اقتصادصحيفة البعث

التجاري السوري يؤكد فعالية “ضمانة الغير” وبرفع قيم القروض ويوافق على التبديل والتغيير

دمشق – فاتن شنان

“ضمانة الغير” مصطلح تم إدراجه مؤخراً ضمن الشروط والأنظمة اللازمة لمنح التمويل من المصارف العامة، وجرى تصنفيه ضمن التسهيلات والمرونة الموجهة لمن لا يملك ضمانة عقارية، فله أن يبحث عمن يقبل بهذه الصيغة التشاركية لتنفيذ مشروعه، وذلك على اعتبار أن البعض يمتلك أفكاراً لمشاريع قابلة للتطبيق على أرض الواقع وقد تكون مشاريع نوعية ولها وزن في تنمية البيئة الاستثمارية المحلية، والبعض الآخر يملك المال إلا أنه غير كاف لإنجازه، وبالتالي المصارف هي وجهة هؤلاء الوحيدة.

مقعدة ضمنياً

مبدئياً وبحسب ما رشح عن صدى إدراج هذا الإجراء ضمن الشروط لدى فئة الراغبين بالتعامل مع البنوك ومدى مساهمته في تسهيل شروط التمويل، فإن المصارف لم تأت بجديد من حيث الجوهر ولن تحدث تغييراً مختلفاً عما سبق، وذلك لأن التمويل سيذهب حكماً لمالكي الأموال أو الضمانات فقط، وبإدراجها هذا البند تجسد مقولة  “مقسوم لا تأكل وصحيح لا تقسم وكل لتشبع”، أي لا تمويل بدون “ضمانات”، بل ضمانات عقارية كافية تفوق قيمة القرض الممنوح بضعفين كحد أعلى، فعلى الرغم من توافر السيولة وضخامتها وحاجتهم الملحة للاستثمار، إلا أن الترويج للقروض ضمن تلك التسهيلات المرنة ظاهرياً المعقدة ضمنياً تبقيهم في إطار استثماري ضيق محصور، ولكن المصرف التجاري السوري وعلى لسان مديره الدكتور علي يوسف بين أن واقع الأمر مختلف لما تم طرحه، إذ بين أن المصرف مرن تجاه الضمانات المقدمة، بل ساهم هذا الإجراء برفع نسب القروض دون الكشف عن رقم كونه يتطلب إحصائية دقيقة تحتاج إلى وقت، بالتوازي مع قبول المصرف لطلب تغيير الضمانة المقدمة في القرض، إذ يمكن للمقترض في حال توافر ضمانة أخرى أن يقدمها بدلاً عن المعتمدة في القرض، شريطة أن تغطي قيمة القرض، كما لفت إلى مسألة تغير قيمة الضمانات العقارية مع مرور الوقت ونتيجة لارتفاع الأسعار والذي يقابله في المقلب الآخر تناقص بقيمة القرض جراء التسديد، ليكون متاح أمام المقترض تخمين ضمانة أخرى بقيمة ماتبقى من قرضه واعتمادها بدلاً من الأساسية، ويمكن اعتبار الأمر ضمن التسهيلات، مع تشدده أن حرص المصرف على وجود ضمانات تحد من المخاطر وتضمن حقه في حفظ الأموال المستثمرة، وليست هدف أساسي للمصرف للتصرف بها، علماً أنه أكد على عدم توجه المصرف لتسييل الضمانة مباشرة بعد التعثر، إنما تسبقها فترة زمنية يليها إجراءات قانونية تمنح المتعثر مزيداً من الوقت لمعالجة وضعه، وغالباً ما يتم معالجة المسألة بإعطاء مزايا على خلاف المصارف الخاصة الخاضعة لرأي مجلس إدارتها، أما المتعثرين لدى المصارف العامة يتم معالجتها وفقاً للقانون 26 لعام … الذي يتيح للمتعثر إجراء تسوية ومنها جدولة ديونه وقد يحظى بالإعفاءات أخرى.

