دراساتصحيفة البعث

الشعب المغربي ينقلب على “الإخوان”

تقرير إخباري

 

كان الانطباع السائد في المملكة المغربية، قبل انتخابات الثامن من أيلول الجاري، بأن حزب “العدالة والتنمية”، المحسوب على تيار “الإخوان المسلمين”، ليس في أحسن أحواله، وبالفعل فقد بيّنت نتائج الانتخابات أن الحزب تراجع بشكل كبير بسبب فقدان شعبيته في الشارع المغربي، وحصل على 12 مقعداً فقط بعدما انتشى بنيل 125 مقعداً في الانتخابات البرلمانية عام 2016.

بلغة الأرقام، خسر حزب “العدالة والتنمية” ما يقارب تسعين في المئة من مقاعده في مجلس النواب المغربي، وضاعت منه بلديات مدن كبرى وبعض القرى في المغرب، حتى إن رئيس الحكومة المستقيل نفسه سعد الدين العثماني، وهو الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، أخفق في نيل مقعد برلماني بعدما ترشّح في دائرة المحيط بالعاصمة الرباط، بينما تمكّن مرشّح شاب في مقتبل العمر، لا يحمل إرثاً سياسياً طويلاً، من أن يفوز بالمقعد.

لقد أحدثت هزيمة الحزب حالة من  القلق والتململ، وأعلن استقالة أمانته العامة عقب إعلان النتائج، وهذا يدعو للبحث في أسباب هذا الإخفاق، وكيف اندحر إسلاميو المغرب بشكل سحيق بعدما كانوا أبرز قوة برلمانية في المغرب؟.

لقد تقهقر حزب “العدالة والتنمية” في الانتخابات الأخيرة إلى المرتبة الثامنة بعدما تصدر المشهد السياسي عشر سنوات كاملة، كان حصادها مخجلاً كثيراً بكل المقاييس، تماماً كما كانت عاقبة التجارب “الإخوانية” التخريبية والمدمرة في كل من تونس وليبيا، والتي انتهت بفضائح الفساد، ونهب المال العام، ودعم الإرهاب، وضرب الاستقلال الوطني.

هذه النتائج لم تكن مفاجئة للشارع المغربي، لكنها كانت كالصاعقة على تقديرات كثير من المحللين والمراقبين، وبعض وسائل الإعلام التي ظلت متخلّفة عن الوعي الشعبي، ما يعني أن الشعب المغربي دشن مرحلة جديدة في تاريخ المغرب السياسي بعد أن ضاق ذرعاً من المشروع “الإخواني” الذي لم تجن منه شعوب المنطقة غير الدمار والإرهاب، ونهب خيرات وثروات البلاد، ونشر الفساد، ودعم الفاسدين والمفسدين والإرهابيين والخارجين على القانون.

في الحملة الانتخابية، لم يقدم حزب “العدالة والتنمية” خيارات وبرامج واضحة، بل ظل يكرر شعاراته الظلامية العائمة المألوفة نفسها، والنتيجة أن الشعارات الطنانة التي تخفي وراءها فكراً ظلامياً سقطت إلى الأبد، وهي نتيجة طبيعية لتصحيح المسار الإقليمي في المنطقة بعد كوارث ما أُطلق عليه “الربيع العربي” الذي روّج للإسلام السياسي، وأنتج أبشع قوى ظلامية مثل تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”، ودفع بهما إلى صدارة المشهد بخطط شيطانية، وسلوك إجرامي لم يشهد التاريخ أبشع منه.

الآن، ها هي الصحوة تصل إلى المملكة المغربية لتضع نقطة نهاية لهذا المشروع المدمر، وسبقتها تونس بدحر الغنوشي وحركة النهضة الإخوانية، وقبلهما الدولة السورية التي ما زالت تنبه من خطورة هذا التيار، وضرورة محاربته بكل الطرق والوسائل الممكنة.

 

ريا خوري