تحقيقاتصحيفة البعث

إشغالات أرصفة وسيارات وفوضى مرورية.. ومجالس المدن تتعامى!

تشهدُ مدينة طرطوس وحاراتها وشوارعها وبعض مناطقها المكتظة في صافيتا وبانياس والدريكيش إشغالات واضحة ولافتة لشوارعها وأرصفتها الرئيسية التي تعدّ ملكاً عاماً، من قبل تجار جشعين ورقابة تغطي مخالفاتهم، حيث يحجز أصحاب المحال الرصيف المقابل لهم، “وبكل عنجهية” يقومون بعرض بضاعتهم بشكل فوضوي، ويضع كل تاجر كرسيه وطاولته وربما كرسي جاره أو من يدعوه لكأس “المتة” الصباحية دون اكتراث بالمارة ولا للفوضى المرورية التي يتسبّبون بها، حتى أصحاب السيارات لا يجدون مكاناً لركن سياراتهم، ليبدأ الجدل بين أصحاب السيارات والتّجار، ناهيك عن انتشار البسطات التي تحتل الأرصفة وزوايا الطرقات بشكل غير منظم ومخالف!

وأمام هذه الظاهرة تتعامى الوحدات الإدارية عن ملاحقة المخالفات، رغم وجود مكتب فني في كل وحدة إدارية لضبط المخالفات والتعديات على الأملاك العامة “بالاسم فقط” دون أي تحرك يُذكر على الأرض، فالكثير من الرسوم لا تُجبى، ما يؤدي لفوات منفعة لخزائن المجالس المحلية وإضرار بمصالح المواطنين!.

الأرصفة للبضاعة!

ظاهرة إشغال الأرصفة وحجز الشوارع ليست جديدة في محافظة طرطوس، لكنها تزداد انتشاراً في ظلّ التراخي في ضبطها وقمعها ومعالجتها، وتتركز معاناة العرقلة المرورية في مدينة طرطوس في شوارع الثورة وسوق المشبكة العليا والمشبكة ودوار الساعة لدرجة تؤرق يومياتهم، وفي صافيتا التي تعاني أساساً من ضيق شوارعها ذات الاتجاه الواحد، فتجد السيارات مركونة من ساحة الدريكيش شرقاً وصولاً للسرايا غرباً، والتسبّب بعرقلة مرورية كبيرة وإجبار المشاة على استخدام الشوارع بدل الأرصفة معرضين أنفسهم لكثير من المخاطر.

والدريكيش ليست بأفضل حال، فسوقها الرئيسية الممتدة من ساحة الشيخ منصور وحتى جامع الدريكيش تكتظ بالمارة والسيارات العابرة، ذهاباً وإياباً، رغم ضيق الشارع الذي تستحوذه البسطات وبضاعة التّجار. ويبرّر أصحاب المحال منع ركون السيارات أمام محالهم كونها تحجب مداخل المحال، وتشكل حاجزاً أمام المواطنين من الدخول إليها ومشاهدة البضاعة والمواد التي يعرضونها!.

يعج بالمخالفات

“البعث” تابعت الموضوع مع المعنيين، حيث أوضح المهندس حكمت إسماعيل نقيب مهندسي طرطوس أن بلدنا هو الوحيد بالعالم من حيث إشغال أرصفته ببضائع المحال من قبل أصحابها وتعديهم على الأملاك العامة، رغم أن نظام ضابطة البناء يلزم أصحاب العقارات التي تزيد مساحتها على 650 م2 أن يكون لديها مرآب، وهذا الكلام على المخطّط موجود لكن على الأرض – للأسف – لا وجود لتطبيقه، وإن إشغال الوجائب الأمامية أمام المحال وإحداث كراجات للأبنية عائد بتنظيمها إلى البلدية التي يجب أن تأخذ دورها في هذا المجال، ويتمحور دور النقابة بتصميم المخططات العائدة للأبنية والإشراف على تنفيذها من قبل مهندسين مختصين.

بدوره أشار المهندس جابر حسن عضو المكتب التنفيذي لشؤون البلديات إلى وجود الظاهرة وازدياد انتشارها، حيث تمنح إشغالات الأرصفة التي نفّذت لمرور الناس، موضحاً أن شارعاً بعرض أربعة أمتار ويأخذ التاجر منه متراً فهذا ممكن، لكن شوارعنا ضيقة وقد تكون بعرض متر أو متر ونصف ويأخذ التاجر نصفه أو كله لعرض بضاعته وهذا مخالف!.

