دراساتصحيفة البعث

تقرير يفضح “ثقافة المحارب” الأسترالي في أفغانستان

الدراسات

قدّم قائد قوة الدفاع الأسترالية (ADF) أنغوس كامبل الاعتذار في أعقاب تقرير جرائم الحرب التي نفّذها الجنود الأستراليون في أفغانستان. يشمل التقرير معلومات بأن القوات الخاصة الأسترالية نفّذت آلاف جرائم القتل، بما في ذلك الحوادث التي أُجبر عليها  الجنود المبتدئون والتي شملت إطلاق النار على المدنيين. يقول كامبل في اعتذاره: “إن جميع عمليات القتل ارتُكبت عن قصد، وليست في حالة قتالية، وكان يتمّ تجهيز مسرح الجريمة وقتل الضحايا بأبشع الطرق، وتمّ التكتّم على تصرفات هؤلاء الجنود لسنوات بسبب “ثقافة السرية” في الجيش. بالنسبة لسكان أفغانستان، نيابة عن قوة الدفاع الأسترالية، أعتذر عن أية مخالفة من قبل الجنود الأستراليين التي تسبّبت بتدمير حياة الأسر والمجتمعات الأفغانية.. أنا آسف بصدق عن أية مخالفات من قبل أعضاء قوة الدفاع الأسترالية”.

أسرار الحرب؟

يجد التقرير أن بعض قادة فوج الخدمة الجوية الخاصة في أستراليا عزّز مصطلحات مثل “ثقافة المحارب” التي تركز على الذات. ويلاحظ التقرير أن هذه الثقافة المشوّهة تمّ احتضانها وتضخيمها من قبل بعض الضباط المؤثرين. ثم يروي التقرير حكايات مرعبة حدثت هناك وتمّ الكشف عنها بسبب تحقيقات سرية عن هذه الجرائم التي حدثت منذ العام 2001.

يقول التقرير: خلال سنوات احتلال أفغانستان ووجود قوات من أستراليا وأوروبا وأمريكا، كان المطلوب من أي جندي جديد يصل إلى معسكره في أفغانستان أن ينفّذ طقساً اسمه “بلودينغ Blooding” كنوع من أنواع استعراض القوة وإظهار الشجاعة أمام زملائه، وهذا الطقس كان يلزم الجندي الجديد باختيار شخص أفغاني مدني أعزل ويقتله بنفسه. كان كل جندي يتـفـنّن في طريقة القتل، فمنهم من يضرب الضحية بالرصاص ومنهم من يختار الذبح، ومنهم جنود يختارون أن يحرقوا ضحاياهم ويتلذذون بتعذيبهم، وهناك طرق أخرى بشعة جداً، لكن الأشد إيلاماً أن بعض الجنود اختاروا قتل عائلات أفغانية كاملة لإظهار مدى قوتهم وشجاعتهم بين زملائهم.

لقد تمّ الكشف عن هذه الجرائم عندما قرّر أحد أفراد الجيش الأسترالي واسمه ديفـيد أن يقول الحقيقة، ويروي هذه الجرائم التي ارتُكـبت بحق شعب أعزل منذ 20 عاماً. ومن ضمن ما رواه قصة جندية أسترالية قتلت وحدها 39 شخصاً أفغانياً أعزل كي تظهر بأنها أشجع وأقوى من زملائها الرجال.

والمفاجأة أن هذه المذابح كانت تـتمّ بمساعدة أفغان خونة وعملاء كانوا يساعدون جنود الاحتلال، فكانوا يصطادون لهم الضحايا، كما كانوا -بعد عمليات التعذيب والقتل- يقومون بإخفاء الجثث ويتخلصون منها، حسب التقرير.

وبعد انكشاف هذه الفضيحة، أعلنت أستراليا عن إنشاء وكالة تحقيق لبدء قضايا جنائية ضد “الكوماندوز” الأسترالي المشتبه في ارتكابه جرائم حرب في أفغانستان، واستمر التحقيق مع عدد من جنود القوات الجوية الخاصة ووحدات “الكوماندوز” في أفغانستان، حيث ذكر التقرير أن 25 جندياً أسترالياً من فوج الطيران الخاص قتلوا عمداً 39 أفغانياً أعزل في 23 حادثة منفصلة، ولا شك أنه عدد قليل جداً بالنسبة لعشرات الآلاف من الأفغان العزل الذين قتلوا في هذه الطقوس!.

ويشير التقرير إلى أن المحامي العسكري ديفيد ماكبرايد قام في العام 2019 بتسليم جزء من الوثائق المتعلقة بالجرائم التي ارتكبها الجنود الأستراليون في أفغانستان، بما في ذلك قتل مدنيين وأطفال ورضع إلى قناة  “ABC”، ولا شك أن ما في هذه الوثائق يعتبر أكثر وحشية وبشاعة من أي فيلم رعب، لما فيها من تفاصيل مخيفة.

جرائم حرب

التقرير الذي أعدّه المفتش العام لقوات الدفاع الأسترالية بول بريريتون بعد تحقيق استمر أربع سنوات، يصف أن “ثقافة المحارب” التي تبناها بعض أفراد القوة الأسترالية ترقى إلى جرائم الحرب. وتقول روان عراف، مديرة المركز الأسترالي للعدالة الدولية، وهي مجموعة مناصرة قانونية غير ربحية تتابع عن كثب عمل المحقق الخاص: “كشف تحقيق أفغانستان عن وجود مشكلات خطيرة في تحقيقات الجيش”.

بدورها عيّنت الحكومة مارك واينبرغ كمحقق خاص لفحص نتائج تقرير التحقيق، لكن واينبرغ رفض التعليق على التقرير. وقال مكتبه في بيان إنه سيعالج المسائل الجنائية المحتملة التي أثيرت في تقرير تحقيق أفغانستان، وسيعمل مع الشرطة الأسترالية للتحقيق في أي مزاعم جديدة بارتكاب جرائم جنائية بموجب القانون الأسترالي من قبل أفراد من قوة الدفاع الأسترالية في أفغانستان منذ عام 2005 إلى عام 2016.

ويخلصُ التقرير إلى أن تحقيق أستراليا قد يكون نموذجاً للدول الأخرى التي حاربت في أفغانستان، وفقاً للمحقق الدولي السابق في جرائم الحرب غراهام بليويت الذي قال: “إن قيام أستراليا بهذا هو مثال رائع. لكن إذا أفسدنا الأمر، فما هي الإشارة التي ترسلها؟ إنها ستقود إلى الإفلات من العقاب!”.