ثقافةصحيفة البعث

عماد جلول: عروض لكبار المسرحيين بدمشق وحركة نشطة قادمة من المحافظات

تتميّز العروض المتتابعة التي تقدّمها مديرية المسارح والموسيقا باستقطابها للجمهور بشرائحه المتعدّدة نظراً لقدرتها على محاكاة مختلف المستويات والاهتمامات الفنية، وإذا كانت عروض مسرح دمشق القومي تشكّل العمود الفقري لنشاطات المديرية، إلا أن ثمة نشاطات أخرى قد لا تقلّ أهمية في بعض الأحيان عن عروض قومي دمشق، كعروض مشروع دعم مسرح الشباب والمهرجانات المسرحية التي ترعاها أو تشارك في رعايتها والمنتشرة على مساحة القطر، وعروض فرق المسرح القومي في المحافظات، وخاصة بعد أن تمّ مؤخراً إحداث فرقتين للمسرح القومي في كلّ من حمص وحماة.

وأشار عماد جلول مدير المسارح والموسيقا في حواره مع “البعث” إلى أن دمشق شهدت مؤخراً حركة مسرحية نشطة قادمة من المحافظات، حيث أتيح لجمهورها التعرف على التجارب المتميّزة التي يقدّمها مسرحيو محافظاتنا الذين نجحوا من خلال أعمالهم المسرحية التي قدموها وحضرها جمهور كبير، والتأكيد على عودة الحياة إلى أركانها، وذلك كله نتيجة للجهود التي تبذلها المديرية في نشر المسرح على الخارطة السورية وسعيها الدائم لخلق بيئة مسرحية صحية تكون الحاضنة والداعمة لكل التجارب، معبراً عن سعادته الكبيرة بالنشاط المميّز الموجود حالياً في المحافظات التي تشهد نشاطاً مسرحياً ملحوظاً، والأهم هو ذاك الإقبال الكبير الذي يعبّر عن أهمية وجودة ما يُقدم، منوهاً بالنجاح الكبير الذي حقّقه مهرجان المونودراما الأول في حماة الذي انتهت فعالياته مؤخراً، وضمّ مجموعة من العروض المميزة التي نالت الجوائز عن جدارة وقامت بتحكيمها لجنة مؤلفة من شخصيات مسرحية مهمّة، حيث نال جائزة العرض المتكامل العرض المسرحي “الكلام القديم” إخراج يوسف شموط تمثيل ساندي جربوع، وجائزة أفضل إخراج للمخرج علي عبد الحميد طهور عن “ليلة التكريم”، وجائزة أفضل نص للكاتب علاء عبيد عن نصه المسرحي “منزل على الجبهة”، وجائزة أفضل أداء للفنان باسل علو عن أدائه في “ليلة التكريم”، مبيناً أنه ومع تأسيس المسرح القومي في حماة وحمص تشكلت لجان قراءة من أهم الشخصيات المسرحية التي كانت حريصة على النوعية التي ستُقدّم، وساهمت بتقديم عروض متميزة في مدينتين لهما تاريخ عريق في المسرح، وأسعده أن نجاح مهرجان المونودراما في حماة حرّض المسرحيين فيها على التحضير لمهرجان محمد الماغوط المسرحي في دورته الجديدة. وأكد جلول أن هذا الكلام ينطبق كذلك على مدينة حمص التي تشهد نشاطاً مسرحياً مهماً بعد تأسيس المسرح القومي فيها، والذي بلور عمل كل التجارب المسرحية التي كانت تعمل بشكل إفرادي قبل تأسيسه، في الوقت الذي تستمر فيه المسارح القومية في باقي المحافظات بتقديم عروضها للكبار والصغار، معبّراً عن سعادته أيضاً بعودة العروض لمدينة دير الزور من خلال عرض الأطفال “غابة الأصدقاء” إخراج علاء عبيد الذي قُدّم خلال تظاهرة مسرح الطفل الماضية كمظهر من مظاهر عودة الحياة إلى خشبات دير الزور بعد انقطاع دام 10 سنوات جراء الحرب الإرهابية على سورية، حيث تجري التحضيرات حالياً لتقديم مسرحية “السجادة الحمراء” إخراج علاء عبيد طيلة أيام العيد على خشبة مسرح المركز الثقافي بدير الزور.

