الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

رفع دعم “المركزي” عن المحروقات “يشعل” لبنان.. ورفض رسمي وشعبي واسع

أثار قرار رفع الدعم عن المحروقات في لبنان، احتجاجات في أكثر من منطقة، فيما قوبل قرار حاكم المصرف المركزي برفض سياسي واسع، فقد أعلنت حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، اليوم الخميس، رفضها القرار، وطلب دياب من وزير المالية إبلاغ حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بأن قراره رفع الدعم عن الوقود مخالف للقانون الصادر عن البرلمان، ومخالف لسياسة الحكومة.

ودعا رئيس الحكومة إلى اجتماع وزاري طارئ لبحث خطورة قرار حاكم المصرف المركزي.

وفي وقت سابق اليوم الخميس، أعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون استدعى سلامة، وذلك بعد ساعات من إعلان المصرف عن قرار ينهي فعليا دعم استيراد الوقود، فيما قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بمؤتمر صحفي، إن القرار الأحادي لحاكم مصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات مخالف لقرارات الحكومة ولقانون البرلمان، واصفاً قرار مصرف لبنان بالانقلاب، وداعياً أنصار حزبه للاستعداد إلى التحرك.

وأكد رئيس التيار الوطني الحر أن سلامة هو حاكم البنك المركزي وليس حاكم الجمهورية اللبنانية، لافتاً إلى أن الأخير هو من يقرر وحيداً ​سياسة​ الدعم منذ 17 تشرين الأول، وأضاف: إن “الحاكم يشلّ البلد ويخالف قرار الحكومة بوقف الدعم التدريجي مقابل إعطاء مساعدات للناس، كما أنه يخالف قانوناً صادراً عن مجلس النواب”، وتساءل “لماذا لا تجتمع الحكومة اللبنانية لتأكيد مرجعيتها وأخذ إجراءات بحق حاكم المركزي بحال لم يتجاوب؟”.

باسيل اعتبر أن ما صدر أمس من قرار رفع الدعم بشكل فجائي وكامل “ليس أقل من تفجير البلد وهو قرار قاتل، ولن يوقف التهريب الذي لن يتوقف إلا بتشدد الأجهزة الأمنية”، مشيراً إلى أن “هناك من يسعى لنسف الجو الإيجابي بين رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الحكومة المكلف”، واعتبر أن هناك حرب اقتصادية على لبنان ومن ينفذها هو رياض سلامة، وفق قوله، مشيراً إلى ضرورة إيقاف المجزرة الجماعية في حق الشعب اللبناني. واعتبر كذلك أن “التحجج بموضوع الاحتياطي الإلزامي يجب ألا يكون استنسابياً”. وتحدّث عن أنه “كان هناك وعد بمواصلة دعم المحروقات حتى نهاية فصل الصيف، وكان مقرراً أن يتم رفع الدعم تدريجياً وصولاً إلى إقرار البطاقة التمويلية”، ودعا كذلك رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة والمجلس الأعلى للدفاع والمجلس النيابي لقول كلمتهم.

وعلى إثر القرار، الذي يرفع سعر صفيحة البنزين إلى قرابة 336 ألف ليرة لبنانية، وفق سعر صرف الدولار الحالي في لبنان، فيما لا يزال الحد الأدنى للأجور 627 ألف ليرة، شهدت عدة مناطق لبنانية احتجاجات وقطع طرق، وقالت الوكالة الوطنية للإعلام إن أصحاب الباصات قطعوا طريق المصنع- راشيا في البقاع، فيما تم قطع السير على طريق عام الشويفات وعلى اوتوستراد البداوي في طرابلس شمال لبنان، وغيرها من المناطق.

ولفت موقع “لبنان 24” إلى أن عدداً من المواطنين اضطروا إلى الذهاب سيراً على أقدامهم إلى مواقع عملهم نظرا لفقدان مادة المحروقات من الأسواق.