من جهته بيّن المهندس أحمد عيسى عضو المكتب التنفيذي المختص بالمدن والبلديات أن “الكولبات” تعطى من خلال تراخيص من قبل مجلس المدينة والقانون المالي رقم/1/ لعام 1994 الذي يحدّد نوعية ومدة الإشغال والرسم مع المساحة، وعلى عاتق الوحدة الإدارية تنظيم هذا الموضوع، ونحن، (والكلام لعيسى)، عندما تردنا أي شكوى نرسل فريقاً فنياً يحدّد طريقة معالجة المخالفة ونوجّه الوحدة الإدارية بكيفية المعالجة، مشيراً إلى مسؤولية قيام الوحدات الإدارية بدوريات يومية لقمع المخالفات، وعند وجود أي مخالفة تعالج وفق أحكام المرسوم رقم /40/ لعام 2012 الذي يحدّد طريقة معالجة مخالفات البناء.

وعن الدور الذي يقوم به مجلس مدينة طرطوس وإجراءاته المتخذة حيال انتشار البسطات وحجز الأرصفة بقي دون إجابة لدى م. فراس المرعي مدير المهن والشؤون الصحية في المجلس رغم اتصالات عدة معه دون نتيجة، “ربما” يكون منشغلاً بقمع المخالفات.. نأمل ذلك!!.

المهندس حسان حسن، مدير الشؤون الفنية بمجلس مدينة طرطوس، بيّن أنه استناداً إلى نظام ضابطة البناء المصدّق لمجلس مدينة طرطوس والمتضمن في الفصل الثالث منه “يتوجّب على مالكي المقاسم المطلوب ترخيصها والتي تبلغ مساحتها 650 م2، فأكثر، إنشاء مرآب في القبو أو طابق الأعمدة إن وجد”، وهو ما يتمّ تنفيذه فعلاً ولا يتمّ إفراز أي بناء إلا بعد التأكد من تنفيذ المرآب والرامب الخاص بدخول وخروج السيارات، كما يسمح بإنشاء المرائب الطابقية على جميع المقاسم الواقعة ضمن المخطط التنظيمي للمدينة بغرض الاستثمار، على ألا يقلّ عرض الشارع عن 12 متراً وفق دراسة معمارية تؤمّن الشروط اللازمة لاستخدام البناء كمرآب طابقي توافق عليه المدينة، وبناءً عليه فقد تمّ فرض مرائب على جميع العقارات التي تخضع للشروط المنصوص عليها في نظام ضابطة البناء والتي تقدم مالكوها بطلبات ترخيص إلى مجلس مدينة طرطوس، علماً أن ترخيص المرائب تمّ العمل به منذ العام 2011 في نظام ضابطة البناء السابق وتمّ التأكيد عليه في النظام المصدّق والمعمول به في مجلس مدينة طرطوس حالياً”.

ختاماً 

يمكن القول إن سوء التنظيم العمراني للمدن أدى لحجز السيارات مكاناً لها في الشوارع، الضيقة أساساً. وللقضاء على تلك الظاهرة يتوجّب الإسراع بتنفيذ المخططات التنظيمية للمدن التي تراعي وجود مرائب للسيارات ينظم وجودها ويجعل من حركة عبور السيارات يسيراً مع احتفاظ المواطنين بحقهم في السير على الأرصفة المخصّصة لهم، وعند ترخيص أي عقار جديد يجب أن يضاف على ترخيص البناء إحداث كراج، كما يمكن إحداث كراج يتسع لأعداد كبيرة من السيارات تحت الحدائق العامة. وبالنسبة للأكشاك والبسطات وإشغالات الأرصفة فلا بد من قمع المخالفات وتنظيم وجودها بمكان واحد ضمن كل منطقة حفاظاً على الوجه الحضاري للمدينة وحرصاً على سلامة المواطن واستمرار الأعمال لتحقيق مورد رزق بما لا يضرّ بأصحابها.. فهل يتحقق ذلك؟!

دارين حسن