ثقافةصحيفة البعث

هل الفنانة فايزة أحمد سورية أم لبنانية؟

فايزة أحمد فنانة لبنانية، ولدت في مدينة صيدا عام 1934، وعاشت في حارة “جامع العمري” والدها أحمد الرواس، وكان يملك  “حمّام السبع بنات”، غنت فيه فايزة مرات عديدة، والدتها لبنانية هي “فكرية ياسرجي”، تزوجت ثانية من رجل حلبي، وانتقلت فايزة مع والدتها إلى مدينة حلب، وكان عمرها يومئذ ثلاث عشرة سنة، كما تقول سحر طه الصحافية اللبنانية، كانت تتقن العزف على آلة العود، وتعزف لفايزة التي كانت تصدح بالغناء في ملهى الشهبندر، وقد نجحت الفنانة في النوادي والكازينوهات في حلب، وأدخلها “الكار” رجل من بيت “أمّانة”، تعرفت على الملحن السوري “محمد محسن” الذي قدّمها إلى الإذاعة السورية، ونجحت فيها أيضاً، وقد سافرت إلى الإسكندرية حيث أحيت حفلة بمناسبة تأسيس الجامعة العربية، وانطلقت بأغنية “أنا قلبي إليك ميال” عام 1957.

غنّت فايزة أحمد لأوّل مرّة، كما ذكر سابقاً، في حمّام السوق، فقد شاهدت فيلماً لعبد الوهاب يغني فيه “يا وابور قلّي رايح على فين” وأحبّت الأغنية وحفظتها، وبينما هي تغتسل راحت تغنيها، فأعجبت النساء بصوتها حتى إن أحداهن قالت لأمها: “بنتك فايزة صوتها يجنن”، ولم تكن قد بلغت العاشرة، وقد سافرت إلى القاهرة لتلتقي محمد عبد الوهاب لكنها أصيبت بخيبة أمل، فالأستاذ إمّا نائم أو في الحمّام، أو غير موجود، وعادت تجرّ أذيال الخيبة، وفي أيام الوحدة وصل إلى دمشق وفد يضمّ عدداً كبيراً من الفنانين المصريين، وكان بينهم عبد الوهاب وبينما هو جالس في الفندق اندفعت فايزة لتلقي نفسها بين يديه، وأمسكت ساقه والدموع تنهمر من عينيها، قائلة له: “أستاذ عبد الوهاب أنت أملي، أنت كلّ شيء في حياتي، الناس مش عايزين يوصلوني إليك، أرجوك، أبوس أيديك”.

ذهل عبد الوهاب، فقد باغتته المفاجأة، وحين أجلسها وارتاحت، فهم قصتها وأعطاها بطاقة، ليدخلها البوّاب حين تزوره في بيته في القاهرة، وفعلاً تمّ لها ذلك، وزارته في بيته في القاهرة، وحلّقت بعد ذلك في سماء الأغنية، ساعدها على ذلك أيضاً زوجها عبد الفتاح خيري عازف الكمان المصري، فقد قدّمها إلى الأوساط الفنية وخصوصاً الملحنين في الإذاعة.

تركت فايزة أحمد 230 أغنية، وقد لحّن لها كبار الملحنين في مصر، وقال عنها محمّد عبد الوهاب: “صوتها من أفضل الأصوات، وعندما تغني فايزة تستطيع أن تسلطن”. أمّا صاحب أكبر رصيد من الألحان، فقد كان محمّد سلطان الذي لحّن لها 140 لحناً، أغلبها من الألحان الشعبية، وقد حصلت فايزة أحمد من شركة EMI على الأسطوانة الذهبية في لندن، بمناسبة بيع مليون نسخة من أسطوانة فيها أغنيتين “حبيبي يا متغرب” وهي من تلحين بليغ حمدي، وأغنية “مش كتير على قلبين” وهي من تلحين سيد مكاوي.

في أواخر عام 1981، زارت فايزة لبنان، وأثناء ذلك عرضت نفسها على طبيب مختص، ويبدو أنّ الطبيب عرف حالة مريضته (كيس ورم تحت الثدي) فعالجها بالأدوية، فقد كان المرض متقدماً لا تنفع معه جراحة، وأدخلت إلى المستشفى في القاهرة، وقد طلب منها الأطباء أن تتوجّه إلى أمريكا لإجراء عملية سريعة، وذهبت، ولكنها عادت تحمل الحقن التي لم تكن سوى مسكّن.

في الأستوديو كانت فايزة تضع رأسها في (حجر) إحدى المردّدات في الكورس، وتمدّ جسدها النحيل المنهك على ثلاثة مقاعد، وتستنجد بالطبيب كي يعطيها حقنه تسكن آلامها، كي تتمكن من تسجيل أغنية “لا يا روح قلبي”. ختمت فايزة أحمد حياتها الفنية بهذه الأغنية قبل أن تغيب في التاسع عشر من شهر أيلول عام 1985 لتكون الأغنية الأخيرة في حياتها.

تزوجت فايزة عدّة مرات، وأنجبت عدّة أولاد، ولكن أشهرها كان من الملحن محمد سلطان، وكوّنت معه ثنائياً رائعاً، هي تغني وهو يلحّن لها، واستمر زواجها ما يقارب السبعة عشر عاماً، طُلّقّتْ خلالها ثلاث مرات، وعادت إليه قبل وفاتها، وقال عنها: “لم أعرف فناناً يحبّ فنه مثلما كانت فايزة تحبّه، وتخلص له، لقد كان القلق ينتابها عندما تكون على أبواب حفلة ستحييها.. لا تنام ولا تأكل ولا تشرب، وتظل في حالة استعداد دائم حتى تنتهي الحفلة”، وكانت عبارة “الله يا فايزة” التي تسمعها من الجمهور، تسعدها كثيراً.

أعتقد أنّه بهذه العبارة كان علينا أن ننهي حياة الفنانة العظيمة فايزة أحمد، لن نتكلم عن الذين كانوا يثيرون المشكلات معها، إننا نتكلم عن الذين شاركوها أحزانها وأفراحها ومجدها وانتصارها.

فيصل خرتش