مجلة البعث الأسبوعية

الولايات المتحدة تعيد تدوير الجولاني ببدلة حديثة ليكون علامة تجارية أمريكية خالصة

“البعث الأسبوعية” ــ ترجمة: علي اليوسف

بعد عقد من الحرب على سورية، لا تزال واشنطن تناور لتوسيع علاقتها مع السلفيين الإرهابيين الذين يقاتلون على الأراضي السورية. ومع بقاء محافظة إدلب تحت سيطرة ما يسمى “حكومة الإنقاذ” – حكومة “جبهة النصرة”، التي أعيدت تسميتها اليوم بـ “هيئة تحرير الشام، والنسخة المعدلة من “تنظيم القاعدة” – المحمية من قبل النظام التركي، نجد أن الدولة العميقة في بروكسل وواشنطن تعمل بلا كلل لإضفاء الشرعية على متزعمها أبو محمد الجولاني بعد أن استبدلت زيه العسكري ببدلة مدنية حديثة، وسوقت للجمهور الغربي بأن قواته لم تعد تشكل أي تهديد للأرض الأمريكية، وأنها تركز حربها ضد الموالين للدولة السورية.

لقد بات برنامج “فرونت لاين” الذي تقدمه قناة “PBS” أحدث وسيلة في حملة العلاقات العامة لإضفاء الشرعية على تنظيم “القاعدة” في سورية، و”هيئة تحرير الشام”، وتسويق الإرهابي الجولاني؛ كما انخرطت شبكة من مراكز الفكر ومن خبراء السياسة الخارجية في “بيلتواي” في حملة متزامنة لرفع اسم الجولاني وفصيله المتشدد “هيئة تحرير الشام” من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للجماعات الإرهابية، لأن ذلك سيفتح الباب لقبول دولي لحكومته “على الأرض” في إدلب، والتي يعتبرها دعاة “تغيير النظام” في سورية بمثابة قوة ضغط مهمة ضد دمشق، وخطوة ضرورية لتوحيد فرع تنظيم “القاعدة”، المسؤول عن هجمات 11 أيلول 2001، ليصبح رصيداً أمريكياً خالصاً.

بدأت حملة التطبيع مع الجولاني علناً من قبل “مجموعة الأزمات الدولية”، وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل، ولها علاقات وثيقة مع إدارة بايدن وحلف شمال الأطلسي. وقبلها كان عملاء المراكز البحثية الموالية لـ “إسرائيل”، والممولة من الخليج، قد أمضوا سنوات في الضغط على واشنطن لدعم “القاعدة” في سورية، وقد نجحوا في تأمين شحنات الأسلحة من وكالة الاستخبارات المركزية إلى حلفاء المعركة.

 

تبييض الدعم الأمريكي والأجنبي للتمرد المتطرف في سورية

عندما عبر الجولاني لأول مرة الحدود السورية العراقية، في عام 2012، مع مفرزة صغيرة من المقاتلين، كان ينتمي رسمياً إلى “القاعدة في بلاد ما بين النهرين”، وهي جماعة متطرفة مسؤولة عن هجمات لا حصر لها ضد المحتلين العسكريين الأمريكيين والمدنيين في جميع أنحاء العراق.

عند توغلها في سورية، مكّنت قوات الجولاني أبو بكر البغدادي، الذي نصب نفسه خليفة، من إقامة تنظيم “داعش” في مدينة الرقة شمال شرق سورية. لكن سرعان ما دفع الخلاف حول الإستراتيجية والأموال بالجولاني للانفصال عن “داعش” وتأسيس “جبهة النصرة” – الامتياز السوري للقاعدة – بمباركة صريحة من الزعيم العالمي للجماعة الإرهابية، أيمن الظواهري.

حالياً يتم تجاهل أي ذكر للعملية الأمريكية السرية الفاضحة التي جعلت صعود “النصرة” ممكناً، كما يتم تجاهل ذكر تقييم شهر آب 2012 لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA)، والذي نص بوضوح على أن “السلفيين والإخوان المسلمين والقاعدة في العراق هم القوى الرئيسية التي تقود التمرد في سورية”، وأن المعارضة المدعومة من الغرب ستخلق على الأرجح “إمارة سلفية في شرق سورية إذا تم وضع الأسلحة في أيدي المسلحين الإرهابيين المناهضين للأسد”.