عروض المحافظات في دمشق

وأكد جلول أن المديرية حريصة دوماً على استضافة عروض المحافظات المتميزة، حيث شهد مسرحا الحمراء والقباني مؤخراً تقديم عروض قدمت من حماة واللاذقية والسويداء، فمنذ أيام قليلة عُرضت “الزواج سنة 2030″ إخراج د. محمد إسماعيل بصل من اللاذقية، و”الكلام القديم” إخراج يوسف شموط، كما ستُعرض مسرحية “إكس” إخراج ثائر حذيفة لمسرح قومي السويداء يوم الخميس 15/7 على مسرح الحمراء، ومن المقرّر أيضاً استضافة مسرحية “أوبرا الشحادين” لسلمان شريبة من اللاذقية، ومسرحية “منزل على الجبهة” لعلاء عبيد من دير الزور، ومسرحية “حذاء ساندريل” إخراج وئام البدعيش من السويداء، مشيراً إلى أن هذا الأمر بات من ضمن أولويات المديرية لإعطاء العروض المتميزة حقها من المشاهدة في أغلب المحافظات، وهذا الكلام ينطبق كذلك على العروض التي تُنجز في دمشق حيث ستتاح لها إمكانية التجوال ضمن المحافظات السورية.

حركة غير مسبوقة 

وبيّن جلول أن المديرية تعيش حركة غير مسبوقة حالياً استمراراً لتنفيذ خطتها في تقديم عروض متنوعة مستقطبة كبار المسرحيين السوريين الذين ينتظر الجمهور أعمالهم بفارغ الصبر أمثال غسان مسعود وأيمن زيدان وزيناتي قدسية، حيث ستقدم عروضهم تباعاً، مشيراً إلى أن مسعود اختار قصر العظم لتقديم عرضه القادم وقد بدأ بروفات الطاولة، وحرص زيدان على إعادة عرض مسرحيته الشهيرة “سوبرماركت” التي تُعدّ من روائع المسرح السوري ولكن برؤية جديدة ليتسنى للجيل الحالي مشاهدتها، في حين يطلّ قدسية مخرجاً لنص “مقام ابراهيم وصفية” لوليد إخلاصي، في الوقت الذي أكد فيه جلول مشاركة مأمون خطيب وسمير عثمان الباش وفؤاد حسن في تقديم عروض ضمن الخطة الحالية للمديرية، موضحاً أن المديرية لا تتدخل بعمل المخرج وخياراته بل تحاول توفير كل ما أمكن لتنفيذ ما يفكر به.

فرح الطفولة

وتستعدّ المديرية أيضاً لإقامة تظاهرة فرح الطفولة خلال فترة عيد الأضحى المبارك، مبيناً أن هذه التظاهرة باتت أحد طقوس العيد لأطفالنا، والمديرية تحرص على تقديم مجموعة من المسرحيات في العيد (مسرح كبار للصغار، مسرح خيال الظل، مسرح دمى وعرائس) في العديد من المحافظات، ففي دمشق ستُقدّم “نجمة الأحلام” و”القطة شحرورة” و”حارس الغابة يا صديقي” و”مغامرات سبونج بوب” و”لقمان الفهمان” و”سعيد وعنيد” و”البطريق”، كما ستشهد تظاهرة الطفولة تقديم عروض راقصة على خشبة مسرح مجمّع دمر الثقافي.

أما في حمص فستُقدّم مسرحيات “الأمنيات الثلاث” و”الحارس الأمين” و”الغابة الضائعة” و”فهيم الفهمان” و”ليلى والذئب” و”حروف المحبة” و”أميرة الثلج”، في حين يقدّم في حلب عرض مسرحي واحد هو “كنز الأصدقاء” في دار الكتب الوطنية طيلة أيام العيد، كذلك الحال في اللاذقية حيثُ تُقدّم مسرحية “القط أبو جزمة” طيلة أيام العيد في دار الثقافة.

