مع اللجنة التنفيذية في حلب والاتحاد الرياضي العام، وتم تسجيل دعوى جديدة، منذ تاريخ 11 تشرين الأول ٢٠٢٠، تطالب بإبطال قرار إكساء حكم المحكمين صيغة التنفيذ، وبالمتابعة المستمرة للملف. وبعد تبادل الدفوع مع الفريق القانوني للمستثمر، تقرر البت بالدعوى بتاريخ ١٤ نيسان ٢٠٢١، قبل أن تحضر المفاجأة بتنحي هيئة المحكمة عن الدعوى، وتعيين هيئة جديدة، وتحديد موعد جديد للبت بالدعوى بتاريخ ٢١ نيسان ٢٠٢١. ومجددا، قررت الهيئة الثانية التنحي عن الدعوى، وطلبت تعيين هيئة ثالثة، ومن ثم رابعة، أجلت البت ليوم الثامن من حزيران الجاري كما ذكرنا.

 

ضرر مادي كبير

قيمة الأضرار التي قدرتها اللجنة الخاصة بدراسة واقع الفراغات الخمسة في نادي الاتحاد بلغت ملياري ليرة، مضمنة هذه النتيجة بالتقرير الذي تم رفعه لوزارة المالية للإطلاع واتخاذ الإجراءات المناسبة بهذا الخصوص.

وكانت اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي بحلب قد شكلت اللجنة سالفة الذكر بغية تحريك مياه الاستثمار الراكدة، وكأنه وَقف سائب منذ مدة طويلة تداخلت خلالها الكثير من الظروف والمتغيرات والحبكات الدراماتيكية في دهاليز القضاء، إذ تم إخلاء المستثمر من الموقع، مطلع كانون الأول للعام 2016، قبل عودته بقرار قضائي عن طريق لجنة تحيكم.

 

منحنيات رقمية

تقلبت الأرقام والأحداث الدراماتيكية على صفحات سيناريو الفراغات الخمسة، وما تخللته من شكاوى ودعاوى قضائية، إذ تم في العام 2011 توقيع ملحق عقد ودي توافقي، تم بموجبه رفع قيمة العقد الأساسي من 15 مليون و200 ألف ليرة إلى 17 مليون و600 ألف ليرة سنوياً، ولمدة عشر سنوات، بقيمة تقديرية عن قيمة القطع الأجنبي آنذاك نحو 330 ألف دولار أمريكي، إضافة إلى التعهد ببناء عشرين غرفة على مساحة قدرها 200 متر، في أي مكان ضمن منشآت النادي، وفقاً لاختيار الإدارة. لكن المشروع الذي همّ بالتنفيذ، تعثر مع اندلاع الحرب الإرهابية على سورية. ونتيجة لذلك، وفي عام ٢٠١٦، تم فسخ العقد واستلام المشروع بموجب ضبوط رسمية. وفي عام ٢٠١٧، وقعَ اتفاق بين إدارة النادي السابقة والمستثمر، ليتم اللجوء – بمعرفة الاتحاد الرياضي – للتحكيم الذي خلص إلى تمديد العقد مع المستثمر مدة عشر سنوات، ورفع بدل الاستثمار المتفق عليه، عام ٢٠١١، من 16 مليون و700 ألف ليرة، إلى 22 مليون ليرة، مع اكساء حكم التحكيم صيغة التنفيذ أمام المحاكم حتى غدا الحكم مبرما، بما في ذلك دعوى مخاصمة القضاة، وهو ورقم مجحف حسب إجماع الآراء بحق نادي الاتحاد إذا ما قورن بالقيمة الرائجة للعقارات والاستثمارات، والقوة الشرائية للمبلغ قياساً بالقيمة السابقة، إذ يرى خبراء بأن القيمة الحقيقية التي تناسب استثمار مثل الفراغات الخمسة لا يقل عن 300 مليون ليرة سنوياً، بينما يشير البعض الآخر بموضوعية إلى الغبن الذي وقع أيضاً على المستثمر جراء الظروف والمنحنيات التي مر بها الاستثمار العاثر.

 

ما الحل؟

وإلى ذلك، فإن الحل الأمثل للقضية العالقة – حسب الوسطيين – يتمثل في تسوية توافقية بين النادي والمستثمر الذي لن يسكت، وسيقاتل حتى النهاية مع المنتفعين المزعومين من وراء القضية، والذين لن يسمحوا بأن تكشف هويتهم، ويؤجل ويمطمط بالقضية لتفويت المنفعة الاستثمارية المادية على النادي، في زمن أصبح فيه المال قلب الرياضة، وعصبها، ومحركها الأول.