مجلة البعث الأسبوعية

الأندية بدأت الموسم الجديد واتحاد كرة القدم لم ينه موسمه.. ملاحظات عديدة على بعثة منتخبنا.. والأولمبي “اختراع” غير مسبوق  

“البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار

قبل أن يعلن اتحاد كرة القدم عن موعد موسمه الجديد وبدء انطلاق مرحلة الانتقالات، سارعت أنديتنا لتحجز مدربيها ولاعبيها الجدد، وربما كان ذلك لقناعتها أن اتحاد كرة القدم مشغول عن هذه المسائل، وخصوصاً أن أغلب أعضائه في جولة سياحية مع المنتخب الوطني بالإمارات، وقضية الموسم الجديد متعلقة برئيس لجنة المسابقات أولاً، وهو الغائب، وكذلك بقية الأعضاء ورئيس الاتحاد، بينما بقية الأعضاء الموجودين في سورية غير مفوضين بأي قرار، وبعضهم بات مسؤولاً عن بقية المنتخبات الوطنية التي تتحضر للقادم من المشاركات.

إذاً، فالنشاط المحلي اليوم هو آخر اهتمامات اتحاد كرة القدم حتى ينتهي موسم السياحة والاصطياف الذي طال ولا يحتاج لمثل هذا الحشد من المسؤولين والموظفين والإداريين، وهو ما لم نشهد له مثيلاً من قبل، ولو كان الأمر متعلقاً بالمتابعة والاهتمام فإن حضور مباراة الصين قد تكون مبررة، أما الوجود في الإمارات منذ العشرين من الشهر الماضي بسبعة لاعبين فقط، فهذا أمر لم تفعله الاتحادات الكروية من قبل.

ولعل الكثير منا يدرك أن الموسم الكروي انتهى دون أن ينهيه اتحاد كرة القدم، ودون أن يدرس الموسم بشكل جيد، وأن يعالج الثغرات والنواقص التي حدثت، ولم يصدر أي بلاغ ينهي فيه الموسم، ويحدد بعض الإجراءات المتعلقة بالدوري والكأس، وهل – على سبيل المثال – كل الأندية أوفت بالتزاماتها؟ وماذا عن الخلافات بين الأندية واللاعبين وكوادرها؟ ومتى سيبحث بها اتحاد كرة القدم؟

 

في علم الغيب

من جهة أخرى، أليس الموسم الجديد بحاجة إلى تحضير ودراسة وتمحيص، وخصوصاً أنه من المفترض أن يبدأ باكراً بسبب مشاركة منتخبنا ببطولة كأس العرب؟ فهل سيسلق اتحاد كرة القدم الموسم سلقاً، ويضيع موسمنا الجديد، كما ضاع غيره، دون أن نلبسه ثوب التطوير، وأن نلقي عليه نضارة وحداثة، ونحل جميع المشاكل التي ظهرت في المواسم الماضية، فنبادر إلى تطوير اللوائح الانضباطية التي باتت غير ملبي؟

أيضاً، موضوع التحكيم غائب تماماً، ونعرف أن أهم مشاكل الدوري تمثلت بقضايا التحكيم؛ وسواء كان القرار التحكيمي صائباً أم مخطئاً، فإن عدم القبول بهذا القرار كان بادياً من جميع الأندية وكوادرها؛ وهنا نجد ان من الضرورة بمكان أن نبحث بقضايا الحكام والتحكيم بشكل مبكر!! وقد يكون الحق اليوم مع لجنة الحكام العليا لأنها مقيدة، وأي تصرف أو عمل تريد أن تنتهجه سيكون بحاجة إلى موافقة؛ ومن يقرر غائب، فأي معسكر للحكام يحتاج إلى موافقات ومصاريف، وما شابه ذلك!! ولأن القنوات مقطوعة في هذه الأيام بسبب سفر اتحاد كرة القدم، فإن العملية التحكيمية متوقفة؛ وهذا الوقت الذي يمضي بلا طائل سيصيب الحكام بنكسة على كل الصعد، وأهمها الصعيد البدني.

ومسابقة الأمم الأوروبية قد تكون محطة مهمة لمتابعتها من قبل الحكام للاستفادة من القرار التحكيمي ومن أخطاء الحكام، وهذه المسألة المهمة نجدها غائبة ومهملة؛ ولأن الوضع كذلك، سنعود في الموسم المقبل إلى الأسطوانة نفسها بين الهجوم على الحكام ولجنتهم والدفاع عنهم؛ وإذا كان اتحاد كرة القدم “مبحبح” مالياً، فأولى من مصاريف الرفاهية التي يصرفها في الإمارات أن يجتهد لشراء التجهيزات الضرورية للحكام، والتي ينادي بها الجميع دون أن تجد الآذان المصغية.

