مجلة البعث الأسبوعية

الفطر الأسود مرض قديم ونادر.. متى ظهر؟ وكيف يصيب الإنسان؟ وما هي طرق علاجه؟

مع بداية شهر أيار الماضي، وبينما كانت الهند تكافح لمواجهة موجة قوية من انتشار فيروس كورونا المستجد، وآلاف القتلى يوميا، ومآسٍ بشأن انهيار المنظومة الصحية، وحكايات مؤلمة عن انتشار الجثث في كل مكان، جاءت أخبار مرعبة عن ظهور أعراض فطر الغشاء المخاطي المعروف باسم “الفطر الأسود”؛ لتكثر الشائعات عن أعراضه وخطورته وعلاجه، خاصة مع إعلان عدد من الدول العربية ظهور حالات للفطر الأسود فيها، وتخصيص وزارة الصحة المصرية غرف عزل للمصابين به.

ويصيب الفطر الأسود منطقة الوجه ويصل إلي المخ في الحالات المتأخرة، وقد يتسبب في استئصال العين أو الفكين، ولكن من المؤكد أنه ليس مرضا جديدا، بل تم تشخيصه منذ القرن التاسع عشر؛ وقد سجلت 38 دولة على الأقل ظهور حالات إصابة به  قبل ظهور جائحة كورونا. وتسجل الهند وباكستان العدد الأكبر للحالات حول العالم، بمعدل 140 حالة في المليون كل عام.

 

ما هو الفطر الأسود؟

والفطر الأسود ليس أسود اللون، ولكن أطلق عليه ذلك لأنه يحوّل المكان المصاب به، سواء الجلد أو العظام أو الغشاء المخاطي أو الأعضاء، إلى مستعمرات سوداء اللون في الأنسجة المصابة، مصحوبة برائحة كريهة، وهو من أخطر وأسوأ أنواع فطريات الأنف والجيوب الأنفية، حيث يتغلغل ويظهر على الجلد ويؤثر على الرئتين والدماغ، ويتسبب في تجلطات الأوعية الدموية.

والفطر الأسود أحد أنوع الفطريات المسببة للأمراض، وهو من عائلة عفن الخبز نفسها. ويعرف بأنه عدوى فطرية “خطيرة”، لكنها في ذات الوقت “نادرة” الحدوث. ويصاب الإنسان بهذا النوع من الفطريات من البيئة المحيطة، في حال تواجد في التربة والمواد العضوية المتحللة، مثل الأوراق أو أكوام السماد أو الخشب الفاسد، وفي الأماكن الرطبة في المنازل، مثل المكيف والمراوح، وأماكن تواجد القمامة، والمأكولات الفاسدة.

 

من هم الأكثر إصابة؟

والفطر الأسود مرض “انتهازي”، إذ يستغل نقص المناعة لدى الإنسان ليتمكن منه، لذلك عادة ما يصيب المرضى بنقص المناعة “الإيدز”، والمصابين بالسرطان ويتابعون علاجاً بالأدوية الكيماوية، وزارعي النخاع والكلي، ومرضى السكري، وكذلك الأشخاص الذين يتناولون الأدوية، وخاصة المضادات الحيوية، دون استشارة الطبيب، ما يؤثر على مناعتهم، والذين يتناولون المنشطات.

 

ما علاقة كورونا بالإصابة بالفطر الأسود؟

يشير الأطباء إلى أن وجود علاقة وعدم وجودها في الوقت نفسه، إذ أن أولئك الذين يصابون بكورونا ويخضعون لبرنامج علاج، يتعرضون لنقص المناعة، إذ تعمل الأدوية على مواجهة الفيروس، ويكون لها تأثيرها أيضاً على مناعة المصاب، وبالتالي يكون المصاب أو المتعافي من كورونا صيدا سهلا للفطر الأسود.

ويشير الأطباء بالمقابل إلى أن هذا لا يعني أن كل مصاب بكوورنا سيصاب بالفطر الأسود، والأمر يتوقف على مناعة الشخص من جهة، والبيئة المحيطة به من جهة أخرى؛ والفطر الأسود ليس من بين أعراض كورونا على أي حال.

 

ما هي أعراض الإصابة بالفطر الأسود؟

بالإضافة إلى الحمى، والصداع ، وألم الصدر، والسعال، وضيق التنفس، والقيء الدموي، وتغير الحالة العقلية، تشمل الأعراض الألم العام والاحمرار حول العينين أو الأنف، أو كليهما، وانسداد أو احتقان الأنف، والإفرازات الأنفية (سوداء / دموية)، والألم الموضعي على عظم الوجنة، والألم في جهة واحدة من الوجه، والتنميل أو التورم. ويمكن أن تشمل العلامات التحذيرية وجع الأسنان، وتورم الفك، والشعور بعدم وضوح الرؤية أو ازدواجها مع الألم.