وعلى الرغم من التحذير، أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية، في عام 2013، عملية أخشاب الجميز، وهي برنامج تسليح وتجهيز قام بتحويل ما يصل إلى مليار دولار سنوياً (واحد من كل 15 دولاراً في ميزانية وكالة الاستخبارات المركزية) إلى الدعم المادي لمعارضة مسلحة يهيمن عليها متطرفون إرهابيون. كانت تلك أكبر عملية سرية للوكالة منذ مبادرة مماثلة في أفغانستان في الثمانينيات أدت إلى ولادة “القاعدة” و”طالبان”.

وكما توقعت وكالة الاستخبارات العسكرية، ترسخت “إمارة سلفية” متطرفة في شمال شرق سورية، وسرعان ما ظهر الامتياز المحلي “للقاعدة” كقوة مهيمنة داخل المعارضة المسلحة. فقد تم تصوير مقاتلي “النصرة” – بمن فيهم مقاتلون سابقون في “الجيش السوري الحر” الذي أنشأته وكالة الاستخبارات المركزية – وهم يقطعون صدور الجنود السوريين، ويمزقون قلوبهم، ويأكلون الأعضاء البشرية نيئة، بينما يتلقون تغطية إعلامية متعاطفة من هيئة الإذاعة البريطانية.

عندما سيطرت “النصرة” على إدلب وتحركت للسيطرة على دمشق، اكتسبت “النصرة” شهرة في الهجمات الانتحارية والإعدامات المروعة، وأسست نظاماً ثيوقراطياً على غرار القرون الوسطى في المناطق التي كانت تسيطر عليها. وقد كشف فيلم وثائقي سري، لعام 2017، صوّره السكان المحليون – “سرّ إدلب” – الواقع المرير تحت سيطرة “النصرة”. وبدلاً من اقتلاعها من “ملاذها الآمن”، تم تشجيع “جبهة النصرة” على تغيير علامتها التجارية وإبعاد نفسها ظاهرياً عن “القاعدة” حتى تتمكن من البقاء. أولاً، في عام 2016، غير فرع “القاعدة” اسمه إلى “جبهة فتح الشام”، ثم تحول إلى “هيئة تحرير الشام” في العام التالي. وتحت وصاية تركيا، التي سيطرت على الحدود الشمالية لإدلب، شكلت “هيئة تحرير الشام” لاحقاً “حكومة الإنقاذ”، وشرعت في حملة علاقات عامة من أجل الحصول على الشرعية الدولية.

 

محاكمة وسائل الإعلام الغربية

في عام 2020، أنشأت “حكومة الإنقاذ” في إدلب مكتب علاقات إعلامية للمساعدة على دخول الصحفيين الغربيين وتزويدهم بدليل إعلامي إرشادي في أراضيها. وفي وقت جالت “نيويورك تايمز” في إدلب دون عقبات، تعرض المراسلون المستقلون لموجات من الإساءة عبر الإنترنت من قبل المراسلين الغربيين الذين تعاقبوا على زيارة سورية.

كانت زيارة مارتن سميث إلى إدلب، في آذار 2021، بمثابة مشروع موجه، حيث أدخل في تقريره لقطات للجولاني مع سكان مدينة إدلب ينقل من خلالها صورة سياسي شهير وهو يقول: “لا تمثل إدلب تهديداً لأمن أوروبا وأمريكا. هذه المنطقة ليست نقطة انطلاق لتنفيذ الجهاد الأجنبي”.

 

تبييض “القاعدة”

ساعدت مؤسسة فكرية قوية مقرها بروكسل وتمولها الحكومات الغربية في قيادة حملة العلاقات العامة لإضفاء الشرعية على “هيئة تحرير الشام” من خلال “مقابلة”، عام 2020، شديدة التعاطف مع الجولاني.

المؤسسة الفكرية التي تقف وراء عملية التبييض هذه هي “مجموعة الأزمات الدولية” الممولة من الاتحاد الأوروبي، وألمانيا، وفرنسا، وأستراليا، ودول أخرى. لقد كشفت “مجموعة الأزمات” أنها تحدثت مع الجولاني في إدلب لمدة أربع ساعات، في أواخر كانون الثاني 2020، في سياق ترويجها لرواية مفادها أنه أصبح رجلاً جديداً. وكتبت “مجموعة الأزمات” أن الجولاني أبلغها أن “هيئة تحرير الشام” تقدم نفسها اليوم كمجموعة محلية مستقلة عن التسلسل الهرمي للقاعدة، مع أجندة إسلامية سورية بحتة، وليست عابرة للحدود الوطنية.