أما في طرطوس فستُعرض “حكايات قنديل البحر” و”حارسة الماء”، وفي درعا ستُقدّم مسرحية “إشراقة أمس” و”مغامرات بطيخة ونملة”، بينما تعرض مسرحية “خيال والغابة وثلج الشتاء” في السويداء، وفي دير الزور وعلى خشبة مسرح المركز الثقافي ستقدم مسرحية “السجادة العجيبة”، ونوه جلول بأن المديرية تولي مسرح الطفل اهتماماً كبيراً وهي تسعى للارتقاء به من خلال إقامة ورشات عمل لفن خيال الظل لإعادة إحياء هذا الفن، وتأهيل مجموعة من المتدربين ليكونوا رافداً لمسرح الطفل من خلال تبنيهم لتقديم عروض خيال الظل، إلى جانب تأهيل عدد آخر في مجال صناعة الدمى بهدف تحقيق التنوع في مسرح الطفل الذي أصبح له جمهور كبير بفضل الجهود التي تبذلها المديرية لتقديم أفضل العروض التي تلبي رغبات أطفالنا، مبيناً أن المديرية سعيدة بالتطور الذي يحقّقه مسرح الطفل، وهو ليس وليد اللحظة، فهذا المسرح برأيه استطاع في أقسى الظروف أن يستمر ولم يتخلّ عن الطفل، والمديرية اليوم تقطف ثمار الجهد والتعب، حيث شهد هذا المسرح عودة للعديد من المخرجين له، منوهاً بأن المديرية ركزت في الفترة الأخيرة على إقامة ورشات لتصنيع الدمى لتأهيل عدد من المصنّعين لأن عدد المصنّعين قليل في هذا المجال، والعمل كذلك على إحياء فن خيال الظل من خلال ورشات ستقيمها المديرية لتأهيل مخايلين.

ورأى جلول أن العودة لخيال الظل سببها الإقبال الكبير على مسرح الطفل، حيث كان من الضروري استثمار كل الأساليب التي يمكن استخدامها في هذا المسرح “خيال ظل ودمى”، موضحاً أن المديرية وجّهت الدعوة لعدد من المخايلين المخضرمين الذين عملوا في مجال خيال الظل للتعاون معهم لتنشيط هذا الفن، وهو اليوم يوجّه الدعوة كذلك للمخايلين الذين تخرجوا من الأمانة السورية للتنمية، لدعمهم والتعاون معهم في تقديم عروض خيال الظل لأطفالنا في مسرح الطفل، منوهاً بأن كل ورشات المديرية مجانية التدريب، وكلها تنتهي بعرض يجمل ما تعلمه المتدرّبون، والجميل أن هذه العروض تحقق النجاح لأنها نابعة من طموح ورغبة وشغف المتدربين.

وختم جلول حواره بأن مديرية المسارح والموسيقا تطمح أيضاً لإقامة مهرجان دولي للمونودراما أسوةً بمهرجانات المونودراما التي تُقام في كل الدول، مبيناً أن المديرية وإلى جانب اهتمامها بالمسرح لم تتوقف عن إقامة الحفلات الموسيقية والغنائية، والملفت في هذا العام نجاحها بتقديم عرض تراثي بإشراف إدريس مراد في محافظة الرقة وقد شهد إقبالاً كبيراً عبّر عن تعطّش جمهور هذه المحافظة لعودة الحياة إليها عبر الفن، مشيراً إلى العديد من الحفلات الموسيقية والغنائية التي يتمّ التحضير لها، كحفلات “تحيا الموسيقا” في قصر العظم ومهرجان الفنون الشعبية، إضافة إلى عروض راقصة في دمشق لجمال التركماني وفي اللاذقية لمحمد حلبي.

أمينة عباس