صحيفة البعثمحليات

تحسباً للحرائق الحراجية.. استنفار في الخطط والبرامج ونظام إنذار مبكر وفرق تدخل سريع

دمشق – عبد الرحمن جاويش

نتيجة ما تعرضت له ثروتنا الحراجية من حرائق وعبث بالغابات، مثل الاحتطاب والقطع الجائر للأشجار بقصد المتاجرة والتدفئة، إضافة للرعي الجائر الذي قضى على النباتات العشبية الطبية في الجبال، بات على الجهات المسؤولة إعادة ما تم تخريبه والعبث به من خلال خطط مدروسة وممنهجة وسريعة، فهذه ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها مع ضرورة تشجيع كافة الجهات ذات الصلة بزراعة الأشجار، إضافة لتوفير الدعم الكبير لتوزيع البذار والشتل والشجيرات لإعادة زراعة ما خرّب.
وأوضح مدير الحراج في وزارة الزراعة، المهندس علي ثابت، لـ “البعث”، أنه يتم العمل على وضع سياسة شاملة واستراتيجية واقعية يتم من خلالها تنظيم مكافحة حرائق الغابات انطلاقاً من الوقاية والمراقبة اليومية والداعمة والمستمرة بهدف استباق خطر الحريق، وتندرج هذه الخطة ضمن الخطة الوطنية للنهوض بالقطاع الحراجي، وينبثق عنها خطط لمكافحة حرائق الغابات على مستوى كل محافظة، والهدف حماية 527653 هكتارا من الغابات على امتداد أراضي سورية، وتقليص المساحة المحترقة إلى ما دون الهكتار الواحد للحريق الواحد، وذلك بما يتفق مع المعايير “المتوسطية”، مضيفاً أن هذا الهدف يتحقق من خلال دعم البنية التحتية من مسالك وطرق ودروب وخطوط نار، إذ يجب أن تستهدف الخطة فتح طرق خطوط نار بمعدل 2 كم لكل 100 هكتار من الغابات، وبالتالي فإن غاباتنا يلزمها 10560 كم من الطرق وخطوط النار، بينما الواقع الحالي هو 5701 كم من الطرق موزعة على المساحة الإجمالية لمواقع الغابات في سورية.

طوارئ
ومن جملة الإجراءات العمل على تنفيذ خطة لشق الطرق الحراجية، فقد بلغت الخطة المنفذة العام الماضي – حسب ثابت – حوالي 55 كم، إضافة إلى ترميم ما يعادل 31265 كم. ومنذ بداية عام 2021 تم شق طرق بمسافة قدرها حوالي 58 كم، وقد بدأنا بتنفيذ خطة ترميم وتعزيل طرق حراجية شملت 3546 كم. وتساهم هذه الطرق، إضافة إلى الطرق الموجودة، في الحد من انتشار الحرائق، وتمكين فرق الإطفاء من الوصول إلى الحرائق بأسرع وقت ممكن، وأيضاً العمل على زيادة نقاط التزود بالمياه، وإقامة وإنشاء السدات المائية حسب الإمكانيات الطبوغرافية والمادية للموقع، كما تم تجهيز كافة مناهل ومآخذ المياه التابعة لوزارة الزراعة، إضافة إلى التنسيق مع وزارة الموارد المائية والدفاع المدني لوضع المناهل التابعة لها في جهوزية تامة استعداداً لموسم الحريق. ولدينا حوالي 115 منهل مياه يستفاد منها أثناء الحريق، وتعميم أجهزة اللاسلكي على مختلف المراكز.

ويضيف مدير الحراج: قمنا بتجهيز وصيانة اللاسلكي المتوفر مع الوقاية والمراجعة الشديدة لتجنب اندلاع الحرائق بهدف ضمان تطبيق هذا البند، وتم تشكيل لجان في كافة المناطق والنواحي وذلك بناء على موافقة رئاسة مجلس الوزراء على مقترح وزارة الزراعة تضم في عضويتها ممثلين عن السلطة المحلية أو الإدارية ومدير منطقة أو ناحية والجمعية الفلاحية والفرقة الحزبية، بحيث تكون مهمتها مراقبة كافة الأراضي الزراعية وخاصة في موسم الحريق.