وبعد ذلك، تم الترويج لمقابلة “الكرة اللينة” من قبل أعضاء بارزين في لوبي “تغيير النظام” في سورية، بما في ذلك الزميلة من أصول صهيونية في معهد “نيولاينز” في واشنطن دي سي، إليزابيث تسوركوف، والتي برزت كصوت جهادي يهمس في أذن السياسة الخارجية للولايات المتحدة وإسرائيل. لقد أثنت تسوركوف على حكام إدلب المتطرفين، فكتبت: “يمكن القول إن هيئة تحرير الشام هي أكثر فروع القاعدة براغماتية في الوجود”.

ثم كان هناك كين روث، المدير التنفيذي لـ “هيومن رايتس ووتش”، الذي كتب مرتين على “تويتر” للترويج لمقابلة مجموعة الأزمات الدولية مع الجولاني. لقد شيطن بكلتا تغريدتيه الحكومة السورية وحليفتها روسيا، دون أدنى إشارة لمجموعة الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات السلفية الإرهابية في إدلب. كانت رسالة روث واضحة: كان الليبراليون في صناعة حقوق الإنسان الغربية متعاونين مع حملة إعادة تسمية “هيئة تحرير الشام”.

في شباط 2021، نشرت “مجموعة الأزمات الدولية” ورقة متابعة تهدف صراحة إلى إقناع صانعي السياسة بإزالة إسم “القاعدة السورية” المعاد تسميتها من قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية، وقال مؤلفو الورقة التي تحمل عنواناً سخيفاً “في إدلب السورية.. فرصة واشنطن لإعادة تصور مكافحة الإرهاب”: “إن استمرار وضع هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية على النحو الذي حددته الولايات المتحدة وروسيا ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتركيا يمثل عقبة رئيسية”.

كان الدافع وراء حجة “مجموعة الأزمات الدولية” أن “هيئة تحرير الشام”، على عكس “داعش” والجماعات الأخرى التابعة لـ “القاعدة”، نأت بنفسها عن الهجمات العابرة للحدود والمسلحين الذين يدافعون عنها؛ ما يعني بعبارة أخرى أن حملة عنف الجماعة المتطرفة مقبولة طالما بقيت مركزة على الحكومة السورية وحلفائها، وليس على أهداف في الدول الغربية.

لقد روج الداعون لتغيير النظام في سورية لورقة “مجموعة الأزمات”، بمن فيهم الصهيونية تسوركوف. ولربما كان العضو الأكثر نفوذاً في لوبي “تغيير النظام” في سورية، في واشنطن، هو تشارلز ليستر، الخبير البريطاني الذي لا يتحدث العربية، وأمضى سنوات في الدعوة للاحتلال الإرهابي المتطرف في سورية، من داخل مراكز أبحاث، مثل مركز “بروكينغز الدوحة”، و”معهد الشرق الأوسط” اللذين تمولهما ممالك الخليج الثيوقراطية.

خلال حلقة نقاش، عام 2017، في مركز أبحاث “المجلس الأطلسي” التابع لحلف الناتو، وصف ليستر إدلب بأنها “قلب النصرة”، معترفاً بأن “النجاح النسبي لـ “القاعدة” في سورية قد شهد على إيديولوجيتها وتعميم سرديتها، وليس فقط في أجزاء من سورية، ولكن أيضاً في أجزاء من المنطقة”. وفي جلسة نقاشية لاحقة في “الكابيتول هيل”، عام 2018، كان تهدف إلى حشد دعم الكونغرس للتدخل العسكري، قال ليستر عن “النصرة”: “لقد فهمت القاعدة الأمر بشكل صحيح، أكره أن أقول.. إستراتيجيتهم أكثر فاعلية على الأرض. إنهم يكسبون القلوب والعقول”، حتى أن ليستر احتفل بالجولاني باعتباره نسخة “إسلامية” من تشي جيفارا “تتعمق في التاريخ السياسي العربي الحديث”. أما بالنسبة لـ “هيئة تحرير الشام”، فقد أشاد بها ليستر ووصفها بأنها “حركة جهادية أكثر نضجاً سياسياً”.

