دراساتصحيفة البعث

الولايات المتحدة الناشر الأكبر للفيروس السياسي

عناية ناصر

عندما ضرب فيروس كورونا الولايات المتحدة، اختار بعض السياسيين الاستسلام، وذهب معظمهم – من دون أي خلفية علمية- إلى تضخيم فرضية “حادث مختبر الصين”، رغم أن الدراسة العالمية لأصول فيروس كورونا التي أجرتها منظمة الصحة العالمية  أشارت إلى أنه تم تصنيف مسار الظهور المزعوم بأنه “غير مرجح للغاية” بعد مراجعة شاملة للبيانات والأدلة.

هذه هي ليست المرة الأولى التي تصر فيها الولايات المتحدة على السير في طريق الخداع في الوقت الخطأ، فبالعودة إلى عام 2003، قامت الولايات المتحدة بغزو العراق بذريعة كاذبة.

واليوم يتم تكميم أفواه العديد من الأمريكيين أو التحقيق معهم أو طردهم من مناصبهم لمجرد أنهم قالوا الحقيقة حول “كوفيد 19″وهي الحقيقة التي لا تحب السلطات سماعها. على سبيل المثال، دقت  الدكتورة هيلين واي تشو ناقوس الخطر بشأن الوباء في الولايات المتحدة، لكنها أُمرت بـ “التوقف والكف عن الاختبار”، كما  مُنع آدم ويت، الممرض، من دخول المركز الطبي الذي كان يعمل به بعد أن أعلن للجمهور عن مخاوف في مكان العمل بشأن احتياطات فيروس كورونا. أما الكابتن بريت كروزير العامل في حاملة الطائرات “يو إس إس ثيودور روزفلت” فقد أعفي من منصبه حين كتب إلى قادة البحرية بضرورة إجلاء معظم البحارة على متن الحاملة وحجرهم الصحي بعد أن ثبتت إصابة ثلاثة من أفراد الطاقم.  حتى الدكتور أنتوني فوسي، كبير الخبراء الطبيين في الولايات المتحدة، تعرض لانتقادات شديدة من قبل الإدارة السابقة ولا يزال يتعرض لهجمات من قبل بعض السياسيين الأمريكيين الذين يروجون لنظريات المؤامرة.

تقول وزارة الخارجية الصينية: إن الإدارة الأمريكية الجديدة تواصل بشكل عام السياسة المتطرفة والخاطئة لسابقتها تجاه الصين، ويبدو أن موقف الولايات المتحدة بشأن تتبع منشأ COVID-19 قد أثبت ذلك. وعلى الرغم من الفجوة بين الحزبين الرئيسين في أمريكا في معظم السياسات، يلتزم الديمقراطيون مع الجمهوريين بقواعد اللعبة المناهضة للصين التي أسس لها بعض الجمهوريين الداعين للتعامل “بحزم” مع الصين، بما في ذلك تضخيم نظرية التسرب في المختبر التي طرحها وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو. وبإتباع خط “افتراض الاتهام سلفاً” ، عهدت الإدارة الأمريكية الجديدة إلى مجتمع استخباراتها بالبحث عن أدلة تظهر أن الفيروس قد تم تسريبه  أو صنعه من الصين.

وذهبت الولايات المتحدة أيضاً إلى حد نشر الأكاذيب على مستويات مختلفة حول افتقار الصين إلى “الشفافية والانفتاح” من خلال اختلاق العدوى في معهد ووهان لعلم الفيروسات أو في منجم في مقاطعة يونان الجنوبية الغربية دون ذكر أسماء أو أي  تفاصيل تدعم ذلك. عندما يتم فضح المزاعم الأمريكية التي لا أساس لها من الصحة الواحدة تلو الأخرى بالحقائق، تعمل الآلة التي ترعاها الدولة بعكس الزمن لإخراج معلومات مضللة جديدة، و الهدف واضح، وهو تمجيد الولايات المتحدة من خلال تشويه سمعة الصين.

لطالما كانت الولايات المتحدة الدولة التي لديها أكثر حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس. بالإضافة إلى 35 مليون حالة مؤكدة في الداخل، سجلت البلاد أكبر عدد من الوفيات بلغ أكثر من 611 ألف حالة وفاة. ولم يكن الأمريكيون وحدهم من عانى من الاستجابة غير الملائمة من قبل حكومة الولايات المتحدة، فقد أدى عدم وجود رقابة فعالة على الحدود إلى انتشار دولي من خلال السفر عبر الحدود، فهناك 35 في المائة من الحالات الواردة إلى كوريا جاءت من الولايات المتحدة، وفقاً لتقارير في شباط من هذا العام.

لذلك، تتحمل دول الأمريكتين العبء الأكبر من انتقال العدوى بطريقة أخرى، ففي الفترة من آذار إلى أيلول الماضي، رحلت الولايات المتحدة 160 ألف مهاجر غير شرعي، كان العديد منهم يعيشون في ملاجئ رثة يمكن أن تكون فيها حالات إصابة لم يتم اكتشافها وعبروا الحدود الأمريكية دون أي اختبار أو حجر صحي. غواتيمالا، على سبيل المثال، كان ما بين 50 إلى 7 في المائة من مواطنيها المرحلين من الولايات المتحدة مصابين بـ  COVID-19.

بالنظر إلى الألغاز التي تكتنف قضية مختبر فورت ديتريك الأمريكي، ومئات الأخطاء المخبرية وانتهاكات السلامة والحوادث الوشيكة التي حدثت في المختبرات الحيوية من الساحل إلى الساحل في السنوات الأخيرة وأكثر من 200 مختبر تعمل في الخارج، تشارك الولايات المتحدة بعمق في العمليات الخفية التي تشكل المخاطر الصحية والأمنية الكبيرة.  لقد باتت الولايات المتحدة الناشر الفائق لفيروس كورونا الذي يسمم العالم بأسره، ومن منطلق المصالح الذاتية التي تحركها السياسة، أصبحت الولايات المتحدة أيضاً الموزع الفائق للفيروس السياسي، حيث تنشر وصمة العار مثل “فيروس الصين”.

علاوة على ذلك، شن بعض السياسيين الأمريكيين هجمات شخصية وتهديدات لفظية ضد بعض العلماء بشكل صريح. وعلقت بعض وسائل الإعلام بأن الممارسات المذكورة أعلاه للولايات المتحدة ترقى إلى مستوى الإرهاب. كل هذا يجعل الولايات المتحدة غير مؤهلة للحديث عن “المسؤولية” ومن إلقاء محاضرات عن حقوق الإنسان.