اقتصادصحيفة البعث

تسعيرة القطن.. بين مدافع ومهاجم والحكم لقبان مؤسسة الحلج

دمشق – بشار محي الدين المحمد 

بعد تحديد تسعيرة القطن بموجب توصية اللجنة الاقتصادية بسعر 2500 ليرة للكيلو، وكما جرت العادة مع اقتراب موعد زراعة أو قطاف أي موسم استراتيجي، اعتدنا على كثرة التصريحات المطمئنة من الجهات المعنية، وتعالي الصيحات من الفلاحين مطالبة بالسعر المجزي الذي يعود عليهم بهامش ربح بعد التزايد المستمر واللامتناهي لتكاليف الإنتاج. فالسعر الذي تمّ تحديده من قبل اللجنة الاقتصادية مدروس بدقة ومناسب جداً ويضمن كل التشجيع لزراعة المادة، ومتقارب مع السعر العالمي للمادة، وإن تمّ رفعه أكثر، فهذا يعني أنه سيصبح أعلى من السعر العالمي للمادة.

وبيّن مدير المؤسّسة العامة لحلج وتسويق الأقطان‏ زاهر العتال في تصريح لـ”البعث” أنه عندما تمّ فرض السعر الأعلى، فهذا يؤكد الرغبة الحقيقية في منع التهريب، وتسويق المحصول كاملاً لمحالج المؤسّسة للاستفادة منه ضمن منشآتنا الصناعية العامة والخاصة، ويرى العتال أن هناك ارتياحاً كبيراً وملموساً لدى الفلاحين تجاه السعر في كافة المحافظات، كونه يعود عليهم بنسبة ربح 100%، مستثنياً من ذلك فلاحي منطقة الغاب التي تعاني -وفقاً للعتال- وضعاً مختلفاً بسبب ضآلة المساحة المزروعة، مما يؤدي لعدم تحقيق الإنتاجية والربحية خلال زراعة المحصول، مبدياً أمله في أن تعود هذه الزراعة لألقها السابق بعد معالجة كافة معوقاتها.

بالمقابل فإن رفع تسعيرة كيلو القطن إلى 2500 ليرة عملية لها انعكاساتها الكبيرة على المخرجات الصناعية للمادة، حيث ستؤدي لرفع سعر القطن المحلوج والمحبوك وكافة أنواع الغزول، والمنتجات النهائية من ألبسة جاهزة وخيوط، والبذور والأعلاف، وهذا كلّه سيضاف إلى الغلاء الحاصل في سعر الفيول، وارتفاع تكاليف معظم حوامل الطاقة نتيجة الظروف التي يعانيها القطاع الصناعي عموماً.

وذهب معاون المدير العام للمؤسّسة العامة للصناعات النسيجية نزار عبود إلى أنه وعلى الرغم مما ذكر آنفاً فقد تمّ التوجّه لتبني رفع السعر دعماً للمحصول والفلاح، ولضمان استمرار دوران عجلة الإنتاج بكافة حلقاتها، مؤكداً أن التسعيرة مناسبة جداً، خاصة وأنها متقاربة مع الأسعار العالمية لموسم العام 2022.

ومن جهة أخرى يرى الدكتور بسام إبراهيم السيد عضو لجنة تطوير واقع سهل الغاب زراعياً واقتصادياً واجتماعياً أن السعر المحدّد قليل جداً وقاصر عن تغطية تكاليف الإنتاج من مستلزمات الإنتاج والري والقطاف فهي كبيرة جداً، وقد اقترحت لجنة تطوير الغاب أن يكون السعر 3500 ليرة على الأقل، وإلا سيؤثر ذلك على كميات القطن التي ستُباع للمؤسسة، وستتراجع زراعته في الأعوام المقبلة.

وبيّن السيد أن الفلاح في ظل هذا السعر لن يربح إلا في حال تمّ تأمين المازوت بالسعر المدعوم، وعمل أسرته معه دون الاستعانة بأية عمال لكافة أعمال العزق، والتفريد، وجني المحصول، وبالنهاية سيكون المردود عبارة عن أجور عمل للفلاح وعائلته فقط، وحذّر السيد من أن ميليشا قسد التي كانت قد حدّدت سعر شراء القطن بمبلغ 1950 ليرة ستعرقل عملية بيع المحصول للمؤسسة، وتضارب على السعر الرسمي كعادتها، وتستجر المحصول لمصلحتها لتقوم بتهريبه كما فعلت سابقاً، وهذا الأمر أيضاً له منعكساته على هذا المحصول الاستراتيجي الذي يجب دعمه دون أي تقصير كونه يستفاد منه في الحلج والصناعات النسيجية بنسبة لا تقلّ عن 30%، وأيضاً في الصناعات الغذائية كالزيوت، حيث يعتبر زيت القطن من الزيوت المفيدة مقارنة بالزيوت النباتية التي نستوردها وتستنزف القطع الأجنبي لأنه لا يفقد خواصه الغذائية عند التكرير، أو يتغيّر طعمه عند الاستخدام على خلاف الزيوت الأخرى، كما أنه غير مشبع بالدهون، ويقلّل من مشكلات الشحوم والكوليسترول في الجسم، ويحتوي فيتامين ياء، ومضادات أكسدة، ويسمح بإطالة أمد وحفظ أية مادة غذائية يضاف إليها، وغياب هذه المادة وإن حضر بديلها سيعني العديد من الخسائر وفوات المنفعة.