والإصابة بالفطر الأسود هي في الأساس عدوى تنفسية أو جلدية، وبالتالي تتضمن علامات الإصابة به أعراضا تتعلق بالجهار التنفسي والتهابا في الجيوب الأنفية.

وتبدأ أعراض الفطر الأسود بانسداد دائم في جانب واحد من الأنف، وصداع في جانب واحد من الوجه، وألم في جانب واحد من الوجه، وتنميل في جانب من الوجه، ونزول إفرازات سوداء أو خضراء في جانب واحد من الأنف، ولا تستجيب للمضادات الحيوية.

وتقسم مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أعراض الفطر الأسود حسب موقع الإصابة، حيث تشمل أعراض داء الغشاء المخاطي الأنفي الدماغي (الجيوب الأنفية والدماغ) تورم الوجه من جانب واحد،

وصداعا في الرأس، واحتقانا في الأنف أو الجيوب الأنفية، وظهور آفات سوداء على الأنف أو الجزء العلوي من الفم سرعان ما تصبح أكثر شدة، إضافة إلى الحمى.

أما أعراض داء الغشاء المخاطي الرئوي فتشمل أعراضا أخرى من بينها الحمى والسعال وألم الصدر وضيق التنفس.

أما في حالة الإصابة الجلدية فتكون الأعراض ظهور بثور أو قرح، وقد تتحول المنطقة المصابة إلى اللون الأسود، ويكون هناك ألم، واحمرار مفرط في الأماكن المصابة، وتورم حول الجرح المصاب.

وتشمل أعراض داء الغشاء المخاطي المعوي وجع البطن، والغثيان، ونزيف الجهاز الهضمي.

 

الوقاية من الفطر الأسود

هناك طرق عديدة للوقاية من الإصابة بالفطر الأسود، من بينها ما له علاقة بتلقي الأدوية، ومنها ما له علاقة بالسلوكيات اليومية، وتشمل التقليل من تعاطي الكورتيزون والمضادات الحيوية، وعدم الاحتفاظ بالقمامة في المنزل، والتخلص منها يوميا، وضرورة تطهير وتنظيف سلة المهملات بعد التخلص من القمامة، والحرص على غسل الفواكه والخضراوات جيدًا قبل تناولها أو وضعها في الثلاجة، والتخلص فورا من أي فاكهة أو خضراوات أو مأكولات معطوبة ورمي الثمار المعطوبة كاملة، والعمل على تنظيف الثلاجات بشكل دوري وفتحها بعض الوقت أثناء عملية التنظيف للقضاء على رطوبتها، والاهتمام بتهوية المنزل وقت وجود الشمس للقضاء على الرطوبة، وتنظيف الحمامات يوميا بالمطهرات، والتخلص من رطوبة المفروشات والفوط، والتأكد من جفافها قبل وضعها في الخزائن، والتقليل من تناول الأغذية المصنعة التي تحتوي على مواد حافظة.

ويتعين عليك استخدام الأقنعة إذا كنت في زيارة لمواقع بناء مغبرة، وانتعال أحذية مقفلة، وارتداء سراويل طويلة وقمصان بأكمام طويلة وقفازات أثناء عمليات الزراعة أو البستنة، والحفاظ على النظافة الشخصية والاغتسال يومياً.

 

ما هو علاج الفطر الأسود؟

تمثل الأدوية المضادة للفطريات علاجا للفطر الأسود، وغالبا ما تعطى عن طريق الوريد. ويحتاج المريض إلى تلقي الدواء ما بين 10 أيام إلى ستة أسابيع، حتى التعافي، وهذا العلاج له أيضا آثار جانبيه خطيرة، خاصة تلك التي تتعلق بتليف الكلى .

أما عن المداخلات الجراحية لعلاج الفطر الأسود في ضرورية في حالات كثيرة، إذ يلزم إجراء جراحة لقطع الأنسجة الميتة أو المصابة.

وفي الحالات الأقل شدة، يقوم الأطباء بإزالة الجزء المصاب عن طريق إدخال منظار من خلال تجويف الأنف، أما إذا انتشرت العدوى بشكل كبير فلا بد من الجراحة وإزالة العضو المصاب، والتي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الفك العلوي وأحياناً العين.