دراساتصحيفة البعث

انهيار كارثي

تقرير إخباري

سارت الأحداث على الأرض في أفغانستان بشكل أسرع مما توقعه أي شخص، فالتطورات التي اعتقد الخبراء أنها قد تستغرق أسابيع أو شهوراً حدثت في أيام، وعادت البلاد إلى قبضة طالبان.

لماذا انهار الجيش الأفغاني أمام طالبان في غضون أسابيع رغم الإنفاق الضخم على تدريبه؟ الرواية هي أن هناك جيشين أحدهما ضعيف التجهيز ولكن لديه دوافع “إيديولوجية” عالية، والآخر مجهز بشكل جيد من الناحية الشكلية ولكنه يعتمد على دعم الناتو وقيادته سيئة وينخرها الفساد.

لقد حذّرت هيئة مراقبة الإنفاق على المساعدات الأمريكية في أفغانستان الشهر الماضي من أنه ليس لدى الجيش الأمريكي وسائل كافية لمعرفة قدرة قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية عند الحاجة للعمل بشكل مستقل عن القوات الأمريكية. وحذرت مراراً وتكراراً من الآثار المدمّرة للفساد داخل القوات الأفغانية التي لم تتمكن من الحفاظ على قوتها واستعدادها القتالي. كان الجيش الأمريكي منذ عام 2005 يسعى لتقييم جاهزية القوات التي كانوا يدربونها للمعركة، ولكن بحلول عام 2010 أقرّ بأن إجراءات المراقبة والتقييم الخاصة به فشلت في قياس جوانب غير ملموسة مثل القدرة على القيادة ومستوى الفساد.

أنفقت الإدارة الأمريكية 88.3 مليار دولار أمريكي على جهود إعادة الإعمار ذات صلة بالأمن في أفغانستان حتى آذار 2021 وبالرغم من ذلك أثبتت القوات الأفغانية أنها لا تضاهي طالبان. لدى طالبان 80 ألفاً من المقاتلين مقارنة بـ 300 ألف و699 جندياً بالاسم يخدمون الحكومة الأفغانية، ومع ذلك فقد تمّ اجتياح البلاد بأكملها فعلياً في غضون أسابيع، بينما استسلم القادة العسكريون دون قتال في غضون ساعات.

يمكن أن يُعزى انهيار السلطات الأفغانية والجيش إلى القرار الكارثي للولايات المتحدة بسحب قواتها بحلول الذكرى الـ 20 لهجمات 11 أيلول الشهر المقبل واعتقاد إدارة بايدن أنه من الآمن ترك القوات الأفغانية بمفردها بعد عقود من الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على أشياء أساسية، بما في ذلك الغطاء الجوي ومساعدات لوجستية ودعم التدريب.

بالإضافة إلى الخوف الذي كان عاملاً إضافياً، ومع تحول الزخم لمصلحة طالبان، وهو ما عزّزته وسائل التواصل الاجتماعي لطالبان، أصبحت سرعة الأحداث مدفوعة بالخوف من الانتقام وتسوية الحسابات الشخصية تحت غطاء الاستيلاء ولاسيما في مدينة كبيرة مثل كابول. وهناك مشكلة أخرى تتمثل في مواجهة الحكومة المركزية لأزمة مالية حادة نجمت عن فقدان الإيرادات الجمركية وتراجع تدفقات المساعدات.

لقد دفع التقدم الساحق لطالبان الأمريكيين من أصول أفغانية والجنرالات السابقين وكبار رجال الدولة إلى إلقاء اللوم على الرئيس جو بايدن بسبب الانسحاب المتسرع للولايات المتحدة الذي اعتبروه نسفاً لـ20 عاماً من العمل ومهّد الطريق لكارثة إنسانية، وأثار التساؤلات حول مصداقية الولايات المتحدة.

هناء شروف