ثقافةصحيفة البعث

معرض التشكيلية نهى العلي.. أبعد من اللوحة وأقرب!!

شهدت صالة مصطفى علي الأسبوع الماضي افتتاح معرض لأعمال الفنانة نهى العلي التي قدمت تجربتها الجديدة بحالات مختلفة تضمنت اللوحة والمنحوتة وأعمال “الفيديو آرت”، هذه السيدة متعددة المواهب قدمت بكرم كل ما يمكن أن يصل برائيها إلى ما تريد قوله عن عالمها الخبيء من ذكريات بعيدة يصعب الوصول إليها إن لم يكن صاحبها حقيقياً ومخلصاً وواثقاً بأنها تستحق أن تقال، هي ليست حكاية تروى، بل مجموعة من الصور المتلاحقة عن مكان ما يعيش فيه هذا الكائن الذي ينبض ويشاكس محيطه بشغف بغية إحداث ما يتوافق مع نبضه، ومع ما يتوقعه من حلم يذهب إليه شغوفاً بما سيحدث، ولن يتخطى روعة أنه مولود من حكمة ترسمها يد سيدة بقلبها الطفل.

في العتبة الأولى من دارة مصطفى علي النحات المعروف يطالعنا مناخ الفن المهيمن على المكان، وشخصية صاحب المكان الودود مرحباً ومحتفياً بك، ومقدماً معرض الفنان الذي يستضيفه في مؤسسته بثقة ودعم، والأصعب عندك كزائر عندما تكون وجهاً لوجه أمام المعرض حينما تكتشف أنك أمام شخصية فنية شجاعة مثل نهى العلي استطاعت أن تتحرر من أثر مصطفى وهيمنته كمعلم وفنان، وربما لم ينج عدد كبير من النحاتين الشباب من تأثير مصطفى علي المحبب، في معرض نهى نحن أمام شخص من ضمن هذه المؤسسة المنتجة للفن، وترسم خط إنتاجها الرافد، ولا تتشابه مع المألوف والمتفق عليه.

لوحات تعبيرية تجريدية معلّقة في القاعة الأولى تمثّل حالات متعددة للطبيعة الصامتة، والإنسان، وتأليف عوالم بصرية عالجت الفنانة لوحتها عبر العديد من محاولات الحذف والإضافة واستخدام الكولاج والعديد من المواد الملونة إلى حد أن سطح اللوحة يبدو أنه تشكّل عبر أوقات زمنية متعاقبة تتابعت خلالها التأثيرات البصرية وصولاً إلى الجملة النهائية التي ترتضيها الفنانة، محكمة عينها الناقدة بما يخص التكوين والبناء المعماري واللوني وحساسية الخطوط المحددة للأشكال والداعمة للحيز الغرافيكي في العمل.

الأعمال الخزفية في القاعة الثانية تتوافق مع مفهوم النحت والتراكيب المعمارية والتجسيدية، مجموعة من المنحوتات الصغيرة بعوالمها البنائية أضاءت على شخصية شغوفة بمتعة تأليف العناصر، معتمدة على ارتكاز في القاعدة، وتصاعد هرمي لا يخلو من منطق حكيم في خلق التوافق والتتابع بين العناصر المتشابهة هندسياً دون الدخول في متاهات التزيين والزخرفة، أو متطلبات الاستخدام الوظيفي المعتاد.

في جانب العرض الفيديوي قدمت الفنانة حالة متقدمة من وعي وإدراك لدور الصورة في التعبير، ولإمكانيات عالم الميديا في استيعاب هواجس الفنان من خلال خلق عوالم تعبيرية عالية الكثافة، ويتضح من خلال ما تم تقديمه أن هناك فريقاً محترفاً على صعيد التصوير والإخراج تمكن بإدارة من الفنانة أن يحقق متطلبات الفكرة التي تقصدتها ووفّقت بذلك، ولربما كان هذا الختام من العرض هو ختام مسك.

أكسم طلاع