ومع صدور البيان الذي وصفه الكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنه “يوم الارتطام الكبير”، تصدر وسم “رفع الدعم” موقعي تويتر وفيسبوك، واعتبر الناشطون أن “الحاكم بأمره أعلن موت الجمهورية رسمياً”.

في المقابل، دافع المصرف المركزي اليوم عن قراره، وقال في بيان إنه يجب الانتقال من سياسة دعم السلع التي يستفيد منها المحتكرون إلى دعم المواطنين مباشرة. وأضاف أنه دفع 800 مليون دولار خلال تموز الماضي لدعم المحروقات، وأن المواد لا تزال رغم ذلك مفقودة، مشيرا إلى أنه أكد للحكومة مرارا عدم إمكانية المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.

وكان المصرف المركزي قال في بيان صدر الليلة الماضية إنه سيقوم ابتداء من اليوم بتأمين الاعتمادات اللازمة لاستيراد المحروقات وفق سعر صرف الدولار مقابل العملة الرسمية (الليرة) في السوق المحلية، والذي يبلغ حاليا بالسوق السوداء أكثر من 20 ألف ليرة، مقابل السعر الرسمي الذي يقارب 4 آلاف ليرة.

وذكر وزير الطاقة والمياه ريمون غجر أن حاكم “المركزي” أبلغ المجلس الأعلى للدفاع بأن المصرف لم يعد قادرا على توفير الدعم المالي لشراء المحروقات وفق السعر الرسمي لصرف الدولار.

ويعني هذا القرار أن أسعار الوقود ستزيد بشكل حاد، وهو ما من شأنه أن يفاقم الأوضاع المعيشية في هذا البلد الذي يشهد أزمات متعددة.

ووفق دراسة أعدتها شركة خاصة، فإنه في ضوء هذا القرار سيرتفع سعر صفيحة البنزين من نحو 75 ألف ليرة إلى 336 ألفاً، في وقت يبلغ الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة.

وكان “المركزي” يدعم استيراد الوقود عبر آلية يوفر بموجبها 85% من القيمة الإجمالية لكلفة الاستيراد، وفق سعر الصرف الرسمي، في حين يدفع المستوردون المبلغ المتبقي وفق سعر الصرف بالسوق السوداء.

ومنذ أسابيع، ينتظر اللبنانيون في طوابير طويلة لعدة ساعات من أجل التزود بالوقود، في وقت تسجل البلاد انقطاعات للكهرباء فترات تصل إلى 20 ساعة يوميا.

في السياق، اقتحم محتجون معمل إنتاج الطاقة الكهربائية بمنطقة الزهراني (جنوب) احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي، وقد قامت عناصر من الجيش بإخلاء المعمل من المعتصمين عند أحد مداخله.

على صعيد آخر، أرجأ البرلمان اليوم جلسة عامة كانت مخصصة للنظر في القرار الاتهامي في قضية انفجار مرفأ بيروت، ودراسة تحويل الملف إلى لجنة تحقيق برلمانية.

واتخذ قرار تأجيل الجلسة بالنظر لعدم توفر النصاب القانوني، وكانت كتل التيار الوطني الحر، والتقدمي الاشتراكي، والقوات اللبنانية، أعلنت مقاطعتها الجلسة، معتبرة أنها غير قانونية، وتعرقل طلب رفع الحصانات.

وقد تجمع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أمام المقر المؤقت لمجلس النواب في بيروت احتجاجا على عقد الجلسة العامة للنظر في القرار الاتهامي في قضية انفجار المرفأ قبل أكثر من عام، ودرس تحويل الملف إلى لجنة تحقيق برلمانية.

وكان المحقق العدلي في انفجار المرفأ قد طلب الشهر الماضي من البرلمان رفع الحصانة عن 3 نواب تولوا سابقا وزارات المالية والداخلية والأشغال، تمهيداً للادعاء عليهم في هذه القضية، كما طلب استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال وقادة أمنيين حاليين وسابقين.