مجلة البعث الأسبوعية

لا تغيير في دوري كرة الظل والهموم في ازدياد.. ودوري الدرجة الأولى خطيئة بحق كرة القدم المحلية

البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار

نحو شهر ويبدأ دوري الدرجة الأولى لكرة القدم، واتحاد الكرة حدد موعد الانطلاق في 14 أيلول القادم وقد أسفرت قرعته عن مجموعات متوازنة.

الدوري سيعرف عودة الحرية العريق إلى صفوفه بعد أن فشل بإثبات وجوده بالدوري الممتاز، ولحق به فريق الساحل الذي أمضى ثلاثة مواسم في الممتاز قبل أن يخفق في البقاء بين الكبار وقد عانى الكثير في هذه المواسم من خطر الهبوط وعاش مراحل عصيبة من الاضطراب الإداري والفني والمالي.

وإضافة إلى هبوطهما الحزين إلى الدرجة الأولى فإن الفريقين سيعانيان من ضائقة مالية كبيرة من خلال لجنة شؤون اللاعبين التي فرضت على الناديين مبالغ كبيرة بتسوية مالية مع بعض اللاعبين، وهذا يضعهما في حرج مالي هذا الموسم أيضاً.

وتتوزع فرق الدرجة الأولى على طوابق متعددة حسب إمكانياتها الفنية والمالية وتضم العديد من الفرق الذي سبق لها أن دخلت باب الأضواء من أوسع أبوابه، لذلك نجد أن الطابق الأول يضم الفريقين الهابطين الحرية والساحل إضافة إلى المحافظة والمجد والعربي واليقظة والجهاد والجزيرة وهذه الفرق تبقى مرشحة دائماً للعودة إلى دوري الدرجة الممتازة.

لكن أغلب هذه الفرق تصطدم بالمعوقات المالية التي يتطلبها الدوري الكروي الممتاز فإن تأهلت عادت أدراجها كالعديد من الفرق، وإن أخفقت بالتأهل فلأمر ما، ولعل بعض هذه الأندية يحسب خط الرجعة فيفضل البقاء في الظل على نار الدرجة الممتازة، وهذا ما نلاحظه في المباريات الحاسمة على التأهل.

الطابق الثاني يضم فرقاً تحاول إثبات وجودها بين كبار هذا الدوري وأكثر أمنياتها أن تحقق بعض المفاجآت هنا وهناك مثل الكسوة والشعلة وعمال حماة وربما جرمانا ومصفاة بانياس والتضامن.

بقية الفرق في ميزان واحد وهمها البقاء في الدوري فقط، وأغلب هذه الفرق للأسف لا تملك مقومات وجودها الكروي لذلك نجد أن من يهبط إلى الدرجة الأدنى لا يعود ثانية وكأنه ارتضى بواقعه وعرف حدوده.

 

عدد فضفاض

نادي الوثبة قدم تبرعات وأجور مدرب فريق المخرم من الدرجة الأولى في مساعدة خاصة ليثنيه عن الانسحاب من دوري الدرجة الأولى لعدم وجود سيولة مالية ولعدم وجود موارد تغطي نفقات المشاركة بدوري كرة الظل.

وإذا قلنا إن أغلب أندية الدرجة الأولى تعيش بالهم نفسه والمستوى ذاته، فما الحصيلة التي نجنيها من دوري يضم 24 فريقاً أغلبها من الفقراء والمعسرين؟

هذه المسألة تحتاج إلى حل جذري، فكرة القدم ليست عددا ولا كما، بل هي برنامج وأهداف، وكرة القدم في الدرجة الأولى عندنا تشابه كرة الأحياء الشعبية.. هي للتسلية فقط.. ليس هناك أهداف ولا تملك مقومات، والدليل على ذلك أن الأندية على ما هي عليه لم يتغير وضعها بأي شيء، بل هي من سيء لأسوأ، والمنافسون على الصعود إلى الدرجة الممتازة ما زالوا على حالهم دون تغيير، يتنافسون كل موسم دون أي منافس جديد.

والطريقة التي يقام بها الدوري ليست لها علاقة بأي تطوير ولا نجد فيها أي جدوى وللحقيقة فإن هذا الدوري يقام لأنه يندرج تحت بند النشاطات ليس إلا دون النظر إلى الفائدة المرجوة منه.