 

ترتيب الأوراق

ومن الأمور الضرورية التي كان من المهم أن يقوم بها اتحاد كرة القدم ترتيب البيت الداخلي، فهناك الكثير من المشاكل، ومنها موضوع اللجان العليا التي تحتاج إلى إعادة نظر، وخصوصاً بعد الاستقالات العديدة التي جرت مؤخراً في هذه اللجان.. وهذه اللجان يجب أن تكون موضوعية وأعضاؤها يتمتعون بالخبرة، وليس من الضروري أن يكون عضو اللجنة العليا عضواً في اللجان الفنية الفرعية بالمحافظات، ونحن نعلم أن العديد من هؤلاء الأعضاء لا يتمتعون بالخبرة المطلوبة، وبعضهم لا يملك أدنى الشهادات العلمية المفترضة؛ وإذا تحدثنا عن علم كرة القدم، فعلينا إبعاد الأميين عنها حتى نفتح لها الطريق الصحيح العلمي المفترض أن تسلكه. من جهة أخرى، فإن اتحاد كرة القدم، ولكي يرضي أكبر عدد من هذه اللجان – كونها تمتلك صوتاً انتخابياً – يحشر فيها عدداً كبيراً من الأعضاء دون أي طائل؛ ونأمل ألا يكون عدد أعضاء أي لجنة أكثر من خمسة أعضاء من الخبراء الاختصاصيين، حتى تكون هذه اللجان قادرة على النهوض بالعمل المنوط بها؛ فالقضية ليست تشريفاً أو إرضاءً لـ “زيد أو عبيد”، إنما هي مسؤولية. وللأسف، ومع كل اتحاد كروي، نجد العلّة واحدة، إذ يدعون أنهم يمنحون اللجان العليا صلاحيات واسعة، ليبقى ذلك مجرد كلام و”بريستيج” لا أكثر؛ ولأن كرة القدم لعبة جماعية فإننا نتمنى تفعيل العمل الجماعي في هذا الأمر، لأنه يصب حتماً في مصلحة كرة القدم.. فقط علينا اختيار العضو المناسب والمشهود له بالخبرة والكفاءة.

 

الإنجاز المنتظر

عودة إلى بعثة منتخبنا الوطني لكرة القدم التي خاضت ما تبقى من مباريات التصفيات، فإننا لا نريد الخوض ببعض التفاصيل التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي بالصور وبعض مقاطع الفيديو.. مع ذلك، نأمل من الغيورين على الرياضة وكرة القدم أن يكون لهم تصرف إزاء ما جرى، فالمسألة ليست مسألة تأهّل، فنحن متأهلون قبل أن نغادر دمشق، وإنجاز التأهل هو لأصحابه (المدرب فجر إبراهيم واتحاد كرة القدم السابق)، أما الاتحاد الحالي فإن امتحانه مع المنتخب يبدأ من مباراة الصين، والأصح من الدور الثاني من التصفيات، وهو المقياس!! ولا نريد أن يستمر القائمون على كرة القدم بتمرير إنجازات وهمية للجمهور لتغطية السياحة المجانية التي قام بها اتحاد اللعبة ومن يلوذ به، فنقل التصفيات من الصين إلى الإمارات لا ناقة لاتحاد كرة القدم، ولا جمل، له في ذلك؛ ومواجهة المالديف وغوام لا تسجلان تحت بند الإنجاز، لأن مستوى المنتخبين أضعف بكثير من مستوى أي فريق محلي؛ ومن هنا نقول: لن نسمح لاتحاد كرة القدم بمسح أخطائه على حساب أصحاب الإنجاز الحقيقيين، وعلى حساب جهد وتعب لاعبينا المخلصين.. اعذرونا، فلا إنجاز لكم في هذه التصفيات!!

 

مسائل غامضة

ومع ذلك، قيد المحللون الكثير من الملاحظات على أداء منتخبنا، وعلى لمسات المدرب التونسي الغائبة عن الفريق، بل أشار البعض إلى ظهور إصابات عديدة بين صفوف لاعبينا بلغت سبعاً بسبب الحمل العالي، ما دعا طبيب المنتخب، أحمد كنجو، للاستقالة احتجاجاً على أسلوب الإعداد البدني للفريق.

من جهة أخرى، ألمح البعض إلى مسألة الإنفاق والصرف في هذه الرحلة السياحية، والتي تكلف الكثير من النفقات التي لا طائل منها، فهل هذه الساحة على حساب الإمارات، مثلاً؟ وما المقابل الذي سيقدمه اتحاد كرة القدم لرد هذا الكرم الحاتمي؟ أم هو على حساب الاتحاد الآسيوي؟ وهنا نسأل: الأشخاص الزائدين عن العدد المسموح.. من يتحمل مصاريفهم ونفقاتهم؟ أم على حساب أموالنا المجمدة في الاتحادين الآسيوي والدولي؟

وفي كل الأحوال، هناك هدر مالي يجب أن يبحث فيه، وإذا كانت الإمارات العربية قدمت لنا شيئاً فالمأمول أن تستفيد منه كرتنا لا أن يستفيد منه أشخاص بعينهم!! ومن الممكن أن تستفيد كرتنا على صعيد الخبرات والتقنيات والتحكيم مثلاً، والباب هنا عريض ومفتوح على مصراعيه.