 

علاقات جيمس جيفري وأندرو تابلر التركية – الإسرائيلية

كان جيمس جيفري، الممثل الأمريكي الخاص السابق في سورية، وأندرو تابلر، عضو لوبي في إسرائيل، وزميل أقدم في برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، من أخطر الداعمين للتمرد الإرهابي في سورية. دائماً كان جيفري يصرح أن هيئة “تحرير الشام” هي الخيار الأقل سوءاً من بين الخيارات المختلفة في إدلب، وإدلب هي واحدة من أهم الأماكن في سورية، وواحدة من أهم الأماكن حالياً في الشرق الأوسط”.. كان يقر بما كان معروفاً بالفعل في دوائر السياسة الخارجية، ولكن قلة تجرأت على التحدث بصوت عالٍ: “واشنطن متحالفة مع القاعدة في سورية”.

كان جيفري أحد أكثر المبعوثين نفوذاً وتدخلاً؛ وعندما تذكره وسائل الإعلام الأمريكية، فإنها غالباً ما تحرص على التأكيد على أنه خدم في كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية، واصفةً إياه بأنه شخصية من الحزبين يتمتع بخبرة واسعة في العمل في المناصب الدبلوماسية في الشرق الأوسط. لكن ما لا يتم ذكره في العديد من الصور الإعلامية البراقة لجيفري، هو التزامه العميق بتعزيز العلاقات مع تركيا، وعلاقاته الشخصية الوثيقة بالحكومة في أنقرة.

من العام 2013 إلى العام 2018، كان جيفري “زميلاً متميزاً” في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، وهو مركز أبحاث مقره في العاصمة الأمريكية يعمل بمثابة نقطة انطلاق للاستخبارات الإسرائيلية. هناك، شارك جيفري في تأليف أوراق سياسية مع نشطاء من المحافظين الجدد، مثل دينيس روس، تدعو إلى مواقف متشددة مناهضة لإيران، وحتى للمزيد من التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط.

أثناء تقديمه لطهران على أنها “التحدي الأكبر” للولايات المتحدة، كان جيفري مدافعاً متحمساً عن تعاون أوثق مع الحكومة التركية. وفي تقرير لـ “معهد واشنطن”، أكد أن تركيا هي واحدة من أهم الدول بالنسبة للولايات المتحدة بشكل عام، وذات أهمية مركزية لسياسة الولايات المتحدة. دعا جيفري واشنطن إلى بناء علاقات أعمق مع رجب طيب أردوغان، مشيراً إلى أنه “أقوى زعيم تركي منذ أن أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية، في العام 1923″، وحذر جيفري من أن عدم القيام بذلك قد يلهم أنقرة لتحسين علاقاتها مع روسيا المنافسة منذ فترة طويلة.

 

جيفري- أردوغان وسورية

إلى جانب الولايات المتحدة، لعبت تركيا دوراً محورياً في حرب “تغيير النظام” في سورية، وعملت مع وكالة الاستخبارات المركزية لإنشاء معسكرات تدريب داخل الأراضي التركية، ليصبح جنوب تركيا قاعدة الأمر الواقع للمعارضة السورية، حيث تعمل مدن مثل غازي عنتاب كمركز لوكالات الاستخبارات الغربية.

لسنوات، حافظ أردوغان على حدود مفتوحة مع جارته الجنوبية، ما سمح لعشرات الآلاف من الإرهابيين التكفيريين من جميع أنحاء العالم بدخول سورية. سمح هذا الترتيب، المعروف بشكل غير رسمي باسم “الطريق الجهادي السريع”، للجهات الأجنبية الراعية للمعارضة السورية بإرسال أسلحة متطورة بمليارات الدولارات، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدبابات، كما أعطى المتمردين المتطرفين حرية التنقل ذهاباً وإياباً عبر الحدود.

دعمت أنقرة بشكل مباشر الجماعات التكفيرية داخل سورية، ولعبت “لعبة مزدوجة” مع “داعش”. وبالفعل، حولت “جبهة النصرة” التابعة “للقاعدة” إلى وكيل لها في المنطقة. بعدها غزا الجيش التركي مناطق سورية عدة مرات منذ العام 2016، واحتل أجزاء من إدلب وشمال سورية بالتعاون مع متطرفي “القاعدة” الذين أعيدت تسميتهم إلى “هيئة تحرير الشام” بشكل علني.