وعلى سبيل المثال يقام الدوري في الموسم ثلاثة أشهر فقط وأغلب الفرق تلعب عشر مباريات ثم تستريح وستبقى كذلك إلى ما شاء الله.

ففي مفهوم كرة القدم يجب أن تلعب الفرق وسطياً في الموسم الواحد بين 40 إلى 50 مباراة لكي تتمكن من تنفيذ برنامج التطوير المفترض وليكون اللاعب جاهزاً على مدار الموسم، لكن هذا لا يحدث عندنا فدوري الدرجة الأولى موسمي فقط.

وإذا ما دققنا النظر بلاعبي هذه الفرق لوجدنا أنهم ممارسون لكرة القدم لا يرتجى منهم التطوير والفائدة وهم يلعبون كرة القدم حباً بها وقد يحصلون على بعض القروش من خلال ذلك وقد لا يحصلون.

هنالك الكثير من الكلام عن هذا الدوري وربما تكلمنا به كثيراً مع كل موسم ولكن للأسف لم يلق كلامنا آذاناً مصغية لذلك أطلقنا على هذا الدوري لقب دوري كرة الظل، لأنه بعيد عن الاهتمام والرعاية.

والمفترض أن يكون دوري كرة الظل رديفاً بكل شيء للدوري الممتاز وخصوصاً بنوعية اللاعبين وبإعدادهم وتأهيلهم وتصديرهم على الأقل لأندية الدرجة الممتازة ولكن ما نجده على العكس تماماً فإن كل لاعب تنتهي مدته في الدرجة الممتازة يذهب إلى الدرجة الأولى لينهي حياته الرياضية هناك.

ومن الممكن أن يكون في هذا الدوري بعض لاعبي الخبرة، لكن من غير المنطق أن نجد بعض الفرق تلم لاعبيها من هؤلاء المعتزلين أو القريبين من سن الاعتزال ومن دوري الأحياء الشعبية!.

حلول نوعية

لا بد من البحث عن الحلول للارتقاء بالدوري، وهذه الحلول يجب أن تؤمن بتقليص العدد أولاً وإقامة دوري كامل من مجموعة واحدة أسوة بدوري الشباب على الأقل، فهذا العدد الفضفاض لا يفيد، بل هو مضر بالكرة السورية ومضر بالأندية، ووجود عدد محدود لا يتجاوز العشرة أندية أو الاثني عشر نادياً على الأكثر هو الأصلح لهذا الدوري ولكرتنا بشكل عام.

بالنسبة للاعبين، هناك كل موسم مجموعة من اللاعبين تودع دوري الشباب بسبب تجاوزها العمر المحدد في سن الشباب، وقد لا يجد الكثير منهم مكاناً في ناديه أو في الدوري الممتاز، فالمكان الأصلح لهؤلاء اللاعبين هو دوري الدرجة الأولى على أن يجدوا فيه التطوير والصقل والتأهيل لا أن يكون هذا الدوري مقبرة لهم.

في هذا الاقتراح نحافظ على جيل كامل من اللاعبين يضيع سنوياً، وخصوصاً أن كرتنا وصلت إلى مرحلة الترهل وبات لاعبونا الشباب قلائل والموهوبون أقل، وكما يحدث في كل موسم نجد أن اللاعبين أنفسهم يدورون في فلك الدوري الممتاز إن لم يكن مع هذا النادي فهم مع ذاك، ونسأل هنا أين الأسماء الجديدة؟ أين المواهب والخامات؟

لذلك لا بد من التحرك في هذا الاتجاه وبشكل سريع حتى لا نفقد لاعبينا بعد سنوات وقد داهمهم الاعتزال وباتوا غير صالحين لكرة القدم.

 

الملاعب الغائبة

موضوع الملاعب هو موضوع شائك ومعقد، ونحن نلمس هنا مدى سوء الاهتمام بهذا الدوري من ناحية الملاعب التي تقام عليه المباريات، فأغلب الملاعب التي تقام عليه ملاعب الدوري إما ملاعب صناعية أو غير قانونية أو غير صالحة للمباريات، وهذا يشير بما لا يدع للشك على ضعف الاهتمام بهذا الدوري والتعامل معه باللامبالاة، أحد مراقبي الدوري فضل عدم ذكر اسمه أكد ل” البعث الأسبوعية” أن المكان يعكس مدى الاهتمام، مضيفاً: أن همّ اتحاد كرة القدم أن تنفذ المسابقة فقط على أي شكل أو لون، على أن الأمور الأخرى أشد إيلاماً فما يحدث في هذا الدوري لا يعرف به اتحاد كرة القدم إلا ما ندر لأن البعيد عن العين بعيد عن القلب.

