رأيصحيفة البعث

اللاجئون السوريون ليسوا رقماً على لوائح الاستثمار السياسي

علي اليوسف

متابعةً لعمل المؤتمر الدولي الذي عُقد العام الماضي حول عودة اللاجئين والمهجّرين السوريين، انطلقت اليوم أعمال الاجتماع المشترك السوري الروسي في قصر المؤتمرات بدمشق، حيث ستناقش الاجتماعات على مدى ثلاثة أيام الإجراءات التي يمكن القيام بها لتهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين.

هذا المؤتمر بأهدافه الإنسانية لا شك يحمل رسالة للدول الداعمة للإرهاب التي عقدت مؤتمراً تحت مسمّى “الدول المانحة” في بروكسل، في آذار 2021 الماضي، ومضمونها أن من يستحق المساعدة هو الشعب السوري، وليس الدول التي لجأ إليها السوريون هرباً من الإرهاب المصدّر إلى بلدهم، ناهيك عن التراجع الاقتصادي والظروف المعيشية التي يعاني منها الشعب السوري.

مرت أكثر من عشر سنوات على الحرب الإرهابية على سورية التي باتت “كابوساً حياً”، وباتت بحاجة لإعادة إعمار خدمات الصحة والمياه والكهرباء، لكن الدول الداعمة للإرهاب لا تزال تصرّ على إسقاط الدولة السورية، ومواصلة تدمير حياة الشعب السوري.

من المؤكد أن تسييس المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، والعقوبات أحادية الجانب تشكل جميعها انتهاكاً لمبادئ القانون الدولي، ولا تساعد في دعم سيادة ووحدة الأراضي السورية التي تواجه جميع المحاولات الرامية لتقويض سيادتها وسلامة أراضيها. كما أن الدول الغربية بقيادة أمريكا والدول التابعة لها، وتحديداً تركيا، هي من تقوم باستغلال قضية اللاجئين أبشع استغلال وتحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة.

لذلك، فإن خطوات تسهيل عودة اللاجئين مرتبطة بتراجع العقبات المتمثلة بالحصار الاقتصادي والعقوبات التي تحرم سورية من أبسط الوسائل الضرورية لإعادة الإعمار، ولهذا نجد روسيا اليوم في سورية، وهي تسعى منذ سنوات للحصول على دعم المجتمع الدولي من أجل إطلاق مرحلة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، فيما تربط الدول الغربية تقديم أي مساعدات مشروطة بأجندتها السياسية، ولهذا نجدها في كل مؤتمر تعزف على وتر أن “الشروط الحالية في سورية لا تشجّع على الترويج لعودة طوعية”، حسب تعبيرها.

منذ انتهاء العمليات العسكرية الكبرى، كانت عودة اللاجئين أولوية من أجل إعادة الإعمار، خاصة وأن هناك أكثر من 5.6 ملايين لاجئ خارج سورية، معظمهم مواطنون قادرون على العمل ويمكنهم المشاركة في إعادة الإعمار، لكن العقبة الأكبر أمام عودة اللاجئين، بالإضافة إلى بقاء الإرهاب في بعض المناطق التي يفترض أن يعودوا إليها، هي الحصار المفروض على سورية، وقيام بعض الدول، ومنها ألمانيا، برفض إعادة اللاجئين لاعتبارات تخص مصالحها السياسية والإيديولوجية.

وأمام ذلك كله، من الطبيعي أن تكون قضيةُ اللاجئين بالنسبة للعالم قضيةً إنسانية، لكن بالنسبة لسورية إضافة لكونها إنسانية فهي قضية وطنية، واليوم باتت الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج وأكثر من أي وقت مضى راغبة بالعودة إلى وطنها، لأنهم يرفضون أن يكونوا رقماً على لوائح الاستثمار السياسي وورقة بيد الأنظمة الداعمة للإرهاب ضد وطنهم.

ولهذا تثبت موسكو مرة أخرى أنها الأقدر على ابتكار حلول سياسية واقعية معقولة، وهو ما سنشهده خلال فترة انعقاد الاجتماع، حيث سيكون هناك جولات للوفد الروسي على عدة محافظات تتخللها فعاليات مختلفة منها تقديم مساعدات إنسانية، كما سيتمّ توقيع عدد من الاتفاقيات وبحث آليات تطوير العمل الثنائي والتصدير المباشر، وكذلك تطوير التعاون بين وسائل الإعلام السورية والروسية.