إنذار مبكر
وأشار مدير الحراج إلى أنه تم تطبيق نظام الإنذار المبكر لاكتشاف الحرائق، والتدخل المباشر السريع، لذلك أي حريق يجب ألا يقطع مساحة أكبر من 1 هكتار قبل الوصول إليه خلال 10 دقائق الأولى من اندلاعه. ومن أجل تحقيق هذا الهدف شكلت منصة لمتابعة حرائق الغابات تضم في عضويتها باحثين من الجامعات السورية والهيئة العامة للاستشعار عن بعد، والهيئة العامة للبحوث العلمية، مهمتها إعداد خارطة أساسية تحمّل عليها شبكة الطرق الحراجية وخطوط النار وتوزع مناهل المياه بما يساعد في إدارة الحريق وتوجه عناصر وفرق الإطفاء بصورة جيدة إلى أماكن التدخل المناسبة؛ وهناك تقييم دقيق ويومي لخطر الحريق، من خلال التعاون بين الهيئة العامة للأرصاد الجوية مع وزارة الزراعة مديرية الحراج بهدف إنجاز تحاليل دقيقة ومعمقة لخطر الحرائق، ما يستدعي وضع خلية تتركز مهمتها على تحليل خطر حرائق الغابات، ويتم دعم خلية التوقيع من خلال التحاليل المقدمة من وزارة الزراعة ومديرية الحراج والخاصة بحساسية الغطاء الحراجي للحرائق، وذلك بالاستعانة بتقنيات الاستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية عالية الدقة المكانية الرقمية، ويطبق ذلك على كامل أراضي القطر، وهناك خارطة خطورة الحريق تعمم على جميع دوائر الحراج في المحافظات، وتتضمن مؤشر خطورة الحريق لمدة أسبوع  ويستفاد منها في معرفة المواقع الحراجية الأكثر حساسية لحدوث الحريق.

التدخل السريع
وبين ثابت أن هناك خطة تم البدء بتنفيذها تتعلق بالتدخل السريع لمؤشر الخطر بوضع كافة عناصر الجاهزية من مخافر حراجية مجهزة بصهاريج وجرارات مع مضخات وتجهيز سيارات في حالة الاستنفار، حيث يبلغ عدد الصهاريج الجاهزة للتدخل 170 صهريجاً، ويوجد 12 مركزاً لحماية الغابات، إضافة لـ 24 برج مراقبة، ومن ضمن خطة التدخل تم توزيع خزانات مياه بيتونية وبلاستيكية بسعات تتراوح بين 35 م3 وحتى 300 م3 ثبتت في مناطق ذات مؤشر مرتفع لخطر الحريق، ويبلغ عدد عناصر الضابطة الحراجية 645 عنصرا.
وأشار مدير الحراج إلى أنه تم تنظيم 943 ضبطا حراجيا في العام الماضي، و650 ضبطا منذ بداية العام لتاريخه، وتم إعداد فرق إطفاء وتنظيمها في مجموعة محددة العدد بحسب الإمكانيات، وتم إعادة تأهيل التجهيزات المخصصة لمقاومة الحرائق، إذ تتسم هذه التجهيزات بالمحدودية من حيث عدد سيارات التدخل وشاحنات التزود، إلى جانب قدم وسوء حالة معظمها، ما يحد من نجاعة التدخل الأولي.
ويؤكد ثابت أن مكونات البنية الأساسية والتحتية وعلى وجه الخصوص خطوط النار غير ذات أهمية في ظل غياب الصيانة الدورية، إذ يتعطل دورها في حالة تراكم الأعشاب، مما يسهل انتشار النار في المقاسم الحراجية، وبالتالي لابد من توجيه فرق التربية والتنمية في دوائر الحراج جميع المحافظات وبالتنسيق والتعاون مع الوحدات الإدارية في المحافظات على ضرورة إزالة وتنظيف الأعشاب وتقليم الأشجار على جوانب الطرق ونشر الوعي البيئي لدى السكان المحليين وسكان القرى الحراجية، وتوجيه المواطنين والمزارعين بعدم إشعال النار في أراضيهم وضرورة التخلص من مخلفات محاصيلهم بطرق علمية وتحقق الفائدة لهم. إضافة إلى التواصل ومخاطبة كافة الجهات المعنية بقطاع الحراج، بتنفيذ الأعمال المطلوبة منها وفقاً لقانون الحراج من تنظيف جوانب الطرقات وجوانب السكك الحديدية وتحت أسلاك الكهرباء من الأعشاب كل حسب طبيعة عمله، والعمل على تعديل قانون الحراج الحالي رقم 6 لعام 2018 بما يضمن حماية أفضل للغابات من الحرائق ومن التعديات الأخرى. كما يتم العمل الآن على إعادة تأهيل المواقع المحروقة وذلك من خلال: تشخيص للواقع الراهن للمجموعات الحراجية بعد الحريق وذلك بعد تقسيمها إلى قطاعات ومقاسم وتحت مقاسم لسهولة دراستها. ومعرفة تأثير الحريق في بنية وتركيب هذه المجموعات دراسة واقع التجدد الطبيعي في المواقع المحروقة وإدارته بالشكل الصحيح، ودراسة إمكانية التدخل بالتشجير ضمن هذه المواقع وذلك بعد مرور أكثر من 3 سنوات على الحريق، وذلك مع مراعاة الحفاظ على التربة من الانجراف وصون وحماية الحياة البرية النباتية والحيوانية. الحفاظ على البقع الناجية من الحريق التي سوف تُسهم بفعالية في استعادة الكثير منها.