أذاع جيفري علناً آراءه المؤيدة لأنقرة عندما قام، في آذار 2020، بزيارة تركيا مع سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة،، كيلي كرافت، في رحلة مشتركة. وعلى الحدود الجنوبية مع سورية، وقف الدبلوماسيان لالتقاط صورة مع أعضاء “الخوذ البيضاء” التي تمولها الحكومات الغربية، ودعيا إلى الإطاحة بالنظام وأعادا تأكيد دعم واشنطن لسياسة تركيا في إدلب.

قبل الزيارة بأسابيع قليلة، أجرى جيفري مقابلة على التلفزيون التركي دافع خلالها عن احتلال أنقرة العسكري لأجزاء من إدلب، قائلاً: “تتفق الولايات المتحدة مع تركيا بشأن الوجود القانوني وتبرير تركيا للدفاع عن مصالحها الوجودية ضد تدفق اللاجئين والتعامل مع الإرهاب وإيجاد حل لمشكلة الإرهاب. نحن نتفهم وندعم هذه المصالح التركية المشروعة التي لها قوات تركية في سورية، وتحديداً في إدلب”.

اعترف جيفري لاحقاً بأنه كذب على الرئيس ترامب بشأن عدد القوات في سورية لمنع انسحاب كامل، وتباهى في موقع الجيش على شبكة الإنترنت “ديفنس ون”: “كنا دائماً نلعب ألعاب القذائف حتى لا نوضح لقيادتنا عدد القوات التي لدينا هناك”. كما حدد تقرير، صدر عام 2019، في مجلة “فورين بوليسي” أن جيفري، جنباً إلى جنب مع مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، كانا جزءاً من مجموعة الصقور المناهضين لإيران الذين منعوا ترامب من الانسحاب من سورية، بل ودعموا الغزو التركي لسورية”.

أوضحت مجلة “فورين بوليسي”: “بدأ جيفري في وضع خطط للبقاء في شمال شرق سورية إلى أجل غير مسمى كعقبة أمام محاولات الأسد لتوطيد سلطته. على وجه الخصوص، سعى فريق جيفري إلى حرمان الرئيس السوري وداعميه الإيرانيين من الوصول إلى حقول النفط في محافظة دير الزور، والتي تخضع معظمها لسيطرة ميليشيات قسد”.

أيضاً دافع تابلر بقوة عن الحرب الأمريكية على سورية خلال محاضرات للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وقال لجمهوره المؤيد لإسرائيل: “تحتاج الولايات المتحدة إلى تطوير وتنفيذ خطة لتطوير مناطق نفوذ حلفائها في سورية للمساعدة في استعادة واستقرار تلك المناطق من “داعش” و”القاعدة”. لكن لن تنجح مثل هذه العملية إلا إذا حافظت واشنطن على هدفها المتمثل في تنحي الأسد جانباً، وإضافة عنصر عسكري إلى الإستراتيجية أيضاً”.

تمثل هذه الحملة لتبيض صفحة الجولاني تتويجاً للضغوط التي قادتها واشنطن لتنظيف صورة “القاعدة” السورية وتأمين وضعها كوكيل للولايات المتحدة؛ لكن ليندسي سنيل، الصحفية الأمريكية المستقلة التي احتجزتها “جبهة النصرة” في سورية، سخرت من حملة العلاقات العامة التي تقوم بها وسائل الإعلام ومراكز الفكر الأمريكية نيابة عن “هيئة تحرير الشام”. وفي مقابلة مع “غراي زون”، قالت سنيل إن “هيئة تحرير الشام” لا تزال تتمسك بنفس أيديولوجية “داعش”، لكنها قررت مناشدة الغرب من أجل الحفاظ على نفوذها في إدلب. لقد غيروا اسمهم لأول مرة وأعلنوا انفصالهم عن “القاعدة” عندما كنت أسيرتهم، وبالطبع لم يتغير أي شيء في الواقع، وحتى يومنا هذا، لا يزال معظمهم يطلقون على أنفسهم اسم “النصرة”. كان انشقاقهم عن القاعدة مجرد شيء تجميلي سطحي وما زالوا الإرهابيين أنفسهم”.