دراساتصحيفة البعث

أردوغان يجدد أوراق اعتماده أمام بايدن

ريا خوري

ما زال الرئيس الأمريكي جو بايدن يتمهل في حسم ملف تركيا، لأن الشك ما زال يعتريه من أن أردوغان يسعى بكل جهوده لإحياء ذكريات الحقبة التاريخية الماضية، والسلطنة العثمانية البائدة.

كانت بداية التحالف الاستراتيجي التركي مع الولايات المتحدة بعد انضمام تركيا إلى حلف الناتو، حيث أصبح للولايات المتحدة دور كبير في مجمل تطورات تركيا الداخلية والخارجية، توّجت بإقامة عشرات القواعد البحرية والجوية والبرية في مختلف أنحاء البلاد. وجاء ما يُسمّى “الربيع العربي” كفرصة جديدة لإثبات ولاء تركيا للولايات المتحدة في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، فقد رضيت تركيا لنفسها أن تؤدي دوراً وظيفياً لمصلحة الولايات المتحدة وأوروبا الغربية لزعزعة استقرار الدول العربية، لينتهي الأمر بها بما هي عليه الآن داخلياً وخارجياً دون استقرار.

كل ما جرى لم يمنع تركيا من الاستمرار في أداء دور وظيفي أساسي في مجمل تطورات المنطقة، حيث أرسل مرتزقته وقواته العسكرية إلى سورية والعراق وأذربيجان وليبيا وألبانيا والصومال، كما أرسل قواته العسكرية إلى أفغانستان بعد الاحتلال الأميركي لها، وهو ما شهد به وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول في 11 تشرين الثاني عام 2001: “إن بعض الدول، وفي مقدمتها تركيا، عبّرت لنا عن استعدادها لإرسال قواتها إلى أفغانستان، للمساهمة في تحقيق الأمن في العاصمة كابول وجوارها”. ومنذ ذلك التاريخ ما زالت تركيا تحتفظ بنحو ألفي جندي في أفغانستان يقومون بحماية مطار العاصمة كابول، كما يقومون بتدريب عناصر الأمن والشرطة الأفغانية، في الوقت الذي تنفّذ الشركات التركية مشاريع تنموية فيها وتجني مئات ملايين الدولارات.

لقد أكد أردوغان أنه ما زال يؤدي دوراً وظيفياً حين أبدى استعداده لإرسال الجيش التركي إلى أفغانستان بعد لقائه الرئيس بايدن، الأمر الذي تلقفته المعارضة، حيث قال فاروق لوغ أوغلو، سفير تركيا السابق في الولايات المتحدة: “إن أردوغان، من خلال إرسال الجيش التركي إلى أفغانستان يسعى إلى كسب ودّ ودعم بايدن الذي وصفه بالاستبدادي، وأكد ضرورة التخلص منه”.

كما قال  الجنرال  التركي المتقاعد أحمد ياووز: “إنَّ التاريخ يكرّر نفسه، فأردوغان يرسل جنودنا إلى أفغانستان لحماية المصالح الأميركية، وهو ما فعله في سورية، وبعد ذلك في ليبيا، فقد زارها وزراء الداخلية والدفاع والخارجية ورئيس الأركان ومستشارو أردوغان ورئيس المخابرات قبل يوم من لقاء بايدن، وذلك إشارةً من أردوغان الذي أراد أن يقول للولايات المتحدة إنه على استعداد للتنسيق والتعاون الدائم والشامل معها في كل المناطق ذات الاهتمام المشترك بما فيها أفغانستان ولاحقاً الصومال ومنطقة الخليج والقوقاز”.

ليس هذا فحسب، فقد عزف أردوغان بعد اللقاء على أكثر من وتر حين تحدث عن ضرورة إشراك باكستان وهنغاريا في المهمة العسكرية التركية، وهذا العزف يهدف إلى كسب ودّ حركة “طالبان” ذات الأصول الباشتونية، فيما يسعى من خلال الحديث عن رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوروبان -من أصول عثمانية- لكسب ودّ الاتحاد الأوروبي ودعمه سياسياً ومالياً، من دون تجاهل علاقات تركيا منذ فترة مع حركة طالبان الأفغانية.