ربط التمويل بالإنتاج

وشدد يوسف على أن الغاية من الإقراض ليست الضمانة إنما ربط التمويل بنشاط تجاري أو إنتاجي، فالكثير من الراغبين بالإقراض يفتقدون لبوصلة الاستثمار، فعندما يتم التشديد بمنح القروض بموجب الضمانة يلزم المقترض بنشاط فعلي، لافتاً إلى أن تضخم محفظة القروض في المصارف الخاصة خلال الفترة السابقة وأثرها المباشر على التضخم وسعر الصرف جاء نتيجة عدم التشدد في ربط المسار بإنتاج حقيقي، بالإضافة إلى غياب تتبع ومراقبة لتوظيف الأموال، فالعلاقة عكسية بين الشروط الائتمانية وقيمة القروض، فالتشدد بتلك الشروط يخفض قيمة القروض، الأمر الذي استدعى البحث عن حلول مرنة ملائمة تحقق معادلة جودة عالية للقروض لجهة التوظيف توازي جودة النشاط الممول إلى جانب جودة الضمانة، فملف القروض المتعثرة أنتج العديد من المشاكل ولدى دراستها تبين أن تنبع من عدم كفاية الضمانات وفي الكثير منها غير مقبول.

فقدان الثقة عقبة

ومع طرحها السلل الائتمانية المتنوعة وفتح سقوف التمويل لتصل إلى أعلى مستوى مقبول، تبقى العقبة الحقيقية أمام أصحاب المشاريع الحديثة والأفكار الرائدة من فئة الشباب الطامح هي التمويل يليها قضايا أخرى تتعلق بالترويج والتسويق، ولكن لا يمكن إغفال ما أكده معظم من التقيناهم ولاسيما لجهة ما نتج عن تشوهات الحرب وتغير معاني ومفردات التعاون والتكافل الأسري والمجتمعي والتي أفقدت الثقة بين المواطنين وأوجدت تخوفاً ملحوظاً تجاه التشاركية، لاسيما في ظل ظروف قاسية كتدني مستوى المعيشة وأسباب أخرى تتعلق بالهجرة والسفر غير الشرعي ..الخ.

فمن الصعوبة البالغة وجود من يقبل بكفالة زميله في العمل بقرض لذوي الدخل المحدود لتخوف ما -ولاشك أنه “تخوف مشروع”- من تحمل المسؤولية تتوجب من خلالها التسديد المالي بدلاً من المقترض،  فكيف سيكون الوضع بتقديم ضمانة عقارية قيمتها المالية تفوق قيمة القرض الممنوح بنسبة 200% ومن ثم رهنها لمدة قد تقارب العشر سنوات يحرم من خلالها مالك الضمانة التصرف بها أو بيعها ريثما يتم تسديد كامل المبلغ، وهنا يؤكد يوسف أنه لا يمكن بيع الضمانة إلا أنه يوافق المصرف على تغيير مواصفات الضمانة العقارية كالبناء عليها أو تغيير ببعض مواصفاتها، ولا يطالب المصرف بأن تبقى الضمانة مجمدة لحين انتهاء القرض بالتوازي مع إمكانية تغييرها فيما بعد، الأمر الذي يدحض التخوف الحاصل من إبقاء الضمانة دون جدوى أو الاستفادة منها، وإن وجد المواطن من يقبل المشاركة لابد أن يشارك المقترض بماله وبالتالي نعود للمربع الأول، إذ ستبقى السيولة المتوفرة أو الحاصل عليها المقترض غير كافية لإقامة مشروعه، سيما وأن التمويل في تلك الحالة لايزيد عن 60% في مجمل القروض للموجهة للمشاريع الاستثمارية.. ليبقى السؤال: هل تدرس قراراتهم واقتراحاتهم ويرصد أثرها على أرض الواقع قبل وصفه بالمرونة والتسهيل، وهنا ساق يوسف مثالاً يؤكد نجاح المصرف بتنشيط البيئة الاستثمارية وفق قوانينهم المعتمدة بأن أول مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية بالطاقة الشمسية في محافظ حماه كانت بتمويل من المصرف التجاري.