فضلاً عن ذلك، هناك الكثير من الملاحظات على طريقة إدارة المنتخب الوطني، وطريقة استدعاء اللاعبين، واستبعاد اللاعبين، والاستقالات الكثيرة من كادر المنتخب، وطريقة تعامل المدرب التونسي ومساعديه مع المنتخب، ومع المواعيد، ومع حضوره ومتابعته للمنتخب، ولعل الحسنة الوحيد لمعسكر الأمارات أن المعلول شاهد رئيس اتحاد كرة القدم لعشرين يوماً متواصلة.

وهنا، لن نشخصن الأمور، لكن غياب أفضل مهاجم سوري (عمر خريبين) عن المنتخب له إشارات سلبية عديدة؛ ومن المفترض ألا يكون المدرب صلباً إلى هذه الدرجة في التعامل مع لاعب مهم، وبات الشك يساورنا عن العديد من اللاعبين الغائبين، ولو كان الغياب بداعي الإصابة!

 

مصلحة عليا

من المهم أن ندرك أن مصلحة المنتخب أكبر من التمسك برأي شخصي، وأن رئيس الاتحاد وأعضاءه الموجودين مع المنتخب مسؤولون عن ذلك مسؤولية مباشرة، والمفترض أن يتدخلوا لمصلحة المنتخب، وأن يجدوا الطريقة المناسبة لذلك.

في الأمور الفنية، الأمر ليس من اختصاصنا، ونحن نحترم أصحاب الاختصاص، ولكننا سمعنا من العديد من الفنيين تحفظات على أداء المنتخب وأسلوبه؛ وهؤلاء الفنيون تحفظوا عن التصريح لأمور متعددة، أقلها ما يتعلق بـ “عداوة المهنة”، كما يحب أن يفسرها البعض.. وبكل الأحوال، اعتدنا على التبرير، ونحن نتمنى لمنتخبنا الاستقرار والتوفيق وحصد النتائج الجيدة التي تعلي راية كرتنا، فالقادمات مهمة جداً، وإشارتنا إلى مجمل الملاحظات الداخلية، أو التي تهم المنتخب، هي من باب الحرص على كرتنا عبر النقد البناء الإيجابي؛ ونحن في “البعث الأسبوعية” لا مصلحة خاصة أو عامة لنا سوى أن تسير كرتنا على الطريق الصحيح، دون منغصات أو عقبات.

 

المنتخب الأولمبي

لا بد من المرور على المنتخب الأولمبي الذي بدأت الدعوات متواصلة للاعبيه، وقد بلغت أكثر من خمس دعوات، وتجاوز عدد اللاعبين المدعوين أكثر من تسعين لاعباً؛ وهذا الموضوع غريب، ولم يحدث في ملاعبنا من قبل، ولو كان الدوري عندنا متوقفاً واللاعبون مجهولين، لهان الأمر، وقلنا أن الجهاز الفني يريد أن يطلع على مستوى اللاعبين وجاهزيتهم، ليختار الأفضل منهم؛ ولكن كل الدوريات موجودة.. من دوري الشباب بكل الدرجات، إلى دوري الرجال بكل الدرجات، وبات اللاعبون مكشوفين، ولا يحتاجون إلى عراف أو منجّم!

الموضوع – كما قال لنا أحد المطلعين – أن الدعوات تأتي من باب إرضاء فلان وفلان من المدربين، أو المتنفذين، أو أصحاب الواسطات، ثم تأتي مرحلة الغربلة، فيخرج من المنتخب من يخرج، ويدخل من يدخل.

ولو كان الأمر فنياً فعلاً، فإن عدة أيام بسيطة كافية لاختبار اللاعبين وامتحانهم، ولكن العملية ليست أكثر من “ضحك على الذقون”، ونحن نلوم الفريق المكلف بالاختيار، لأنه إما قبل بالضغوط والواسطات وخجل من فلان وعلان، أو إنه فعلاً لا يعرف مستوى اللاعبين، وكأنه خارج الوسط الكروي؟

والسيئ في الأمر يتجلى بإهدار الوقت في التجارب التي لا طائل منها، وصرف الكثير من النفقات، وإحباط الكثير من اللاعبين الذين سيجدون أن القصة لم تكن أكثر من مسرحية هزلية؛ بل إن البعض ذهب ليقول أن الموضوع متعلق بالتسويق، فمن دعي إلى معسكر المنتخب الأولمبي يراد تسويقه بشكل أفضل وبسعر أعلى.. وللأسف، هذه حقيقة، وإن كانت مرّة!!