وكم من تجاوزات وخروق حدثت في المباريات انتهت بشكل ودي دون أن يعلم بها اتحاد كرة القدم عن طريق تبويس الشوارب ويا دار ما دخلك شر!

وأكثر ما يعنيه اتحاد كرة القدم أن تدفع الفرق ما عليها من التزامات مالية وأجور المباراة للحكام والمراقبين فقط.

 

وسط الأسبوع

الشكوى المهمة التي تعاني منها فرق الدرجة الأولى أن مبارياتها تقام وسط الأسبوع أيام الثلاثاء والأربعاء وأحياناً الاثنين، وهذا يسبب لها ظلماً واضحاً لأنه يسبب إرباكاً للاعبين الطلاب أو الملتزمين بالوظائف والأعمال، وكذلك لجمهور هذه الأندية التي تحب فرقها باعتبار أن هذه الأندية تمثل محافظات ليس لها فرق بالدرجة الممتازة ومدن لها جمهورها ومحبوها.

وهذه النقطة مهمة جداً لوجود فرق تمثل محافظاتها التي لا تملك فرقاً في الدرجة الممتازة كالسويداء والقنيطرة ودرعا وطرطوس ومدن ريف دمشق الكبيرة، فالكسوة له ملعبه ومثله النبك، والمحافظة يملك ملعباً جيداً، لذلك ما المانع أن تقام المباريات أيام الجمعة والسبت حرصاً على حضور جماهيري يدعم هذه الفرق مادياً ومعنوياً، وقيل لنا: أن المشكلة يكمن بقلة عدد الحكام وهذا ما يجعل دوري الدرجة الأولى وسط الأسبوع وكذلك الضغط على الملاعب، ونعتقد أن هذه الحجة غير مقنعة لأننا منذ سنوات كنا نستمتع بدوري كرة الظل وهو يقام يوم الجمعة بوجود الدوري الأول، والعملية بحاجة إلى شيء من التنظيم والتنسيق، ولكن في هذه الحالة سيخسر الحكام المدعومون وكذلك المراقبون فرصهم بأداء أربع مباريات في الأسبوع الواحد إن تمت إقامة النشاط الرياضي في يومي العطلة، وهذه من الملاحظات السلبية على اتحاد كرة القدم في تعامله مع النشاطات الرسمية.

 

ملاحظة أخيرة

دوري الدرجة الأولى بشكله الحالي هو خطيئة بحق كرة القدم السورية ويتحمل ذلك اتحاد اللعبة، والمسألة لا تقف عند حدود هذا الدوري فمثله من النشاطات الأخرى كثير وتشبهه بالشكل واللون والرائحة، وبمثل هذه اللامبالاة بالتعامل مع النشاطات الرسمية فلن تقوم لكرتنا قائمة.

وعلينا أن نتذكر كلام المعلول المدرب التونسي الذي قال: إن الدوري السوري ضعيف، وأكد هذا الكلام المدرب الوطني نزار محروس، وهذا مؤشر خطير من مدربين مختلفين واحد عربي والآخر وطني، والأسباب في ذلك كثيرة منها عدم الاهتمام بمقومات كرة القدم من ملاعب وتجهيزات ومواعيد وخطط وإستراتيجية، ولأننا في كرة الدرجة الأولى فإننا نؤكد أن هذا الدوري أحد أسباب ضعف كرتنا وضعف دوري الدرجة الممتازة بآن واحد، لأنه من المفترض أن يكون رديفاً لدوري الممتازة ومنتجاً للاعبين ومطوراً للحكام والمراقبين والمدربين وغيرهم من كوادر اللعبة، ولكن للأسف نجد أن الدوري عبارة عن مسابقة لا تحظى بأي هدف وليس لها غاية أو إستراتيجية، لذلك ستبقى كرتنا عالقة في ذهنية التخلف مدى بعيداً حتى يأتي من يخرجها من هذه الثقافة الكروية البالية.