زواياصحيفة البعث

واشنطن تعاود استفزاز بكين من جديد.. ماذا يريد بايدن؟  

 سنان حسن 

يبدو أن الاستفزاز الأمريكي للصين قد عاد إلى الواجهة من جديد بعد هجوم عنيف شنته إدارة الرئيس الديمقراطي جون بايدن على بكين خلال الفترة الماضية، تم تتويجه اليوم الأربعاء بإقرار مجلس الشيوخ الأمريكي تشريعاً عُد تاريخياً لمواجهة ما سموه “بالنفوذ الصيني المتزايد” بتمويل وصل إلى 170 مليار دولار، ما يعني أن ما توقف عنده الرئيس السابق دونالد ترامب أعاد تنشيطه بايدن من جديد بطريقة جديدة وتحمل أبعاداً أكبر وأخطر على الاستقرار الدولي، ولكن بطريقة وأسلوب جديدين.

خلال الأسبوع الماضي أخذت التصريحات الأمريكية منحاً تصاعدياً مع بكين إذا أعاد كبير خبراء الصحة الأمريكية أنتوني فاوتشي في رسائل مسربة اتهام الصيني بأنها المسؤولة عن انتشار فيروس كورونا في العالم، تلاه تصريح حاد لوزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي “دعا الصين لشفافية أكبر فيما يتعلق بمنشأ فيروس كورونا الجديد” تلاه أيضاً توقيع بايدن أمراً تنفيذياً يحظر على الأمريكيين شراء أو بيع أي سندات مالية متداولة علناً من 59 شركة صينية اعتباراً من 2 آب، قبل أن يتدخل مُشعل الحرب التجارية مع بكين، الرئيس السابق ترامب، ويطالبها بدفع 10 تريليونات دولار تعويضاً لأميركا عن أضرار كورونا.

الحملة على الصين لم تتوقف عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية، بل وصلت إلى الضفة الأخرى للأطلسي عبر تصريح الأمين العام لحلف الناتو، الذي اعتبر أن التقارب السياسي والعسكري بين روسيا والصين يطرح “مخاطر جديدة” أمام الحلف و”يهدد” تعددية الأقطاب التي أهال عليها الناتو، وبدعم أمريكي، التراب منذ سقوط الاتحاد السوفييتي.وتلك التصريحات تؤكد أن هناك أمورا تدور في كواليس السياسية العالمية لمواجهة التقدم والتطور الصيني ووضع عراقيل أمامه.

أمام هذه التطوّرات، كان رد الصين سريعاً وحازماً، إذ شبهت الخارجية الصينية الاتهامات الموجّهة إلى بكين بشأن منشأ فيروس كورونا، بما وجه للعراق من اتهامات باطلة بامتلاكه أسلحة دمار شامل قبل سنوات، داعية إلى “عدم تسيس القضية وتركها للعلم ليجد السبب الحقيقي”. فيما كشفت وسائل إعلام صينية أن بكين تدرس إقرار قانون جديد لحماية شركاتها من العقوبات، كأول رد فعل على توسيع الرئيس الأمريكي لقيود الاستثمارات في الشركات الصينية.

يذكر أن المراقبين كانوا يعتقدون أن الرئيس الأمريكي بايدن سيكون أكثر دبلوماسية من سلفه ترامب في التعامل مع الملف الصيني، وسيكون واقعياً في طرح المشاكل وإيجاد حلول مناسبة ترضي الطرفين، ولكن لغاية الآن لم تغب الصين إلا ما ندر عن خطاباته، كما أنها كانت حاضرة وبقوة في وثيقة الأمن القومي الأمريكي التي أصدرتها إدارته في آذار الماضي، ويظهر جلياً أن التخطيط الأمريكي تطوّر حتى وصل إلى السعي لتشكيل جبهة موحدة ضد الصين، وعبر أكثر من مسار، حيث تشكّل زيارة بايدن إلى أوروبا هذا الأسبوع فرصة لتعزيز المواقف في مواجهة الصين، كما يقول جيمس ستافريدس الأدميرال الأمريكي المتقاعد والخبير الاستراتيجي في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، في حين كان لافتاً إعادة واشنطن إحياء التحالف الرباعي المسمى “كواد” والذي يضم أمريكا وأستراليا والهند واليابان الذي بقي مجمداً فترة طويلة عبر مناورات عسكرية للقوات البحرية. والسؤال: لماذا تشكل الصين هاجساً للولايات المتحدة الأمريكية وإلى أين يتجه التصعيد ضدها؟.

لاشك أن أمريكا تستشعر خطراً كبيراً من الصين والتقدّم الكبير الذي تحرزه في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وبالتالي هي تسعى من خلال جملة هذه التدابير لتعطيل التقدم الصيني وفرض شروط مسبقة عليها، ولكن يبقى لبكين كلام آخر التي تؤكد في كل مرة أن العالم لا يدار بعقلية الحرب الباردة بل بالتشارك والحوار فالعالم لا يحتاج لأن تكون الصين “ولايات متحدة” ثانية.