دراساتصحيفة البعث

تونس الصامدة في وجه الإرهابيين

ريا خوري

 

إنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الرئيس التونسي قيس سعيّد أنه مستهدف من قبل جماعات إرهابية، وتحديداً من أطراف إخوانية متطرفة، كانت العملية هذه المرة واضحة ومباشرة لا لُبس فيها، فقد جاءت بعد أن كرّر الرئيس سعيّد مرات عدة أن الخطوة التي اتخذها هي تصحيحية لا رجعة عنها، ولا عودة لمنظومة ما قبل 25 حزيران، هذا الموقف الصارم والقوي وقع على الأحزاب الفاشلة والأطراف الإرهابية المتطرفة كالصاعقة، وفي مقدمتها حركة “النهضة الإخوانية”، ومن يدور في فلكها من متطرفين وإرهابيين.

هذه الفئة المنحرفة والمتطرفة لها تاريخ أسود مع المخططات الدموية، فقد سعت تلك القوى عام 1973 إلى اغتيال الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، كما أن التاريخ الإرهابي لهذه الجماعة يؤكد أن تلك القوى قامت على مدى أعوام طويلة بعمليات إرهابية دموية، ففي عام 1991  تم إحباط محاولة لاغتيال الرئيس السابق زين العابدين بن علي بإسقاط طائرته الرئاسية لدى مغادرته تونس في زيارة خارجية، وبعد عام 2011 كانت هذه الفئة المتطرفة مستعدة لفعل أي شيء من أجل أن تحافظ على مكاسب حققتها بالتزوير والسرقة والنفاق، أو حتى بالاعتداء وسفك الدماء، مثلما حدث عام 2013 عندما كانت حركة “النهضة” في السلطة، وتم اغتيال العديد من السياسيين المعارضين لها، ومنهم شكري بلعيد السياسي والمحامي والعضو السابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، ومحمد البرهمي وهو سياسي تونسي وعضو في المجلس التأسيسي عن حزب التيار الشعبي، والمنسّق العام للحزب، والأمين السابق لحزب حركة الشعب وينتمي للتيار الناصري.

وبالعودة إلى ما سبق يوم  25 حزيران الماضي، فإن تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد، بما فيها حديثه عن مخطط اغتياله، تُمهد لإجراءات أشد صرامة وقوة ضد منظومة الفساد والتطرف، فقد قال سعيّد: “لدينا مرة أخرى صواريخ  جاهزة على منصات إطلاقها، وتكفي إشارة واحدة لتضربهم في أعماقهم”، وكلمة “صاروخ” التي استخدمها الرئيس التونسي تعبير مجازي تماماً يشير إلى أنه يستحوذ على معلومات هامة وملفات خطيرة حساسة، وهذه الملفات وتلك المعلومات ستقلب المعايير رأساً على عقب على من خدعوا الشعب العربي التونسي لعشر سنوات، كما أن هذا التعبير يؤكد أن الرئيس التونسي مصمم على المضي قدماً في تحقيق خطواته المستقبلية المنتظرة، ومنها تعيين رئيس جديد للوزراء، والعمل على تغيير النظام الدستوري، وسن قوانين جديدة للانتخابات، وقوانين جديدة للأحزاب حتى تخرج البلاد من هذا المستنقع إلى فضاء أوسع وأرحب سياسياً واجتماعياً واقتصادياً يأتي بالإنجازات الهامة والضرورية، ويسمح بتدارك ما ضاع في سنوات التيه خلف أوهام الأيديولوجيات الفارغة والمفلسة، والمشاريع الإخوانية المتطرفة التي بقيت تعتبر تونس جزءاً هاماً من مخطط عابر للمنطقة، وليست وطناً له سيادته وطموحه وخصوصيته.